الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محمد فريد خميس فى ندوة «روزاليوسف»: أهملنا بريطانيا لمدة 60 سنة فاحتلها الإخوان




«نتائج هذه الزيارة لا يمكن أن تتحقق لو سافرت كل الحكومة المصرية إلى بريطانيا، لقد توصلنا إلى قناعة بأن ثورة يونيو هى تجسيد لطموح الشعب المصرى، الذى فى سبيله يسعى لخلق ديمقراطية ينعم بها».. هذه الكلمات جاءت على لسان أحد أعضاء وفد لوردات مجلس العموم البريطانى الذى زار مصر بدعوة من رجل الأعمال محمد فريد خميس، الذى أكد لـ«روزاليوسف» ردا على سؤال عن مدى نجاح الزيارة، بأن زيارة وفد لوردات العموم البريطانى كانت ناجحة وحققت هدفها.
فعقب ثورة الثلاثين من يونيو.. وخروج الإخوان من دائرة السلطة وعزل رئيسهم، فإن الموقف السياسى والاقتصادى لمصر كان بحاجة إلى جهود مضنية على المستويين الشعبى والرسمى، خصوصا أن الإخوان استغلوا تنظيمهم الدولى فى تكوين رأى عام دولى مضاد للثورة عبر علاقاتهم وما يشبه اللوبى الخاص بهم فى دول الغرب خصوصا بريطانيا، ومن ثم كان على أجهزة الدولة أن تتكاتف لتبذل كل طاقة وجهد ممكن لاقناع الخارج بأن الثلاثين من يونيو كان ثورة قام بها شعب واستجاب لهم فيها جيشهم، حفاظا على وحدة وترابط الوطن.
وبعيدا عن المستوى الرسمى يبرز دور رجل الأعمال ورئيس اتحاد الصناعات محمد فريد خميس فى هذا الصدد، دافعة فى ذلك وطنيته وانتماءه إلى هذا الوطن مصر التى يعترف بأفضالها عليه خصوصا أنه كان صاحب مبادرة دعوة صناع القرار فى الخارج ليأتوا إلى مصر بدلا من الذهاب إليهم، حتى تتاح لهم حرية لقاء القوى السياسية على اختلافها وإجراء لقاءات متعددة على جميع المستويات، فكان أن أخذ على عاتقه دعوة 11 شخصية من لوردات العموم البريطانى إلى مصر، حتى يطلعوا على حقيقة الوضع وأنه مغاير تماما لما تحاول الآلات الإعلامية المناوئة لمصر أن تنقله إلى الخارج وتحديدا بريطانيا، وقد حضروا إلى القاهرة والتقوا العديد من الشخصيات على المستوى الرسمى منهم الرئيس عدلى منصور والمشير السيسى، وعلى المستوى الدبلوماسى الشعبى التقوا قوى معارضة ورجال أعمال.
كذلك فإنه على المستوى الاقتصادى صاحب مبادرة محاربة الفقر فى الصعيد، فى ظل تخبط الحكومة الحالية واضطراب سياستها فى إدارة شئون البلاد، خميس لفت إلى أن أى مستثمر يبحث عن 5 عوامل فى اى بلد يريد أن يستثمر فيه، هذه العوامل جميعا لا تتوافر فى مصر فى ظل الوضع الحالى، التى تتعلق بالاستقرار السياسى وحجم السوق والبيروقراطية والضرائب والإعفاءات والمزايا، وإلى نص الحوار.
 

 
 
■ ما دافعك لهذه المبادرة؟
- أنا على اتصال واسع بالمصريين فى الخارج، سواء الدول التى أستثمر فيها أو غيرها، وعملى يحتم على هذا المنهج، فبعد ثورة يونيو لاحظت زيادة حركة ونشاط المعارضين لثورة يونيو فى عدد من الدول مثل امريكا وإنجلترا، خصوصا أن لندن تحديدا أصبحت تجذب جميع المعارضين لثورة يونيو، بل إن التنظيم الدولى لجماعة الإخوان اتخذ منها مقرا ومركزا ليدير ويحرك مختلف الضغوط على مصر.

■ نريد توضيحا أكثر!
- لا أبالغ إذا قلت إن هناك ثلاثة من أكبر مكاتب المحاماة فى العالم التى اتفق معها التنظيم الدولى للإخوان، لتقديم شكاوى ضد مصر إلى المنظمات الدولية لتجييش العالم والرأى العام فى بريطانيا ضد ثورة يونيو المجيدة.
من هنا بدأت أدرك أن لندن أصبحت تمثل خطورة، وأصبح لدى يقين بضرورة بدء حرب عكسية ضد التكتلات المعارضة، على الأقل لطرح الأحداث من وجهة نظر المواطنين المصريين لا المسئولين الرسميين.

■ وكيف تبلورت فكرة مخاطبة صانع القرار لديك؟
- التقيت الدكتور سمير تكلا المقيم بلندن، الذى يقود تكتلا يهدف إلى وصول وجهة نظر المصريين إلى الشعب البريطانى ومجلس اللوردات والحكومة البريطانية والإعلام بشكل عام، ومن هنا تبلورت الفكرة بشكل عام للتواصل مع بل الوصول إلى صاحب القرار فى بريطانيا لتفهم ما يحدث فى مصر بحيادية ومن دون ضغوط من لوبى معارض ليونيو.

■ حديثك يلمح إلى صعوبة فى التنفيذ؟
- نعم.. فقد أدركت فى تلك اللحظة أن علاقة مصر وبريطانيا أصابها إهمال واضح منذ عهد الرئيس ناصر ثم السادات فمبارك وأخيرًا مرسى، لدرجة أنه خلال ستين عاما لم يزر بريطانيا رئيس مصرى إلا مرتين فقط، وهذا مؤشر لإهمال تلك العلاقة من جانبنا رغم أن بريطانيا دولة لها ثقل سياسى واقتصادى مهم.

■ وكيف نجح الإخوان إذن فى تكوين لوبى فى بريطانيا؟
- لقد استغلوا هذه الإشكاليات والعلاقات شبه المنقطعة، إضافة إلى دعم التنظيم الدولى الإخوانى لهم، فنجحوا فى تكوين لوبى قوى مؤثر على الرأى العام البريطانى، خصوصا داخل مجلس عموم لوردات بريطانيا.

■ وكيف تمت الفكرة؟ 
- اتفقت مع د. سمير تكلا على أن ندعو 11 عضوا من مجلس العموم لزيارة القاهرة بدلا من تنظيم زيارات إلى لندن، وذلك حتى يتيسر لهم الوقوف على ما يحدث ومناقشة الشارع ومن يرغبون فى لقائه.

■ وهل استجابوا مباشرة؟
- نعم.. فالدعوة كان لها مغزى آخر، وهو أنها موجهة من مواطن مصرى بعيدا عن الدوائر الرسمية، وهذا يصب فى صالح حيادية الزيارة، ويعظم عائدها وفوائدها، ومن هنا كان إصرارى على ألا أحضر لقاءاتهم وحواراتهم مع الشخصيات الرسمية والمسئولين فى القاهرة، تاركا لهم جميع الخيارات والقناعات.

■ من المسئولين الذين التقاهم اللوردات فى القاهرة؟
- التقوا وزير الخارجية نبيل فهمى والرئيس عدلى منصور ورئيس الوزراء د.حازم الببلاوى، كما التقوا عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين التى وضعت الدستور، أيضا التقوا الفريق عبد الفتاح السيسى فى لقاء مهم استمر ما يقرب من الثلاث ساعات، كذلك كان لهم لقاء بالانبا تواضروس وشيخ الأزهر د. أحمد الطيب.

■ ومن الذى رافقهم فى هذه الزيارات؟
- د. محمود كارم سفيرنا السابق باليابان ورئيس وحدة الدراسات بالجامعة البريطانية.

■ وعلى المستوى الشعبى؟
- هذا هدف رئيسى لتلك الدعوة، فقد حرصت على تنظيم عشاء للـ 11 لوردا مع 60 شخصية من المعارضة المصرية حتى تحقق الدبلوماسية الشعبية هدفها بمساحة أوسع من التأييد، وكان على رأس هؤلاء د. سعد الدين إبراهيم ومجموعة من رجال الصناعة ممن لا يحملون أى صفات رسمية، لضمان حرية القناعات التى يتعرف عليها الوفد.

■ وما المحاور التى دار حولها اللقاء؟
- دار حول مستقبل مصر والاستقرار المطلوب للاستثمارات.. كما كشف الحوار عن حلم الإخوان بتأسيس إمارة إسلامية تبدأ بمصر حتى يمكنها بعد ذلك أن تلتهم كل من يقف ضدها، خصوصا أن شعوب الغرب فى نظرهم أى الإخوان كفرة.
وأريد هنا ألا يفوتنى الحديث عما قاله البابا تواضروس للوفد، إذ وجه لهم تساؤلا حادًا قائلا «أين كنتم عندما حرق لنا الإخوان 66 كنيسة، رغم أنكم تدعون حرصكم على حقوق الإنسان، فى الوقت الذى لم نسمع فيه صوتا واحدا يمثل الغرب من بريطانيا يدين حرق الكنائس وحرق المكتبات وتهجير الأقباط من منازلهم.. بينما الشعب المصرى وفر لنا كل المساندة بأغلبيته المسلمة».

■ وماذا كان رد فعل الوفد؟
- أحد اللوردات قال لى «لو أن مصر أرسلت إلى بريطانيا 100 شخصية متنوعة لنقل رسالة الشعب المصرى ووجهة نظره فى ثورة يونيو إلى البريطانيين، لما نجحوا فى تسويق ثورتهم مثلما تأكدنا على الطبيعة من خلال النقاش والحوار مع مختلف فئات الشعب المصرى والمسئولين من ان خروج المصريين فى يونيو هو تعبير وانعكاس لآمال الشعب وإصراره على المضى قدما فى طريق الديمقراطية»، كذلك فإن الوفد اتفق بعد زيارة القاهرة ولقاء المسئولين على أن ما يحدث فى مصر هو ثورة شعبية شاركت فيها الكنيسة والأزهر الشريف وأنها خيار الشعب المصرى.

■ وماذا كان انطباعهم بعد لقاء المشير السيسى؟
- أيقنوا أن الجيش انحاز لملايين المصريين، وأن ترشح المشير للرئاسة أمر يخص المصريين وحدهم، وهو ما يعنى أنه شأن داخلى لا اعتراض عليه.

■ هل تنوى تكرار الأمر على مستوى آخر؟
- نعم.. أود أن نكرر التجربة بتوجيه الدعوة لوفد من الاتحاد الأوروبى لزيارة القاهرة للوقوف على آراء وواقع المصريين من الثورة، وحتى يحصلوا على إجابات للأسئلة التى تدور فى أذهانهم.

■ هل ترى لهذه الزيارات مردودا على الاقتصاد؟
- طبعا.. إن استخدام الاسلوب الاكثر فاعلية فى تسويق الثورة لدوائر الراى العالمية، عبر دبلوماسية شعبية مؤثرة وفاعلة دون ضوضاء يؤدى دورا فى تهدئة وتهيئة البنية الأساسية فى عملية جذب الاستثمارات، فالهدوء والاستقرار السياسى والأمن ينعكس على الاقتصاد ككل، ومن جانبى كرجل أعمال ورئيس اتحاد الصناعات لا اترك فرصة لصالح زيادة الاستثمارات وحل مشاكل المستثمرين وتصب فى صالح المواطن إلا وأستغلها، فتحقيق رفاهية المواطن هى الشغل الشاغل للعملية الاقتصادية والسياسية ككل.

■ إذن كيف ترى الوضع الآن؟
- الضوابط متداخلة بين الاقتصاد والسياسة، ما يشكل جوا عاما يفرض على اتحاد المستثمرين والصناع بذل مجهودات كثيفة للوصول إلى نقطة الاستقرار.

■ وما الذى تقدمه فى هذا المجال كرجل أعمال؟
- حاليا تجاوز عدد العاطلين 14 مليونًا، ويزيدون كل عام 850 ألفا، ومن جانبى أبذل كل ما استطيع حتى نصل إلى نقطة الاستقرار السياسى، ما يعنى ضرورة توافر أمان وأمن وقانون وقضاء حر وديمقراطية وشفافية فى جميع المجالات بما فيها الاستثمار، وأيضا توافر العدل والمساواة فى المناقصات وغيرها، فهذا هو المناخ الجاذب للاستثمار الذى يشجع أى رجل أعمال على أن يضع أمواله فى استثمارات تجعل عجلة الانتاج تدور إلى الأمام.

■ وبم تنصح؟
- العمل.. فهو القيمة الأهم للتواصل مع الناس، ولى فى هذا الأمر تجربة عقب ثورة يناير 2011، إذ فوجئت بانقلاب سيارة تحمل عمال مصانعى، واخرى تمت محاصرتها وسرقة ما فى حوزة العمال من اموال، فأصدرت حينها قرار بوقف العمل فى مصانعى بالعاشر حفاظا على حياة وسلامة العاملين، فكان الرد أن حضر العاملون إلى المصانع ورفضوا توقفها، وأعلنوا عن رغبتهم فى العمل والإنتاج مهددين بأنهم سيفترشون الارض أمام المصانع حتى يتم فتحها، واعلنوا ان هذه المصانع ليست ملكا لمحمد فريد خميس، بل قالوا «ملكنا ورزق اولادنا، وفاتحة بيوتنا».

■ هل تعتقد أن اقتصاد مصر يمكن ان يتعافى؟ وما دور الحكومة؟
- مصر فيها فرص عمل غير مسبوقة فى العالم، فبها بنية أساسية متوافرة من موانى وطرق ومحطات كهرباء جديدة وزراعة، ولا ننسى اننا نعيش على 5% من مساحة مصر، إذن بـإمكاننا إنشاء مصانع.
لكن.. تعال ندقق أكثر فى عملية الصناعة والإنتاج، هناك مجموعة من العناصر يضعها أى مستثمر امامه حتى أقرر الاستثمار، هى: أولا الاستقرار السياسى، الذى يتبعه بالتالى استقرار اقتصادى واجتماعى، فمثلا إذا ربنا أكرمنا وترشح المشير السيسى رئيسا وتم انتخابه، يصبح لدينا رئيس، على أن نكمل تطبيق خارطة الطريق، إذا حتى الآن مصر تعانى سياسيا.
العنصر الثانى هو حجم السوق وقدرته على التعافى، والسوق المصرية عند دراسته يجب إضافة السوق الأوروبية له لوجود اتفاقيات مشتركة، وأفريقيا لوجود الكومسا، والسوق العربى لوجود 19 دولة بيننا وبينها اتفاقيات اقتصادية واضحة، والسوق الأمريكية لوجود الكويز، وغيرها من الاتفاقيات، إذا السوق المصرى بهذا الشكل العملى واعد وقوى ومتنوع ومفتوح وواسع، وهى وسائل جاذبة لأى مستثمر، فحجم السوق المصرية يصل إلى مليار نسمة وليس 90 مليونا فقط.
ثالثا، سهولة وتيسير الاعمال فيما يتعلق بالبيروقراطية الادارية، من اجل إنشاء شركات والحصول على الموافقات، فمثلا إذا أردت ان تنشئ مصنعا ستجد ان مصر من أعلى البلدان فى العالم بيروقراطية وتعقيدا، فلكى انشئ مصنعا للسجاد او الألياف أو البتروكيماويات سأبحث عن مجموعة عوامل، منها قطعة ارض فى منطقة صناعية، سعر المتر عندنا يصل إلى يتراوح بين 600 و800 جنيه فى حين فى امريكا المتر يعادل 28 جنيها، وفى تركيا يصل إلى 78 جنيها والصين 49 سنت، وهذه الأسعار تشمل المرافق، كذلك إذا أردت تجهيز المصنع فإن مصر من اعلى البلدان فى عمليات البناء والتجهيز، لأن معظم المواد مستوردة.
رابع هذه العوامل هو الضرائب، فأن أدفع ضريبة على ماكينات المصنع، فهى بدعة غير موجودة فى العالم كله، إذا فنحن هنا ندفع ضريبة مبيعات مضاعفة مرة على الماكينات ومرة عند الاستهلاك، إذن تكلفة الإنتاج هنا أعلى، وللاسف السوق المحلية يعانى، لك أن تتخيل أننا ندفع ضريبة مبيعات فى الوقت الذى يوجد فيه إعفاء للمستورد من السعودية او دبى.
آخر هذه العناصر، حزمة الإعفاءات والمزايا، فعلينا ان نؤمن بشعار «خلينى أعمل ربح وأحقق مكاسب وأنافس العالم.. ثم خد اللى أنت عاوزه منى ضرائب أو غيرها».
وهنا تأتى إجابة الشق الثانى من السؤال الذى يتعلق بالحكومة، فعندما تزول هذه المعوقات امام المستثمرين، حينها يمكن القول إن الحكومة غير مقصرة.

■ ما الأولويات من وجهة نظرك؟
- أنا شخصيا لا أعترف بالصعوبات، فنحن بصدد مبادرة لتنمية الصعيد ومحاربة الفقر فيه، فهناك حزمة من المشروعات لتنمية جنوب الوادى، وبدأنا بالفعل فى تنفيذ هذه الخطة.

■ هناك واجب أخلاقى على المستثمرين نحو أوطانهم، كيف يتحقق؟
- أنا بشخصي أميل إلى كل ما يصب فى صالح المواطن، فمثلا تلقيت عرضا لشراء او مشاركة فى قنوات فضائية او مواقع إلكترونية أو صحف، وقد رفضت من منطلق أننى مواطن مصرى لا أسعى إلى شو إعلامى، ولدى اهتمام بالوطن والمواطن، يتساوى مع اهتمامى بأهلى فى الشرقية والعاملين فى مصانعى، البالغ عددهم 19 ألفا و830 موظفا وعاملا، هم أسرتى الحقيقية، وأنا فخور بهم وبحبهم لعملهم وإخلاصهم، وهى صفات تاتى انعكاسا لشعورى إحساسى بهم، لذلك أرى رعايتهم الصحية فى مراكز طبية عالمية أو أكبر المستشفيات فى أو الصين او انجلترا أو فرنسا أو حتى امريكا، وهذا نتيجة لإصرار هؤلاء على استمرار العمل ودوران ماكينات المصانع.