الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مبارك نجا من منصة السادات ليقع أمام منصة القضاء




تسدل محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت ستار المرافعات والتحقيقات في قضية القرن والمتهم فيها الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجلاه.. ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه هم اللواءات أحمد رمزي .. عدلي فايد، حسن عبد الرحمن.. إسماعيل الشاعر.. أسامة المراسي.. عمر الفرماوي
عقب سماع تعقيب دفاع المتهمين في القضية التي لم يتوقع كثيرون أن يمثل فيها يمثل فيها الرئيس المخلوع ونجلاه أمام المحكمة داخل قفص الاتهام.. هي المرة الأولي لرئيس عربي يحاكم بأيدي شعبه.. علي خلاف محاكمة الرئيس الراحل صدام حسين.. الذي حوكم بأيدي قوات الاحتلال.. والتي أطلق عليها مجازاً اسم قوات التحالف.
قضية القرن وحسب أوراق النيابة العامة بدأت التحقيقات فيها اليوم التالي مباشرة ليخلع مبارك من منصبه حسبما وصفته النيابة العامة من خلال ثورة شعبية عارمة تمت بأيد مصرية.. حيث بدأت التحقيقات في 25 بلاغًا تلقتها النيابة العامة ضد الرئيس المخلوع بتهمة قتل المتظاهرين.. أعقبها عدة تحقيقات شهدتها أروقة المكتب الفني للنائب العام خلال الفترة من 16 فبراير 2011 حتي الثالث والعشرين من شهر مارس من العام نفسه ضمن أوراق قضية واحدة ارتأت النيابة العامة ضم جميع أوراقها علي مستوي الجمهورية.. وقيدت تحت رقم 1227 جنايات قصر النيل.. استمعت خلالها إلي شهادة ألفي شاهد..
تقرير- أيمن غازي
وضمت ثلاثين ألف ورقة.. حيث أجلت القضية وتم إعادتها.
حيث كانت أولي الجلسات في الحادي والعشرين من شهر أبريل من العام  الماضي..  والتي أجلت بدورها إلي جلسة أخري للاطلاع في السادس والعشرين من يونيو من العام الماضي أيضًا حيث حددت جلسة الخامس والعشرين من شهر يوليو وهي ذات الجلسة التي شهدت طلب رد هيئة المحكمة الجنائية.. ضمن مجموعة مطالب كان منها ضم الدعوي رقم 3642 لسنة 2011 وهي الدعوي التي بدأ التحقيق فيها في الثاني عشر من شهر ديسمبر والتي ضمت بلاغات تخص عمولات السلاح وقتل المتظاهرين وتم نسخ صورة ضوئية منها أرسلت إلي هيئة القضاء العسكري باعتبار أنها تخص أمرًا حيوياً حسبما أوردته النيابة العامة.. والتي أعقبها أولي جلسات المحاكمة بشكل عام خلال الثالث من شهر أغسطس من العام الماضي وضمت تهماً متنوعة منها قتل المتظاهرين.. والتربح وهي من ضمن قضايا الكسب غير المشروع، وصفقة تصدير الغاز إلي إسرائيل..  والتي ضم فيها المتهم الهارب حسين سالم.. ووزير البترول السابق سامح فهمي.. ثم أعقبه قرار من رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار عبد المعز إبراهيم بتفرغ هيئة المحكمة بشكل تام لنظر القضية وذلك خلال الخامس عشر من نفس الشهر.. حيث شهدت تعطيلاً مفاجئاً لسير العدالة.. بطلب رد هيئة المحكمة خلال شهر سبتمبر الماضي.. حيث كشفت النيابة العامة أن وراءه أحد المحامين الذين سبق اتهامه في قضية تزوير.. الأمر الذي عطل سير العدالة مدة قاربت الثلاثة أشهر حيث حددت المحكمة تاريخ الثامن عشر من ديسمبر الماضي السير في إجراءات المحاكمة التي انتهت مساء يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير الماضي، عقب سماع تعقيب دفاع المتهمين علي النيابة العامة.
بخلاف ما نشر من تحقيقات نص القضية المتهم فيها مبارك ونجلاه ووزير داخليته وكبار مساعديه.. وسماع شهادة الشهود وعلي رأسهم اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق.. والمشير حسين طنطاوي وزير الدفاع رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. وكل من محمود وجدي ومنصور العيسوي وزيري الداخلية السابقين.. يمكننا التوقف أمام كلمات القاضي الجليل أحمد رفعت أثناء جلسة تعقيب النيابة العامة علي مرافعة المحامي فريد الديب وعدد من المحامين عن المتهمين الآخرين.. والتي شدد فيها علي أمرين بالغي الحساسية الأول بقوله: كما عاهدت الله تعالي منذ نعومة أظافري ومنذ التحاقي بسلك القضاء.. وطوال عمري أن أؤدي واجبي بالصدق والأمانة وأحترام القانون وأعطي كل ذي حق حقه .. وهو ما يعني وفق أعراف المؤسسة القضائية الحيدة والنزاهة.
والأمر الثاني ما يطمئن الجميع بالرغم من حالة الجدل التي أثارها البعض تجاه المؤسسة القضائية بشكل عام خلال الفترة الأخيرة.
ومطالبة البعض بإنشاء محاكم خاصة.. وآخرين ممن استفادوا من الرئيس السابق ويرون أنه غير مذنب هو تأكيد رفعت بقوله: أكرر علي اليمين الذي أقسمت عليه وقلته  بأن حق المجني عليهم في عنقه.. وكذلك المتهمين وهذه هي عين العدالة.. وهو ما يدعمه مساحة الوقت المطولة التي أتيحت للجميع سواء من شهود الإثبات أو النفي أو الدفاع بالحق المدني أو دفاع المتهمين خلال جلسات تعطلت فيها بعض الشيء.. بالرغم من أن القانون لا يلزم هيئة المحكمة بتخصيص وقت اضافي لتعقيب النيابة العامة أو الدفاع إلا أن هذا حدث.. خاصة أن كل طرف حصل علي حقه من الوقت المطول في الدفاع والاتهام.. كل علي حدة.. إضافة إلي تخصيص جلسة كوقت إضافي حسب المفهوم العام للمتهمين كل علي انفراد لأن يقول كلمته بما يراه سواء كان هذا شفاهة أو بكتابة المذكرات والمستندات.. وكذلك محاميهم باعتبار أن هذا من أقصي درجات العدالة الواجبة حسبما يقول القاضي أحمد رفعت رئيس هيئة المحكمة.
■المنعطف التاريخي الذي تمر به القضية قبل النطق بالحكم فيها غدًا.. يجعلنا نركز علي عدة نقاط مهمة يأتي علي رأسها مساحة الوقت التي اتيحت أمام دفاع المتهمين لمدة شهر كامل بلغت ساعات المرافعة فيها ما يتجاوز المائة والخمسون ساعة تضمنتها مرافعة وردود النيابة التي انتهت في تعقبها بالتأكيد علي كونها صاحبة الدعوي العمومية في المجتمع وأنها ليست سلطة اتهام كما يدعي بعض المحامين بل سلطة قانونية تنشد العدل والحق أيضاً.. وأنها ليست في موضع للدفاع عن نفسها برغم ما أثير ضدها.. ساهم في ذلك.. ما ردده أحياناً دفاع المتهمين بأنها تحولت لسلطة اتهام منذ العام 1953.. حيث أكدت النيابة العامة في مرافعتها التي وصفتها هي بأنها لن تتكرر تاريخياً.. بأنها أحصت أوجه الدفاع والدفوع.. وأن حصيلتها تحول إلي حق ينكر وعدل يهدر.. وظلم يذكر وجور يؤثر وتحريضًا للكلم عن مواضعه.
كما أن النيابة العامة ارتأت أن توضح للرأي العام من خلال مرافعاتها التاريخية أن هناك فارقًا بين الألفاظ القانونية التي تطرح في  ساحات المحاكم.. وبين التحليل الشخصي الذي يطرحه بعض أساطين القانون حول هذه المعاني والألفاظ في وسائل الإعلام معتبرة إياه تلبيسًا للحق بالباطل.. وصل في بعض الأحيان لدرجة الخروج عن آداب الدفاع الأمر الذي يستوجب المساءلة الجنائية.. بل بلغ في طياته أن الدفاع عن المتهمين عكس عدم فهم للقانون في بعض الأحيان.. وأحياناً أخري تزييف للحقائق وتجن علي النيابة العامة كفرصة لاثارة  الفتنة وتحقق مآرب خاصة وحتي لو كان علي حساب الحقيقة والعدالة.. بل طرحت النيابة حقيقة علي لسان محاميها العام الأول المستشار مصطفي سليمان بقوله:  أحد المحامين وصف تحقيقات النيابة بأنها باهتة لأن علي رأسها النائب العام.. وهو قول ليس في مصلحة موكله لو كان يعلم هذا.. بالرغم من كون المحامي نفسه سبق ادانته في جريمة تزوير ونصب وأراد تعطيل العدالة خلال الفترة الماضية لعل ذلك يعينه في الحصول علي البراءة للمتهمين.
من ضمن ما شددت عليه النيابة العامة أيضاً للرأي العام أن مثل هذه المحاولات سوف تفشل خاصة لأن محامي المتهمين حاولوا تصوير الوضع بين النيابة العامة والشرطة بأنها معركة «خصومة» وهذا غير صحيح مشددين في ذلك علي أن تحقيقاتها تناست وقائع الاعتداء علي أقسام الشرطة وبعض أعضائها وحرق السجون.. ودهس المتظاهرين من جانب بعض رجال الشرطة.. حيث تناسوا جميعاً أن الفضل في هذه  القضية وسيرها يعود للنيابة العامة التي أجرت تحقيقاتها في ظروف غير مسبوقة لن تتكرر.
■ا أيضاً من ضمن ما يستخلص من أداء النيابة العامة تأكيدها علي أنه لولا التحقيقات التي تمت فعلياً لكانت حقوق الشهداء قد أهدرت وخاصة في التحقيقات الخاصة بالقضية رقم 123944 للعام 2011 جنايات قصر النيل التي أثبتت فيها وقائع القتل والانفلات الأمني.. وعدم رضخوها إلي أي شخص.. حيث أفرجت عن 166 متظاهرًا تم القبض عليهم واحالتهم للنيابة بتهم التخريب والتجمهر وهو ما اعتبرته النيابة غير صحيح واعتبرتهم متظاهرين سلميين.
■ا نختم هنا بمقولة القاضي أحمد رفعت الذي بدت ملامحه كما هي دون تغيير.. وأداءه كما هو متماسكاً مشددًا علي جملة  بسم الله الحق العدل.. بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء نحكم بالحق والعدل وننظر بأعيننا إليه جلا علاه في السماوات العلا.