الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى معرضه بجاليرى مصر.. محمود حامد يعيد تقديم الحضارة بلغة «النقش»




كتبت- سوزى شكرى

فى البدء كان «النقش» هو أول خطوات الإنسان للتوصل إلى لغة تفاهم، النقش كان يتكون من الرموز والاشارات والعلامات التى وصفت فى بعض الأبحاث بأنها رموز كالوشم، ثم انتقلت الحضارات من مرحلة النقش الى مرحلة التبسيط والاختزال للعناصر الطبيعية، والتعبير عنها بالاشكال الهندسية المجردة، ثم انتقلت الكتابة الى مرحلة التمثيل البصرى للعناصر والاشياء ورسم العناصر بشكل خطوط تقترب من شكلها الحقيقى وهذه الكتابة التصويرية، وتم ذلك على مر العصور القديمة عن طريق النقش على الصخور والاحجار.

من هذا المعادل البصرى والثقافى والجمالى لخلق لغة مرسومة بالنقش على مر العصور قدم الفنان التشكيلى الدكتور محمود حامد تجربته الفنية التشكيلية ومعرضه الجديد تحت عنوان النقش –EPIGRAPHY  المقام بجاليرى مصر بالزمالك، من خلال 18 عملاً طرح الفنان قراءة بصرية وصياغة للنقوش عبر التاريخ بشكل معاصر وحداثى، وهذه القراءة البصرية غير مطلوب فيها من الفنان أن يقدم النقوش بصورة سردية كما هي، بل يقدم حلولاً ومعالجات تشكيلية جديدة، والمعالجات تكون لها علاقة بجوهر النقوش، وليس بالشكل الظاهرى، وهذا ما اعتمد عليه الفنان فى أعماله المعروضة.

عبر الفنان بالمعالجات التشكيلية عن الرموز والعلامات القريبة من شكل الوشم والطلاسم والشفرات التى لها دلالات ومعانى وقيم ومضمون يختلف بحسب كل عصر، واخذت الرموز اشكالاً خطية متنوعة ومختلفة الصفات تقترب من اشكال الوشم والرسوم التعبيرية، واشكالاً هندسية بعضها متشابكة وبعضها متداخلة قصدا لتضفى قيمة جمالية على التكوينات، والبعض الآخر خطوطاً زخرفية مختزلة لعناصر آدمية ونباتية، ثم اضاف شخصيات تعبرعن احد العصور القديمة، ليعيد التعامل مع الحضارات بلغة معاصرة، مثل «وجوه الفيوم» او الايقونة القبطية التى وضعها بين الرموز كشاهدا على استمرارية التواصل والاتصال بين الحضارات، وفى مجموعة أخرى من الاعمال وضع بورتيرهات لشخصيات من ازمنة مختلفة، يبدو عليهم فى حالة تسال وتصارع وحوار ترميز بين القديم والمعاصر، واستثمر المساحات والفراغات لتشكل قيماً حسية من اتزان الفراغات.

الاعمال تقترب شكلاً من اللوحة التصويرية ولكنها لوحة تتسم بالبنائية والتركبية جمعها الفنان من عدة شرائح ورقية قوية وسميكة متداخلة الأجزاء، حتى لا تظهر اللوحة بالشكل التقليدى النمطى، وأيضاً لكى تعطى أكثر من فكرة فى عمل واحد، لتبدو كأنها قطع من الاحجار اوالصخور التى عثر عليه فى الكهوف، وتوحى بان المكتوب هو احد النصوص الإنسانية  الحضارية.

ولاستحضار روح النقوش التاريخية القديمة استخدم الفنان التقنيات الجرافيكية، ولعبت الملامس التراكمية الدور الاكثر جمالا، واستخدم الخربشة والضغط والتشكيل بالمساحات والفراغات والتخريم والثقوب والنقش بالحفر البارز والرسم والتلوين، كلها ادت الى وجود فكرة الغموض التى تمنح المتلقى فرصة للتأمل والاستنتاج.

كما استخدام الفنان مجموعة لونية تناسب وجود البعد الزمنى على النقوش، وهى اللون الازرق والبنى والاصفر الرملى الذى يعبر عن الارض، واللون الذهبى الذى هو ذى حد ذاته، له صفة الخلود والقداسة فى الفن المصرى القديم الذى يعكس الحضارات المصرية.