الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إسماعيل حامد: «رائحة الشوام» توثيق لبحث السوريين عن الأمان فى مصر




كتبت- رانيا هلال

تطل علينا محافظة المنصورة من آن لآخر بأديب جديد كل فترة، وحديثا صدرت مجموعة قصصية جديدة بعنوان «رائحة الشوام» للدكتور إسماعيل حامد، حيث تعزف المجموعة بصفة عامة على وتر النفس البشرية وتقلباتها بين الموروث والتغيير فى 42 قصة قصيرة وبعض الأقصوصات، تتنوع بين الرومانسية والكلاسيكية والسياسية والطبية، لتكون موجة عامة لكل ما يمر بنا من أحداث ومستجدات، جاء عنوان المجموعة «رائحة الشوام» ليكون توثيق لزحف السوريين إلى أرض الكنانة فرارا من بطش النظام فى سوريا، تلك الظاهرة التى توضحت معالمها منخرطة داخل مجتمعنا المصرى لتستمر إرهاصات الربيع العربى ودوافعه ونتائجه وقد صدر للكاتب رواية «سرداب الجنة» 2012 ومسرحية «حشو العصب» 2013.
 

■ ما الذى تحمله رائحة الشوام فى مخيلتك لتصبح عنوان مجموعتك القصصية؟


- حقيقةً لم يكن هذا العنوان هو المطروح الأول ليُزيّن المجموعة، فالعنوان الأول لها كان «ليلة شتوية حارة جداً»، لكننى وجدته طويلاً رغم إيقاعه الجذاب،فاستقر بيّ المقام ليكون (رائحة الشوام) هو العنوان البديل، تلك القصة هى آخر ما كتبت فى المجموعة وتمثل الحدث الأهم الذى تدور حوله كونها تطرح وبكل قوة إشكالية ثورة الشام وربيعهم المأمول، فالقصة تحمل الكثير من المعانى فى إيجاز بادٍ، لكنها تُعبر بكل جرأة عن واقع أليم يعيشه أهل الشام أجمعهم.

■ تضمنت القصص بعض من افكار التنمية البشرية فهل وجدت ضرورة للاستعانة بها؟

- حاولت لمراتٍ أن أهرب بقلمى من تلك الأفكار التى تُسيطر على عقلى لأكتب أدباً يخلو من مُنغصات التنمية البشرية ومثاليتها الخيالية لكن تنقيح بعض القصص ببعض تلك الأفكار كان ضرورياً بالنسبة لى وإن اختلف حوله النُقّاد و القُرّاء، بيد أن التنمية البشرية علمُ رفيع أثبت ببعض الجدارة انتماء الكثيرين لأفكاره وأطروحاته فوجدت بعض الضرورة لمثل ذلك.


■ كيف وقعت بعض شخصيات القصص ضحية للثورة فى رأيك؟

- فى الثلاث سنوات الأخيرة ظهر جلياً ما يُسمى بأدب الثورة أو إحياء أدب الثورة الذى مات جُزيئاً بعد ثورة يوليو 1952 فتسارعت الأقلام فى هذا الدرب حتى أن شبح الثورة استوطن بكل قوة فى قرائح أقلام هذا الجيل و الجيل السابق، فإن كان الأدب هو مرآة العصر فكيف لا نكتب وبكل جُرأة وحماسة عن ثورتين فى عامين أو أقل .. فظهر ذلك جلياً فى بعض شخوص المجموعة.

■ حدثنا عن ظروف كتابة المجموعة؟

- كتبت المجموعة على مدار سنتين لفترات مُتفرقة حتى أننى قضيت بضعة أشهر لم أخط فيها قلماً وعلى النقيض أيضاً أنهيت ثُلثها فى وقت وجيز، وددتُ منذ اللحظة الأولى فى كتابتها أن تكون متنوعة فى الطرح و الفكرة و الأسلوب فجاءت فى ثلاث محاور أساسية وهي: الثورة، الطب، والحب لتمثل مثلثاً لأفكار دارت فى رأسى على مدار هذين العامين.

■ كيف ترى توغل السوريين فى مصر وكيف أثر هذا على بنية لمجتمع المصرى؟


- نزح السوريون بأسرهم وعوائلهم إلى مصر فراراً من واقع فج، آملين فى بعض الراحة والأمان، فى البدء كانت أعدادهم محدودة ثم تزايدت تلك الأعداد رويداً رويداً ليملؤوا مُدناً بأكملها وينخرطون فى المجتمع المصرى بأفراحهم وأحزانهم وطقوسهم فى الطعام والشراب وغير ذلك فأخيراً وجدنا مطاعم الشوام ومدارس الشوام ومحال الشوام تملأ شتى المناطق المصرية وإن استقروا أكثر فى الأسكندرية ودُمياط وبعض المناطق الريفية وأصبح ذلك ظاهرةً جلية تستحق الانتباه.

■ نرى تأثير نجيب محفوظ واحسان عبدالقدوس حدثنا عن مكانتهم الادبية بالنسبة لك؟


- لا يكفى الكلام فى سطرين أو أكثر للحديث عن عملاقين أدبيين مثلا لى ولغيرى من شباب الأدباء الكثير والكثير، فالأول صاحب المدرسة المُدهشة فى الوصف والمُؤانسة والحكى والثانى صاحب المدرسة الرومانسية المجتمعية الحالمة، أعترف ولى الفخر أننى مُتأثر للغاية بأسلوب وحكايات كبير الروائيين بلا منازع، قرأت أعماله التى قاربت الأربع والخمسين، فى كل منها كنت أشعر بوجوده بين السطور يحكى بلسانه العليم ما يضمره غيره، يرسم لنا صورة طبق الأصل لما يحدث فى الحارة والمدينة والجامعة ومصر الفرعونية كذلك، أما الرائع عبد القدوس فقد مثّل النموذج الأول للكتابة السينيمائية المُبهجة، أذكر أننى قرأت رائعته «أنا حُرة» مرات متتالية لأقر بشدة أننى أنهل من هذا النهر الأدبى الوافر.


■ هل لاقت المجموعة الاحتفاء الذى توقعته من النقاد والجمهور حتى الآن؟

- جماهيرا أعتقد ذلك، أما أدبيا فلم أقيم الندوات الأدبية الكافية لتغطية المجموعة بالكامل، فالمجموعة دسمة وبحق كونها تضم بين طياتها أكثر من إثنين وأربعين قصة متنوعة فى الطرح والأسلوب والفكرة غير أننى سعدت جدا برأى بعض القراء والمقربين وإشادتهم بالمجهود الملحوظ فيها على حد قولهم، فى الأيام القليلة القادمة أنتظر صدور دراسات أدبية وقراءات حول المجموعة من الكثير من النقاد، ليكللوا بذلك جهدى وحماسى، إننى أرى أن النجاح الحقيقى للكاتب يأتى من إشادة مبهرة من فلان لا يعرفك أصلا غير أنه قرأ وبقلب واع ما كتب، وقدر بكل حكمة المجهود المبذول.

■ ناقشت فى عدة قصص فكرة الصراع بين الموروث والتغيير فكيف تناولتها؟

- الصراع النفسى الأزلى بين الموروث والتغيير قائم وبكل حتمية على أرض الواقع مهما حاولنا أن نضفى جوا حميميا بين هذين الضدين التليدين لأنها سنة كونية لا مناص عنها، فتلك النفس التى تثور وبكل قوة عن عرض ما لا تخاف أبدا من التمسك بالقليل من الموروث، وأنا أرى أن الموروث الكامل خطير كما أن التغيير المبالغ فيه أخطر، فالعلاقة من وجهة نظرى تكامل وتواصل بين أجيال وأزمان لخدمة الإنسان فى كل وقت وحين ليس أكثر، تلك هى المتعة بحق أن تغير ما تريد تحت عباءة وأصالة ورونق المورووث.


■ هل أضافت مهنتك كونك طبيبا الى الجزء الادبى فيك؟

- بكل تأكيد، فأدب الأطباء فرض نفسه وبقوة على الساحة الأدبية والتنويرية، ظاهرة ملفتة وبحق ظاهرة الطبيب الأديب، فهذا السؤال الذى يطؤر على مسامعى مرات ومرات عن ماهية العلاقة بين الأدب والطب يزعجنى جدا، كون أن هناك من لا يرى فى الأصل ثمة علاقة بين هذا وذاك، وكيف ذلك وحياة الطبيب مليئة بالأفكار والتجارب التى يمكن صياغتها فى قالب أدبى بقليل من الجهد. فذاك الذى يطلع وبشكل يومى شاء أم أبى على تجارب حياتية تلقى عليه فى حكاوى عفوية لا يجد جهدا فى ابتكار فكرة ما، لأن المادة الخام تقدم له دون أن يدرى فى سلاسة.

■ ماذا عن اعمالك القادمة؟


- أعكف حاليا على كتابة رواية طويلة أعتقد أنها ستكون من الركائز الأساسية فى حياتى الأدبية القادمة لأنها تمثل لى الشجن والضمير والصرخة فى قالب كبير هو الإنسان الذى لا يخلو جرابه أبدا من كل ما هو عجب العجاب، وانتظر صدور ديوان شعرى قريبا وتنقيح بعض قصص مجموعتى القصصية التى ستصدر قريبا فى معرض الكتاب القادم إن شاء الله.