الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صوم من الدرجة الأولى يستمر 55 يوما وينتهى بعيد القيامة




بدأ الاقباط من الاسبوع الماضى فى صيام ما يعرف بالصوم الكبير او الصوم الاربعينى وكانت اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﻰ اﻟﺒﺪاية ﺗﺼﻮم اﻷرﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻐﻄﺎس ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺻﺎم اﻟﻤﺴﻴﺢ الاربعين يوما بعد عماده مباشرة فى نهر الاردن حيث صعد على الجبل لمدة 40 يوما.
وكانت الكنيسة تصوم اربعين يوما فقط منفصلة عن اسبوع الالام الذي كان يصام كل 33 عاما حيث صلب المسيح فى عامه ال33 ﺛﻢ ﻧﻘﻠﻮا اﻷرﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ وﺟﻌﻠﻮها ﻣﻊ أﺳﺒﻮع اﻵﻻم
ﻓﻠﻤﺎ وﺿﻌﻮا اﻷرﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﻊ أﺳﺒﻮع اﻵﻻم ﻟﻢ ﻳﺼﺮ اﻟﺼﻮم 47 ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻞ ﺣﺬﻓﻮا أﺳﺒﻮع ﻣﻦ اﻟﺼﻮم اﻟﻜﺒﻴﺮ واﺿﺎﻓﻮا ﺑﺪﻻً ﻣﻨﻪ أﺳﺒﻮعا اﻵﻻم ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن اﻟﺼﻮم 40 ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬا أﺳﺒﻮعا اﻵﻻم، ولكن كانت الكنيسة تجعل الذين يدخلون الى المسيحية فى القرون الاولى ﻳﺼﻮﻣﻮن 40 ﻳﻮﻣﺎً ﻗﺒﻞ ﻣﻌﻤﻮدﻳﺘﻬﻢ حيث كان ﻳﻠﻘﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ 40 ﻋﻈﺔ ﻋﻦ ﻗﺎﻧﻮن اﻹﻳﻤﺎن. ﺑﻌﺪ اﻷرﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً كاﻧﻮا ﻳﻌﻤﺪوﻧﻬﻢ ﻓﻰ أﺣﺪ اﻟﺘﻨﺎﺻﻴﺮ (ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷرﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﺻﻴﺎم ﻟﻠﻤﻮﻋﻮﻇﻴﻦ اﺳﺘﻌﺪاداً ﻟﻠﻤﻌﻤﻮدﻳﺔ) وﺑﻌﺪ ﻣﻌﻤﻮدﻳﺘﻬﻢ ﻳﺼﻮﻣﻮن ﻣﻊ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﻦ المتبقيين ﻓﺄﺻﺒﺢ ﺻﻮم اﻟﻤﻮﻋﻮﻇﻴﻦ 55 ﻳﻮم وهذا ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻤﻮﻋﻮﻇﻴﻦ ﻓﻘﻂ. ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ كانوا ﻳﺼﻮﻣﻮن 40 ﻳﻮماً ﻓﻘﻂ.
أﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺑﺠﻼء ﻣﻦ ﻗﻄﻤﺎرس اﻟﺼﻮم الكبير ﻓﺈن أﺣﺪ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ وهو اﻷول ﻓﻰ اﻷرﺑﻌﻴﻦ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻳﺄﺗﻰ ﺑﻌﺪ اﺳﺒﻮﻋﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﻮم اﻟﺴﺎﺋﺮ ﻓﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻵن.
 أﻣﺎ ﻧﻈﺎم (ﺧﻮرس) اﻟﻤﻮﻋﻮﻇﻴﻦ ﻓﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﺒﺪأ اﻟﻌﻤﻞ ﺑـﻪ ﻋﻨﺪ ﺑﻨﺎء اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ إﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﻨﺸﻮر ﻣﻴﻼن ﺳﻨﺔ 313م أﻳﺎم ﻗﺴﻄﻨﻄﻴﻦ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺒﺎر اﻟﺬى رﻓﻊ اﻟﺴﻴﻒ ﻋﻦ رﻗﺎب المسيحيين وﻣﻨﻊ ﻣﺼﺎدرة أﻣﻮاﻟﻬﻢ (اﻟﺬى كان ﺳﺎرى اﻟﻤﻔﻌﻮل وﻣﻨﻔﺬ ﻃﻮال ﻣﺪة ﺣﻜﻢ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ 313م). ﻓﺪﺧﻞ اﻟﻮﺛﻨﻴﻮن اﻟﺬﻳﻦ رﻏﺒﻮا ﻓﻰ اﻻﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ أﻓﻮاﺟﺎً ﻏﻔﻴﺮة وأﺻﺒﺢ ﻟﻬﻢ ﻃﻘﺲ ﺧﺎص ﻓﻰ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ.
ويقول القمص اثناسيوس جورج  ان هذا الصوم له مكانة خاصة فى الكنيسة الارثوذكسيه ، فهو أقدس أيام السنة حيث تدخل الكنيسة فيه فترة اعتكافها وتوبتها الليتروجة، فهو ربيع السنة الروحية وزمن الاعتكاف والالتقاء مع الله.
رسمت كنيستنا هذا الصوم ووضعته فى برنامجها تشبها بالمسيح نفسه الذى صام أربعين يوما وأربعين ليلة لم يأكل شيئا فيها.. لذلك اعتبرته فترة تخزين روحى للعام كله..
ويضيف انه لأهمية الصوم الكبير كان الآباء يتخذونه مجالا للوعظ، مثل القديس يوحنا ذهبى الفم بطريرك القسطنطينية، والقديس أغسطينوس ابن الدموع أسقف هيبو واللذين اشتهرت عظاتهما فى زمن الصوم الكبير..
بل وكانت الكنيسة تجعل أيام الصوم الكبير فترة إعداد للمقبلين على العماد بالتعليم والوعظ ليتقبلوا نعمة المعمودية، فكانت تقام فصول للموعوظين خلال هذا الصوم تلقى فيها عليهم عظات لتسليمهم قواعد الإيمان وتثبيتهم، وهكذا ينالون العماد فى يوم «أحد التناصير»، لكى يعيدوا مع المؤمنين فى الأحد التالى أحد الشعانين، ويشتركوا معهم فى صلوات البصخة وأفراح القيامة..
وقد اشتهرت عظات القديس كيرلس الأورشليمى لإعداد الموعوظين للإيمان خلال فترة الصوم، ومن ثم اصبح الصوم الكبير من اهم الأصوام وأقدمها أيضا..
ويشرح قائلا الصوم الأربعينى المقدس عبارة عن ثلاثة أصوام، الاربعون المقدسة فى الوسط يسبقها اسبوع تمهيدى ويعقبها أسبوع الآلام.
أسبوع الاستعداد الاربعون المقدسة 55 يوما اسبوع الالام ولاهتمام الكنيسة بهذا الصوم سمته الصوم الكبير، واذا كان المسيح قد صام عنا وهو فى غير حاجة إليه فكم بالحرى نحن، وقد مهدت الكنيسة لهذا الصوم بصوم يونان، لتعدها اولادها للصوم الكبير قبل ان يبدأ بأسبوعين، ولتجعله ربيعا للنفس والكنيسة، حيث تتجدد الطبيعة البشرية لتزهر فى يوم الازهار العظيم يوم عيد القيامة المجيدة الذى هو عيد الاعياد..
ويوضح قائلا «لان الصوم الكبير اكبر الأصوام الكنسية وأقدسها لذا رتبت له كنيستنا طقسا خاصا، فله الحان خاصة ومردات خاصة، وله قراءات وقطمارس خاص (قطمارس الصوم الكبير)  ، وله ترتيبه وطقسه الخاص (الطقس الصيامي)، فى رفع بخور باكر ومطانيات وسجدات وميامر وطلبات ونبوات وقراءات من العهد القديم،  وهكذا جعلت الكنيسة للصوم جوا روحيا خاصا.
ويضيف انه لما كان هذا الصوم اقتداء بالمسيح لذا رتبته الكنيسة، لتدعونا فيه إلى تبعية المسيح، حيث قصدت الكنيسة من وضع هذا الصوم ان يكون موسم توبة جماعية، لأن كنيستنا جموعية، وتدبير هذا الصوم انما هو تأكيد لمضمون الشركة فى جسد المسيح، لتصير توبتنا الجماعية هدف وقصد هذا الصوم من اجل النمو الجماعى لأن كنيستنا ليست كنيسة أفراد، ولكنها كنيسة أعضاء، فهى لا تعرف الفردية ولكنها كنيسة جموعية وكنيسة شركة.
ومن جانبه اكد جميل فخرى استاذ تاريخ الكنيسة  أنه فى البداية كان يصوم الأقباط الصوم الكبير، وهو عبارة عن 40 يوما فقط، منفصلة عن أسبوع الآلام، وذلك بعد الاحتفال بعيد الغطاس.
ويضيف «فخرى»: إن هذا كان يرجع لأن المسيح صعد إلى الجبل، وصام أربعين يوما بعد أن تمت معموديته فى نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان، لذلك كان الأقباط يحتفلون بعيد الغطاس وثانى يوم يصومون الصوم الأربعينى، أما أسبوع الآلام فكانوا يحتفلون به كل 33 سنة وثلث سنة، وذلك وفقا للميعاد الذى تألم فيه المسيح وفقا للعمر الأرضى الذى تألم فيه المسيح.
ويضيف «فخرى»: إن الكنيسة ظلت تحتفل بهذا الأسبوع هكذا إلى أن جاء البابا ديمتريوس الكرام وعمل حسابا يسمى «حساب الأبقطى» وذلك لتحديد ميعاد عيد القيامة بالضبط، وهو الذى يتم الاحتفال به وفقا لعيد الفصح اليهودى، وعادة يتم الاحتفال بعيد القيامة فى يوم الأحد الذى يلى هذا العيد.
خروف الفصح
ويؤكد «فخرى» أنه لابد أن يتم الاحتفال بعيد القيامة بعد عيد الفصح، وذلك لأن خروف الفصح كان رمزا للمسيح ولذلك لايجب الاحتفال بالمرموز قبل الرمز وكذلك لا يتم الاحتفال بالعيد مع اليهود وذلك حتى لا نشترك معهم فيما فعلوه بالمسيح، وبذلك يكون لدينا ثلاثة أنواع من الفصح.. فصح موسى، وهو الخاص باليهود والذى أقامه موسى عندما أمر اليهود بذبح الخروف ودهن قائمتى المنزل بدمه ليراه الملاك المهلك ولايقوم بقتل أبكار شعب بنى إسرائيل. والفصح الثانى هو الذى يحتفل به المسيحيون، وهو فصح المسيح. أما الثالث فهو الذى وعد به المسيح تلاميذه فى الملكوت. بعدِ ذلك أصبح الصوم الكبير 47 يوما، وتمت إضافة أسبوع له ليصبح 55 يوما.. هذا الأسبوع له أكثر من تفسير؛ الأول أنه إكرام للإمبراطور «هيرقل» وهو إمبراطور رومانى يقال أنه هو الذى أعاد صليب المسيح إلى أورشليم، ولكن هذا كلام غير دقيق. والتفسير الأكثر منطقية هو أن الصوم الكبير يتميز بالتقشف والنسك ولذلك يجب أن يتم صيامه انقطاعياً.. أى بدون أكل لفترة من الوقت يوميا، ولكن هناك أيام السبت والأحد لا يتم فيها الصيام انقطاعاً لأنها فرح، لذلك تم تجميع هذه الأيام وتمت الاستعاضة عنها بأسبوع يسبق الصيام أطلق عليه «أسبوع الاستعداد».