الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«التطور العمرانى» 17 ميدانا شاهدا على مدينة «الألف مئذنة»




كتبت: رانيا هلال

بعد أن خصص كتابًا سابقًا صدر فى العام 2009، للتأريخ لسبعة عشر ميدانا شهيرا فى قلب القاهرة، متتبعا تاريخها ونشأتها وتخطيطها وتطورها العمرانى والسكاني، ها هو الكاتب والباحث التاريخى الكبير العاشق لمدينة الألف مئذنة فتحى حافظ الحديدى يطل على قرائه بتحفة «فنية وتاريخية» مزودة بمجموعة من أندر الصور الفوتوغرافية لشوارع القاهرة ومبانيها وآثارها الشهيرة، منذ تخطيطها الحديث فى منتصف القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن الحادى والعشرين.
«التطور العمرانى لشوارع مدينة القاهرة من البدايات حتى القرن الحادى والعشرين»، هو عنوان الكتاب الصادر حديثا عن الدار المصرية اللبنانية. وعلى كثرة الكتب المؤلفة والمترجمة عن القاهرة، تخطيطها وتاريخها وشوارعها وآثارها ومساجدها.. فإن كتاب «التطور العمرانى لشوارع مدينة القاهرة» ينفرد من بينها جميعا بأنه يكاد يكون الكتاب الوحيد الذى قام بوضعه وتأليفه «باحث متخصص ومؤرخ « كان فى الأصل موظفا بوزارة الأشغال العمومية، وهى الوزارة المعنية بتخطيط الشوارع وتسميتها ووضع حدودها الجغرافية والتوثيق لمبانيها القديمة والحديثة على السواء، بالإضافة إلى تشييد المبانى العامة وصيانتها، وذلك قبل أن تختفى هذه الوزارة ويزول اسمها من خارطة وزارات الحكومات المتعاقبة على حكم مصر، لتقتصر على ما يعرف باسم وزارة «الري».
وبالإضافة إلى ما سبق، يكشف الكتاب ربما وللمرة الأولى فى تاريخ الكتب التى تناولت القاهرة وشوارعها المبانيَ ذات الطبيعة الخاصة (الفيلات والقصور ودور العبادة واستديوهات التصوير السينمائي.. إلخ) التى كانت موجودة وقائمة فى فترة من فترات التاريخ وتم هدمها أو تغيير هويتها العمرانية ليحل محلها مبانى أو عمارات حديثة على الطرز الغربية أو غيرها، وهو فى هذا يطرح بدقة شديدة بالتواريخ والبيانات الموثقة ما آلت إليه هذه المباني.. كيف ومتى نشأت وعاشت وهدمت.
ويوضح المؤلف أن مدينة القاهرة الحالية «مدينة موغلة فى القدم مثل قدم نهر النيل. ومن الخطأ التأريخ لها بإنشاء الخليفة الفاطمى المعز لدين الله لها, وذلك كما حدث عندما احتفلوا فى سنة 1969 بالعيد الألفى لها. وقد أهلها موقعها المتوسط بين الوجهين البحرى والقبلى ميزة فائقة لتكون مدينة مهمة تمثل فى مدينة مصر (وهى حى مصر القديمة حاليا) والتى أخذ منها القطر المصرى اسمه التاريخى الخالد: مصر».
وكانت مدينة القاهرة فى سنة 1900 تمتد من حى مصر القديمة جنوبا إلى حى العباسية شمالا، ومن جبانات شرق القاهرة شرقا حتى نهر النيل غربا، وكانت آنذاك يطلق عليها كلمة «مصر», حتى فى الأوراق الحكومية، يقول المؤلف «ومازلنا نذكر أن تذكرة القطارات يكتب عليها مصر بدلا من القاهرة».
تعامل الحديدى مع مظلة واسعة وغزيرة وربما غير مسبوقة من المصادر التاريخية والأثرية، تحفل بصور غير معروفة وسجلات نادرة، مثل أرشيف وزارتى الأشغال العمومية، والأوقاف، والدوريات القديمة، حيث يوضح الحديدى طبيعة هذه المصادر التى رجع إليها واستند عليها فى جمع مادته التاريخية والأثرية بالإشارة إلى إفادته فى تأليفه
ويرتب الحديدى موضوعات كتابه أبجديا، للتيسير على قارئه وعلى الباحث عن معلومة بعينها أو تاريخ شارع بذاته، أو مبنى قديم أو أثر مندرس، ممهدا لموضوعات الكتاب بدراسة عميقة وممتعة عن «تسمية شوارع القاهرة»، والتغييرات التى أجريت عليها، وما لحق تسميات المؤسسات والمنشآت العامة الكائنة بتلك الشوارع من تغييرات هى الأخرى، كاشفا عن الشكل المساحى للشوارع والعقارات محل الدراسة وارتفاعاتها، مع التطرق لأثر الزيادة السكانية على منطقة وسط البلد بالقاهرة وما ما ترتب على ذلك من تغيير كبير طال الكثير من مبانيها وطمس معه الكثير أيضا من الحقائق التاريخية مما شكل صعوبة وندرة فى الوصول إلى المعلومات التاريخية المسجلة عن الشوارع.
ويفرد الحديدى صفحات كتابه بعد ذلك للحديث عن شوارع القاهرة المحروسة، بدءا بشارع أحمد باشا، وشارع أحمد ماهر (تحت الربع)، وشارع الأزهر، والألفي، والبستان (عبد السلام عارف)، معرجا على شوارع محور شمال الجمالية الذى يضم (البغالة/ البنهاوي/ باب الفتوح/ القصاصين).