السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المشير السيسى فى مولد الإمام الحسين




فى الليلة الكبيرة لمولد الإمام الحسين يمتلئ المكان بالبهجة والأضواء والحيوية.. والروح المصرية المحتفلة بالحياة» غير عابئة.. أو خائفة من تهديدات الإرهاب.. أكثر من مليونى محب ومحتفل.. نماذج مختلفة من البشر.. مستويات ثقافية واجتماعية متعددة.. مناطق صاخبة.. وأخرى للتأمل.. الكل جاء طلبًا للمدد وحبًا للحسين.. ستقابل الدرويش الهائم فى الملكوت يتمايل مع حلقات الذكر منصرفًا عن الدنيا وستقابل من يخدم بهمة وتواضع زوار الحسين.. ويقدم لهم ما يجود به الكريم من صنوف الطعام.. وستشاهد السقا يحمل قربة الماء على ظهره وفى يده عدة أكواب يلف الميدان يروى عطش المحبين.. زحام المولد خلق فرص عمل لمئات الأرزقية الذين وجدوا فى تجمع المحتفلين باباً للرزق فجاءوا بالحمص وحب العزيز والحلاوة الشعر والبلالين والطراطير يلتمسون سبيلًا للقمة العيش.
ولأن الزحام شديد ستجد من يحذرك من الزحام خوفاً عليك. كما فعل صديقى أشرف أبو الريش.. أو من يرحب بك ويفيض كرمًا صاحب الدعوة الصديق الحسين عبدالفتاح أو تكتشف دراويش فى حب آل البيت كأيمن غازى وطه النجار «المولد» حدث يلتحم ويتفاعل مع ثقافة وتقاليد المكان كما انه مناسبة للذاكرة للاهتمام والتدبر والتفكر فى ذكرى مولد الحسين يعيد إلى الاذهان ما تحمله إبداعات وكتابات أدباء ومفكرين مصريين من أهم رموز الثقافة المصرية حيث تسطع شخصية الحسين واسمه كما في ثلاثية أديب نوبل نجيب محفوظ ومسرحيات عبد الرحمن الشرقاوي الحسين ثائرًا والحسين شهيدًا إضافة إلى كتاب الحسين أبو الشهداء لعباس محمود العقاد.
وفى ذكرى مولد الحسين هذا العام تقف مصر فى مواجهة قوى البغى مدافعة عن وسطيتها وتسامحها وتنوعها وأسلوبها فى الحياة البعيد عن التعصب والتطرف.
والحسين بكل ما يمثله من قيم ومبادئ راسخ فى عمق الشعور المصرى.. هو مرجعية فى ثقافة المقاومة  دفاعاً عن الحرية والعدل.. بقدر ما هو البرهان على أن للحرية ثمنها.. وقد يكون الثمن هو الروح ذاتها.. وأن قدر المناضل فى سبيل الحرية أن يعيش واقفًا ويرحل واقفًا. وفى المشهد العام لما عرف بالفتنة الكبري» وتاريخ كفاح آل البيت الكرام من سيدنا على بن أبى طالب إلى ابنة الإمام الحسين لم تكن القصة قصة مواجهة مع الطغيان والقسوة والبطش.. وطموحات الملك العضوض فحسب .. وانما هى قصة الخديعة الكبرى فى تاريخ الأمة والتى مازالت تتجدد بجماعات وشيع ورفع المصاحف على أسنة الرماح.
إنها خدعة استخدام الدين فى لعبة السياسة والمكاسب الدنيوية فهل يمكن القول إن الثورة الشعبية المصرية فى 30 يونيو هى ثورة «كربلائية» ثورة ضد الفساد والاستبداد كما هى ثورة ضد الطرح المغلوط للشعارات الدينية بهدف الوصول للسلطة ونهب البلاد والعباد والسيطرة على مفاصل الثروة ومقدرات الشعب وإفقار الشعب الكادح وتقديس بشر لا يجوز تقديسهم..
فالقوى الإرهابية التى كشفتها واسقطتها الثورة الشعبية فى 30 يونيو لم تتورع عن شد مُثل وقيم الدين من عليائها وتوظيفها لصالح الهيمنة المطلقة على الشأن العام واحتكار السلطة وفرض الوصاية على المجتمع وتكريس خطاب الطاعة لمزيد من الظلم.. وترويع الشارع بالمظاهرات وعمليات التخريب والقتل ونشر الأعلام السوداء والصفراء بدلًا من علم مصر.
من هنا فهى قوى مضادة للثورة كما انها قوى مضادة لثقافة الحسين القائمة على الصدق والتضحية.
صيحة الحسين الخالدة فى ذاكرة الزمان وحتى قيام الساعة «انصرونى حتى لا تستذلوا» ستبقى دومًا ملهمة بقدر ماهى مدد للحرية والعدل فى مصر المنعتقة من أسر الجماعة المشئومة.
مصر فى عمقها النضالى الروحى لا تعرف تناقضات بين الأقوال والأفعال ولا تقية الانتهازية الإخوانية.. فهى مستعدة كما يشهد التاريخ للحظات المواجهة الحاسمة مع قوى الظلم المتجبرة كما حدث فى عين جالوت وحطين فغيرت الجغرافيا السياسية للعالم.
وكأن التاريخ يعيد نفسه.. هناك  لحظات تقف فيها الدنيا على أطراف الأصابع.. وهو ما حدث عندما خرج الشعب المصرى بالصدور العارية ليتحدى  مرتين نظامين للحكم وتواجه مصر وحدها جبروت قوى الهيمنة العالمية التى تصورت أنها صاحبة الإرادة فى رسم الخرائط الجديدة للعالم وتفكيك الدول وإقامة دويلات تتفق مع مصالحها.. ومن جديد تغير مصر الجغرافيا السياسية للمنطقة والعالم.
ثورة 30 يونيو المصرية قامت لتواجه تأصيل الطغيان وإعادة إنتاج خديعة رفع المصاحف على أسنة الرماح معلنة للعالم أجمع.. أن الشعب المصرى لن يسمح أبدًا بتوريث الحكم لفرد أو جماعة مهما حاولت ارتداء عباءة الدين لتخفى ديكتاتوريتها واستبدادها.
ستبقى مصر وفية لثقافة الحسين وقيمه وستبقى هويتها معبرة عن تراكم خبرات تاريخية وحضارية متعددة بقدر ما تعكس وسطية الإسلام وتوقر آل البيت والصحابة وتجلهم.. كما سيبقى الأزهر حصن «السنة والجماعة» والدرع القوية التى تعزز المناعة الثقافية لمصر فى مواجهة أى محاولات للتحريف أو الإختراق المذهبي.
لا أستطيع أن أنكر أن ما دفعنى إلى التأمل والتجول فى كتاب التاريخ وتقليب صفحاته.. وأيضًا ذكر بعض من بطولات الإمام الحسين وكلماته الخالدة.. هو هذا الحضور الطاغى للمشير عبد الفتاح السيسى فى هذه الاحتفالية وهذه اللافتات الضخمة التى ازدانت بها أرجاء المكان مؤيدة ومطالبة للمشير السيسى بأن يكون رئيسًا لمصر.
الحضور على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية من أستاذ الجامعة مرورًا بالطبيب والمهندس والعامل والفراش يريدون الاستقرار ينشدون التنمية.. يتطلعون لمصر قد الدنيا لقد استشعروا صدق المشير السيسى ووطنيته فنادوا به رئيسًا لمصر.
مصر تستلهم صيحة الحسين وهى صيحة الحرية وفرحتها وانتصارها المطلق فى الصراع الأزلى بين الخير والشر رغم الدم الطاهر الذى سال.. فسلام على الحسين فى ذكرى مولده وسلام على مصر وطن الأحرار.