الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التعليم العالى المختل بشدة فى مصر «2»




، بتكوينى الفكري، لست ميالا للخاص على حساب العام، ولكننى لا أستطيع أن أغض الطرف عن فشل الدولة فى سد العجز فى الاحتياجات، وعلى «تنطع» المهاجمين للجامعات الخاصة العاجزين عن إصلاح جامعاتهم، كما ألفت النظر إلى  كفاءة الإدارة الخاصة دون الإدارة العامة، وإذا كانت الدولة جادة بالفعل فى تطوير وتجويد التعليم فى مصر، عليها أن تتحمل تكاليف ذلك، وأن تتكفل هى بدفع تكاليف تعليم الطالب، سواء للجامعة الخاصة أو
الجامعة الحكومية، فهذه هى تكلفة التعليم العالى وعلى أى طرف أن يدفعها، سواء الدولة، وهى لا تستطيع  أو الأفراد ومعظمهم لا يستطيعون ويئنون بالشكوى لكن المصريين، وخاصة البورجوازية المصرية، تعلموا أن يضحوا بأى شىء حتى يوفروا تعليما جيدا لأبنائهم.

  لا أحد فى مصر اليوم يثق فى التعليم الحكومي، ومن يريد تعليم ابنه بلا مشاكل فإنه يرسله إلى الجامعات الخاصة. كما يكفى إلقاء نظرة على مجاميع الثانوية العامة التى تقبلها هذه الجامعات حتى ندرك أن المتفوقين فقط هم الذين يستطيعون الالتحاق بها، وأعلم أن بعض الجامعات الخاصة لديها قوائم انتظار طويلة لطلاب لم يجدوا مكانا بها، رغم مجامعيهم العالية وقدراتهم المالية.  بل إن «الأقسام الممتازة» فى الجامعات الحكومية «بمصروفات» هى التى تلقى إقبالا من الطلاب ويسهل على خريجيها العثور على فرصة عمل، وبعض هذه الجامعات الخاصة يطلب أصحاب الأعمال خريجيها بالاسم.

ومن المؤسف أن يطالب بإصلاح الجامعات الخاصة من فشل فى إصلاح الجامعة التى يديرها، ومن المؤسف أن تميز الدولة فى المعاملة بين الجامعات الحكومية والجامعات الخاصة، فهى محرومة من أية رعاية، ولا تستطيع أن تصدر شهاداتها، ويتعين عليها معادلتها كل عدد معين من السنوات، من جانب الجامعات الحكومية، لقاء إتاوة ضخمة. هل تعلمون أن الجامعات الخاصة ليس من حقها حتى الآن أن تفتح أقسام «الدراسات العليا» وهى المسئولة عن البحث العلمى لأنها حتى الآن لم تحصل على الإذن من أباطرة الجامعات الحكومية التى تعاملها على أنها مصدر للدخل يعالج التشوهات فى ميزانياتها غير الشفافة.

كل ما نريده هو أن تعامل الدولة الجامعات كلها، خاصها وعامها، بمبدأ المساواة، ودون تمييز، وأن تشملها بالرعاية، وأن تكف عن الاقتصار على اعتبار الجامعة الحكومية أنها الجامعة الحقيقية، واعتبار الجامعة الخاصة «دكان» أو «مقلة لب». الروشتة التى تقدمها ليندساى لإصلاح التعليم العالى فى مصر
نقلتها كلها من فلسفة الإدارة الصحيحة، إدارة الجودة، التى يفرضها الدستور الجديد فرضا، وتتضمن هذه الروشتة: أن تتوفّر الإرادة السياسية اللازمة لخلق نظام أكثر شفافية وإنصافاً. وأن تُمنح الجامعات سلطة الرقابة والسيطرة على ميزانياتها، وأن تبدأ مناقشة مفتوحة ومستنيرة بشأن توزيع الموارد
العامة. كما ينبغى أن تجرى مصر عملية إصلاح شاملة لطريقة توظيف جامعاتها الوطنية لأعضاء هيئة التدريس وقبول الطلاب، وتطوّر برامج جديدة تزوّد الطلاب بشهادات مفيدة فى سوق العمل اليوم. تقول الباحثة: «وعلى رغم الحساسية السياسية للقضية، فإن التزام الدولة بتوفير التعليم الجامعى
المجانى لجميع المواطنين بحاجة إلى إعادة تقييم. يتعيّن على مصر القيام بعدد من الإصلاحات الأساسية والصعبة لتحسين نظام الجامعات الحكومية المُثقل بالأعباء وضعيف الأداء. فهذا أمر ضرورى للتصدّى لتطلّعات الشباب المصريين والاستفادة من إمكاناتهم.»