الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

آلاف يحملون لقب «ناشط سياسى» ولم أجد من يطلق على نفسه «ناشط بنائى»




كتبت- سوزى شكرى
كيف يكون شكل الابداع الفنى إذا كان صاحب الإبداع هو طبيب وجراح عيون وشاعر وعازف بيانو وموسيقى وفنان تشكيلي؟ بالتأكيد سنجد أنفسنا أمام حالة فنية وجمالية خاصة جدا، انه الفنان التشكيلى فريد فاضل الذى  يعالج آلم البشر ويعبرتشكيلياً وفنيا عن آلم الانسان المصرى البسيط، عاشق لمصر، ومؤمن ان لكل مكان فى مصر سحر وجماله، ومصر هى مشروعه الفنى عبر عنها بعدة صياغات تشكيلية واقعية وتأثيرية من خلال تناوله لموضوعات الإرث الحضارى الفرعونى والإسلامى والقبطى والشعبى.


ويشهد على عشق لمصر معارضة السابقة التى من بينها (الصعيد من جديد – مصر التى اعرفها – البحث عن النوبه – بحرى – استعارة من كتاب وصف مصر –  بين عشق مصر والجنون بها - هنا القاهرة وغيرها من المعارض،  واليوم يعاود عشقه ومعرضة الجديد تحت عنوان « مصر بلدنا كلنا « المقام بقاعه بيكاسو بالزمالك، الذى يستمر الى يوم 14 مارس، يضم المعرض 40 لوحة تصويرية بالالوان المائية والزيتية،  وبالمعرض قصائد شعريه مصاحبه للوحات من تاليف الفنان تكمل الجانب الواجدانى والحسى للموضوعات وتعبر عن مشاعر دافئه استلهمها الفنان من مصر الزمان والمكان.

يستخدم الفنان  الحكمة فى الأداء الفنى التاثيرى والواقعى، تنوعت المشاهد التى تعبرعن حكمة المصرين فى البحث عن الرزق اليومى بلوحه الصيادين، ابن البلد، المراكب النيلية والشراعية، البائعين فى السوق، اتفضل شاى، وحسناء جميلة يحيطها زهرة اللوتس رمز التراث الفرعونى، الفلاح البسيط، ساعة العصارى، ضوء الكرنك، الصعيدى الأصيل، شاب نوبى وغيرها، ملامح الشخصيات جميعها لا تخلو من نظرة عتاب ولكنه عتاب محبة ودعوة من قلب الفنان لتصحيح المسار مصر.

وكان لنا لقاء بالفنان فريد فاضل حدثنا عن الاعمال المعروضة وعن رساله المعرض أوضح فاضل: اللوحة الكبيرة التى تتصدر مدخل القاعة تعبر عن  تسع أطفال من محافظات مصر منهم الطفل النوبى والطفل السيناوى والصعيدى يجمعهم الهرم ولانهم المستقبل اذا العنصر البشرى هو الهرم الذى تعتمد عليه فى مصر ولا نعتمد على  الماضى، هذا المعرض به 6 قصائد مصابحة للاعمال، اثناء الرسم اجد كلمات تدور بوجدانى اكتبها فورا مثل لوحه عنوانها «شاهد على دهر « بالوان المائيه تمثل سفنكس ابو الهول وهو يحتضن ابناء مصر ورمز للصمود وكتب قصيده تقول: «شاهد على عصر / لاشاهد على دهر / وامم وجيوش كبيرة / وشعب اتعصر عصر / هو ده رمز مصر / بضميره يحكم مش بالأمر».

وأيضا قصيدة آخرى عن الصياد مصاحبة للوحة «الفوطة الزرقاء» تصف صياد السمك على قارب، اقول فيها: «الفوطة الزرقاء / ريجتها زفرة / ورزق ربنا / على حبه شطارة / يبنى كام عشه / ولا حتى عمارة / دا خير البحر / احسن م التجارة / وشبكتى مليانه / وهى دى الامارة / ع البحر تشوفها / تقول دى ستارة / تصيد فى رميه / ولا الف سنارة».

وفى لوحة «بنت الجيران» فتاة فى البلكونة سرحانة أخاطب المرأة المصرية التى لابد ان يكون لها كيانها ووجودها وهى تحكى قصه بنت الجيران مش موافقة، بنت الجيران جالها عرسان كتير والبنت بترفض لتكمل مشوارها ربما تصبح  سفيرة أو وزيرة.

وعن الرسالة التى يريد الفنان تقديمها فى معرضه قال: أريد عدة رسائل من هذا المعرض اولاً إذا لم يكن موجود حكام فاسدين ما قامت الثورات، ونحن نحتمى بحضاراتنا، معروف أن بعد الثورات يحدث خلط الاوراق، وظهرت شعارات باسقاط النظام، وهذا غير صحيح نحن نريد اسقاط الفساد والظلم، وليس اسقاط الدولة المصرية وهيبتها واحترامها، ونرفض تدمير آلياتها الشرعية، ليس هذا ما كانت تسعى له ثور25 يناير، ولن نسمح بسقوط مصر، وحتى لو تتعددت الأحزاب واختلفنا فمصر بلدنا جميعا وتتسع لكل ابنائها، وقد حانت ساعة البناء وتصحيح المسارات المعوجة، والمصارحة بالحقيقة التى كادت أن تختفى وسط هذا الكم من المؤامرات، نحن فى وضع حرج صار فيه البناء أمراً حتمياً، وأشعر أنه يوجد على الساحة حالياً آلاف يطلقون على أنفسهم لقب «ناشط سياسيى» ولم أجد للاسف من يطلق على نفسه «ناشط بنائى» يعيد للمصر دورها الريادى فى التنوير.

وأكمل فاضل: فترة السادات وبعد حرب أكتوبر وإعادة افتتاح قناة السويس ثم معركة السلام وتوقيع كامب دافيد كلها فى مجملها خطوات إيجابية على الصعيد السياسى والعسكرى، هذه الفترة كانت بدايه شرخ الكراهية فى المجتمع المصرى بوجود الجماعات المتطرفة والمتجارة باسم الدين، فترة
مبارك فى البدايات كانت مشروعات البنية الاساسية فى الثمانينيات من طرق وكبارى وصرف صحى وتليفونات، ولكن للاسف الشديد لم يواكب ذلك اى محاولة لإعادة بناء الانسان المصرى، لا خطة لتطوير التعليم، ولا سياسة لمعالجة الخطاب الدينى المتطرف، ولا ميزانية لنشر الفنون والثقافة على مستوى محافظات مصر، وانتشرت الواسطة والمحسوبية والرشوة وأصبح الفساد هو القاعدة، والالتزام بالعمل والكفاءة والأمانة هى الشاذ، ولكنى عندما أفكر فى حصاد السنوات الثلاثه الاخيرة اتسأل من هم أكثر المستفيدين؟ أجدهم البلطجية والخارجين عن القانون والمتلاعبين بالسلع الاساسية والوقود وقوت الشعب، كلنا مذنبون، وقد حان الوقت لكى ندرك اننا جميعا داخل مركب واحد فمصر بلدنا كلنا، وان كنا بنحب مصر يجب أن نعمل ونضحى لا أن نصفق ونغنى فقط.

وختم فاضل لقاءنا معه بقوله: بالرغم من هذا كله أنا متفاءل لأن الجذور التاريخية لشخصية مصر ضاربة فى أعماق المصريين ولن تقدر الظروف العابرة مهما كانت صعوبتها على إعاقتنا، وسوف تشرق شمس يوم جديد.