لن يمروا وستنتصر مصر الجديدة الصاعدة إلى النهار
صلاح أحمد نويره
الحياة غابة من الاسئلة.. كثيرون يتوقفون عن السؤال لحسابات خاصة بهم.. لو امتثلنا لعدم السؤال فهى طاعة العبيد.. لو عوقبنا على السؤال فكفى شرف المحاولة.. ولو امتنعنا عن توجيه السؤال لسلختنا ضمائرنا عقاباً.. حين نسأل ويكون الجواب أن بعض الصحف ترتدى عباءة الإخوان وتتظاهر بعكس ذلك.. مثلهم مثل بعض المثقفين الذين يمسكون العصا من المنتصف.. فهل نطلق على هؤلاء النخبة أم نجوم السيرك السياسى؟ هل فى السؤال عورة.. أم العورة فى الإحجام عن السؤال؟!
وعندما يكون السؤال: ما أخطر ما تواجهه بلادنا فى هذه اللحظة الحرجة والدقيقة والخطرة؟! وتكون الاجابة: تردى مستويات تفكير وأداء غالب النخب السياسية والأكاديمية والإعلامية على اختلاف انتماءاتها الأيديولوجية والفكرية.. والاستثناءات محدودة.. وهو ما يظهر بوضوح فى ضعف الخطاب حول المرحلة الانتقالية من حيث أبعادها المتعددة.. على سبيل المثال لا الحصر.. التبسيط الشديد المخل والانطباعات المغلوطة حول المشكلات وهل هى حقيقية أم يعتريها التضليل.
غياب الرؤى والأفكار المؤسسة على دراسات دقيقة ومعمقة لصالح الشعارات الجوفاء.. الميل إلى العنف اللفظى والخطابى كتعبير عن ضعف فى الموقف السياسى وأطروحاته وأسانيدة وحججه.. أيضًا النزوع المفرط إلى لغة الشارع والعوام ليس تعبيراً عن الرغبة فى الارتباط بالجماهير ولغتها العامية وآرائها المشوشة بهدف تصحيحها وتوضيح الحقيقة، وإنما عن عجز وضعف فى مستويات التكوين والمعرفة.. من ناحية أخرى يبدو سيطرة الفكر اليومى المتغير من لحظة لأخرى بديلاً عن الفكر الاستراتيجى والتخطيط طويل المدى.. ومن ثم يظهر فقر الدم المعرفى طاغياً على الانطباعات السائدة.. ويظهر بوضوح فى لغتهم الخشبية التى توضح معنى ولا تصل إلى هدف.
إن بعض قادة الأحزاب القديمة والجديدة وبعضًا من نجوم اللحظة السياسية الانتقالية يلجأون إلى لغة العنف والهتافات الصاخبة لتأكيد مكانتهم أو محاولة تثبيتها عبر التهديدات والوعيد بينما أغلبيتهم لم يكونوا سوى ظل باهت لنظام مبارك وحاشيته المتسلطة والفاسدة التى عجزت عن امتلاك الكفاءة والموهبة فى إدارة شئون البلاد والعباد.
أخطر ما فى مصر الآن هو بعض النخب التى تساعد على نشر الفوضى الفكرية وتشويه وعى الجماهير وبعضهم يحرضونها على انتاج الفوضى والخروج على قانون الدولة وسيادته.. ويبررون الضغط الفئوى والمطالب الاجتماعية قصيرة النظر للجميع وفى مواجهة الجميع.
كأن مصر أصبحت دولة عظمى واقتصادها ضخمًا.. وكأن معجزة ما حلت من السماء ونقلت هذا البلد الفقير فى موارده بما فيها من ضعف الموارد البشرية فى التعليم والتكوين والتأهيل والخبرات.. إلى بلد صناعى وزراعى ومعلوماتى ملأوا الدنيا صراخاً وعويلاً وبكاء تحت دعوى الحرية.
إنها نخب الغيبوية التاريخية والضياع والفكر المتخلف.. حيث يتشرنق أغلبهم حول أرحام الأفكار الأولية لليبرالية واليسارية والقومية والأيديولوجيات التقليدية واللا تاريخية حول بعض ابتسارات الفكر الإسلامى الوضعى فى الفقه والتأويلات البشرية وبعض الفتاوى القديمة التى فارقت عصورها وزمانها وسياقها والأخطر أسئلة عصرها.. بتبسيط وأهواء ومصالح وأيضاً شبهات المال السياسى الحرام تعربد وتعيث فساداً سياسياً جديداً وفوضوياً ولا أحد يسأل هؤلاء وأولئك من أين لكم هذا؟!
الجميع يعلم أنهم يقومون بكل وقاحة وتبجح بشراء بعض الأصوات المؤيدة لهم تحت ضغط الحاجة والفقر فى سوق النخاسة السياسية.. ولا أحد يسأل أو يستفسر للأسف بعض هذه النخب لا يزال ينشر فى مجتمعاتنا الجهالة والفساد وإصدار الفتاوى السياسية والدينية فى مختلف شئوننا الحياتية.. ولا يخرج من يقول لهم كفى.. كفى تفكيرًا سطحيًا وساذجًا يسيطر على غالب نخب المرحلة الانتقالية الثانية بعد ثورة 30 يونيو وعجز عن الفعل السياسى الجماهيرى وعن القدرة على انتاج الأفكار الملهمة.
إنهم مغيبون عن زمن العالم الهادر بالمعرفة والانتاج والفعل السياسى وذلك لصالح رغبة عمياء فى الانقضاض على العملية الثورية وكسرها وتحويلها إلى لحظة ولت أو هبة أو تمرد لجيل الشباب فى أفضل الأحوال.
إنها نخب الفوضى تشيع بين الشعب الحنين للاستبداد والمجتمع المغلق والدولة البوليسية، وبعضهم يريدون أن يتحولوا إلى طغاة جدد.. وإلى حزب وطنى بلافتات الحرية والعدالة بدعوى المصالحة والديمقراطية والعدل ومعهم بكل تأكيد النظام القديم والجديد قبل 25 يناير وقبل 30 يونيو.
إنهم لم يتعلموا الدرس.. الصدمة.. الذى فاجأهم أن هناك جيلاً جديداً وأفكاراً مختلفة ولغة مغايرة ومنطقاً جديداً.. سيفرض نفسه على الجميع شاءوا أم أبوا.
فلتذهب الشيخوخة السياسية وجميع محاولات سرقة «روح مصر الجديدة» إلى الجحيم.
إن الذين يتصورون أنهم فوق المصريين وأسيادهم سيدفعون الثمن باهظًا وسيخضعون للمساءلة السياسية والأخلاقية والجنائية على جرائم قتل أو جرح أو إصابة فلذات أكباد وازهار الوطن أو من خطفوا أو سرقوا كسرة خبز من فم جائع أو حبة دواء تخفف الألم عن مريض فقير يتألم.
نؤكد لن يمروا وستنتصر مصر الجديدة الصاعدة للنهار.