الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خصوصية اليسار المصرى




كتب: أحمد محمد جلبى


من النادر الاستفادة من الشىء الضائع إلا فى حالة اليسار المصرى الآن، حالة التخبط التى تعيشها كوادره القديمة وعدم تواصلها مع الشباب، عدم الاتفاق على برنامج عمل محدد أو قوى، أحلام الماضى التى تسيطر على قياداتهم شبه السياسية، تنظيماتهم المهترئة التى يدارون عيوبها فى الادعاء انهم ناصريون وأن الشعب يسعى إلى عدالة اجتماعية ومحاربة الفقر والبطالة فى حين أن رموز اليسار المصرى الناصرى حاليًا مليونيرات، كتابًا ورجال أعمال وأصحاب ياقات بيضاء.. محامون يحصلون على الملايين، محاسبو ضرائب يشترون مكانًا لإيقاف سياراتهم بمئة ألف جنيه وطالع، مذيعون ومذيعات، الشىء المفقود المشترك بينهم هو فعلاً ما أهم عبدالناصر وسعى طوال حكمه للحصول عليه، فرص عادلة، كفاية إنتاجية، عدالة فى التوزيع، حق التعليم والتوظيف والعيش بكرامة متغلبًا على الفقر والمرض والجهل فكيف بالله العظيم سيفعل هؤلاء ذلك؟ لدينا يسار مصرى ليس لدى فرد واحد فيهم من الظاهرين على الساحة أو المفترض أنهم يريدون الوصول إلى السلطة لتطبيق نظريات وأسس عدالة اشتراكية أى انتماء فعلى لمبادئ وأسس المجتمعات بل ولا حتى تبنى النهج العلمى فى مصر، لدينا إذن إخوان بلا إسلام ويسار بلا اشتراكية ويمين فاسد رجعى متخلف حكم مصر  بدولة رجال أعمال لمدة ثلاثين عامًا فلا حقق طفرة صناعية أو تجارية أو زراعية ولا أحدث تطويرًا كمّيًا أو نوعيًا فى حياة المصريين ورغم ذلك فإن اليسار يقدم نفسه للمصريين على أنه الأقدر على قيادة أو المشاركة فى قيادة البلاد لبر الأمان، لذلك فلا تتوقعوا أن يُحدث أقطاب اليسار شيئًا قويًا يلمس ويحس سواء اكانو نوابًا فى البرلمان أو وزراء فى حكومة قادمة فالعيب ليس فى المبادئ بل فى الأشخاص الذين يعلون فى المناصب وهم مستفيدون من الفساد السابق وسيصنعون حتمًا فسادًا لاحقًا ولذلك فإن النصيحة الواجبة الآن أن تتحد الآراء حول رئيس جمهورية ذىخلفية عسكرية مثل المشير السيسى على الا ينفرد تيار بعينه فى تشكيل الحكومة الوطنية للفترة المقبلة، كذلك البرلمان ينبغى ألا ينتخب إلا الأشخاص أصحاب الرؤية والأمانة بصرف النظر عن انتماءاتهم الفكرية أو شهرتهم الإعلامية ومؤسسات الدولة توافق أو لا توافق على المرشحين بمعايير الأمن فلتضف لها معايير النزاهة والانتماء والسمعة اما حالة التيار الشعبى وحملة تمرد التى يسيطر عليهما هاجس أن تحكمان ثورة 25 يناير و30 يونيو فهما محقان فى طلباتهما تلك ولكن احذروا أن تختطف ثورتكم مرة أخرى من الانتهازية مثل ما حث وركب تيار الإخوان الخوارج على اكتافكم ووصلوا للحكم فأكثروا فى البلاد الفساد وما زلنا نعانى من وقف الحال والتفجير والمظاهرات الإخوانية، إن انتقاء الأشخاص بعناية خاصة فى المناصب التنفيذية العليا هو صمام الأمان الذى لن يسمح بتكرار تجربة الإخوان فى حكم مصر والتى هى السبب المباشر فى تآكل غطاء الاحتياطى النقدى والبطالة والتضخم بل وحتى التفريط فى أرض الوطن، والمعادلة الحل أو المفتاح هى أن تكون حكومتك المقبلة شبه يسارية لتنفيذ برامج وقف اهدار المال العام واسترداد حيوية ومؤسسات القطاع الخاص والأعمال والعام والسيطرة على الأسعار والقيم الاستهلاكية وزيادة الادخار الذى يخدم فقراء الشعب ويحول دون الوصول بالفقر إلى درجة التفشى والانفجار والميزة هنا انتماء التيار اليسارى رغم عجزه الإدارى وخياله الكسيح إلى المحافظة على الدولة ومؤسساتها وعدم التفريط فى أراضيه ومكانته أما باقى المعادلة فتمثل تطعيم الدولة باليمين الشريف ذى الصبغة الإسلامية الصحيحة ثم تتعاون مع الحركات ومنظمات المجتمع المدنى ليبرالية التوجه بلا غلو أو تطرف للوصول إلى مجتمع يمكن أن ينهض فى أعقاب ثورة يضمن فيها رأس الدولة ذو الخلفية العسكرية ألا يصعد تيار يبيع أو يفسد الوطن ولآن السنوات المقبلة القليلة هى التى تشكل حجر الزاوية فى مستقبل مصر فلا بد أن تلقى مقاليد الأمور  فى يد القوى الأمين والجيش المصرى هو القوى العاقل الذى تخلى عن السلطة فى السابق حين أتت الانتخابات بالرئيس مرسى الضعيف غير الحصيف، فلتختاروا إذن بثقة من تقفون خلفه؟

باحث ـ معهد البحوث والدراسات الإفريقية