الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تجارة اللحم الرخيص بورقة العرفى




كتب ـ السيد الشورى ـ محمد عبدالفتاح ـ هاجر كمال ـ هدير عثمان

يقصد الكثير من مواطنى دول الخليج مصر للاستجمام لكن أهداف عدد منهم لا تقف عند الاستجمام فقط حيث يقوم أثرياء خليجيون «بينهم سعوديون وكويتيون وإماراتيون سعيا لإشباع رغباتهم الجنسية خلال العطلة، بالزواج من فتيات قاصرات. وأفادت دراسة أجراها المجلس القومى للأمومة والطفولة بوقوع فتيات قاصرات فى مناطق مصرية فقيرة ضحايا لزيجات مؤقتة لأغنياء من الخليج مقابل المال، وهى ممارسة يعتبرها حقوقيون «أشبه بالدعارة والاستغلال الجنسى للأطفال».
ويتم هذا النوع من «الزواج» بمساعدة سماسرة يكونون على صلة بالأثرياء الخليجيين الباحثين عن المتعة وأسر فقيرة لديها بنات صغيرات. ولإضفاء بعض الشرعية على هذا النوع من الاتجار يقومون بتسنين الفتاة وجعل عمرها أكبر من الحقيقة بواسطة بعض العاملين بالوحدات الصحية مقابل مبالغ كبيرة ويقومون بتزويجها على يد مأذون لتكتمل المسرحية ورغم أن القانون الذى أصدرته مصر فى عام 2008 يمنع تزويج القاصرات، فإن تطبيقه فى الواقع ضعيف جدًا. لأن القانون تعطل عمليًا فى فوضى الأوضاع التى نشأت منذ ثورة 2011. فإن تزويج القاصرات ظاهرة لا يُنكر وجودها فى مصر وهى منتشرة فى بعض الأماكن وقد زادت هذه الأيام نتيجة الظروف والأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد.
وانتشرت هذه الظاهرة فى كثير من محافظات مصر وخصوصا فى القرى التى يقع الكثير من أهلها تحت خط الفقر مثل بعض قرى الجيزة ومحافظة الغربية ودمياط وبعض قرى الصعيد فيقوم بعض السماسرة باستغلال حاجة هؤلاء الناس حتى يقوموا بتزويج بناتهم ولكن بشروط وأهم هذه الشروط هو عدم الانجاب أو السفر معه للخارج وقد قامت بعض الشابات برواية ما حدث معهن.
تقول «نادية»: «إنها تزوجت وعمرها 14 عاماً من سعودى تجاوز السبعين وبعد عدة شهور مات وقام أولاده بطردها من المنزل واتجوزت بعدها واحد مصرى، وقعدنا سنتين وطلقنى، بعد ما جبت منه ولد،   ودلوقتى بشتغل كوافيرة عشان أصرف على ابنى، بيجيلى ناس يحاولوا يقنعونى أتجوز كده، أنا حرة دلوقتى ومش عاوزة أعمل ده تانى، عشان ما ياخدوش ابنى منى وبسؤالها عن المهر قالت أنا اخذت 20 ألف جنيه يعنى اتبعت رخيص اوى.
وتحكى صفاء من إحدى القرى «كان عندى 16 سنة وأبويا كان شغال نقاش وكنا مستوردين، جاله مرض وحش فى صدره، بطل يشتغل وبعنا كل اللى حليتنا عشان علاجه لحد ما واحد يعرف أبويا قاله ما تجوز حد من بناتك بره، أهو تعرف تجهز الاتنين التانيين، إنت برضه عندك أربعة.. وطبعًا الزن على الودان أمرّ من السحر، أبويا قالى إيه رأيك بصراحة إحنا مش لاقيين ناكل، قلت وماله أهو ألاقى عيشة نضيفة، وأخواتى ياكلوا لقمة نضيفة، ولا حسينا بالفلوس، أنا خرجت معاه رُحنا الفندق ورجعت لقيت الدنيا زى ما هى والفقر زى ما هو وبعد كدا سافر على بلده وبعتلى مع السمسار اللى جوزنا أنه طلقنى وقطع الورقة.
أما عزة فهى فتاة فى 18 من عمرها تتميز بملامح ريفية جميلة تقول: «تزوجت من ثلاثة رجال فى أقل من عام ونصف العام، كانت المرة الأولى لها وهى فى السادسة عشرة من عمرها تقريبا حين أتى السمسار لوالدها ومعه رجل خليجى تزوجنى ما يقرب من شهرين ونصف الشهر قضاهم فى شقة كان يستأجرها كما استأجر فتاة لتملأ عليه فراغا من نوع خاص.. كان ذلك بعد أن دفع لوالدها ما يقرب من 10 آلاف جنيه.
وعن زوجها الأخير أضافت إن عمره يناهز الخامسة والخمسين وكان ثريا جدًا  وتمكنت من أن تجعله يشترى لها سيارة باسمها ووعدها بلقاء آخر فى إجازة الصيف هذا العام.. وتختتم عزة كلامها ببعض الدموع والحسرة لأنها كانت تريد أن تكون مثل باقى البنات تعيش حياة طبيعية مع زوج يحافظ عليها ويكون سترًا لها وليس من أجل جسدها فقط ولمدة محددة مسبقًا.
وعن رأى الدين فى ما يسمى زواج القاصرات أكد الكثير من العلماء على أنه لا يوجد فى الإسلام ما يسمى بزواج القاصرات وأما من يحللون تلك الجريمة معللين ذلك بإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج السيدة عائشة وهى فى التاسعة من عمرها هو افتراء على رسول الله حيث قال اجمع العلماء إنها كانت فى التاسعة عشرة، ويرون أن الزواج له شروطه وأركانه التى تحددها الدولة وهو سن 18 سنة، ومن حق الحاكم أن يعدل هذه السن إذا ارتأى مصلحة فى ذلك، أما الذين ينادون بزواج القاصرات فهذا معناه اننا ننشىء مجتمعاً من الجاهلية، فالأم عماد الأسرة يجب أن يكون لديها ثقافات متعددة، فكيف للقاصر أن تربى جيلا وتقوم بأعباء أسرة وأمثالها يلعبون فى الشارع، فكل الأسانيد التى يستند إليها المطالبون بزواج القاصرات ليس لها أساس من الصحة، وتعليم الفتاة من شأنه رفع سن الزواج، حتى يتكون لديها الإدراك والوعى بالمسئولية التى ستلقى على عاتقها، وتستطيع تربية أبنائها تربية صحيحة.
وقالت الدكتورة هدى بدران ـ رابطة المرة العربية ـ أن الأسباب الاقتصادية وسوء الحالة المعيشية ما يؤدى بعض الناس للاتجار ببناتهم وبيعهن لمن يدفع اكثر ولابد على الدولة تعليم الناس وحل مشاكلهم الاقتصادية وليس فقط التوعية من خلال وسائل الرعلام وتفعيل القوانين التى تحد من هذه الظاهرة.
وذكر التقرير السنوى لوزارة الخارجية الأمريكية حول الاتجار بالبشر فى عام 2013 أن رجالا أثرياء من الخليج بمن فيهم سعوديون وكويتيون وإماراتيون يسافرون إلى مصر من أجل ما يسمى «زواج مؤقت» أو «زواج صيفى» مع مصريات لم يبلغن الـ18 من العمر.
كما كشف التقرير أن هذا النوع من الزواج يساعد على إتمامه أهالى الفتيات وسماسرة الزواج، مشيرا إلى أن القاصرات اللائى يتزوجن بصورة مؤقتة يقعن ضحايا للاستغلال الجنسى والعمل القسرى كخادمات لـ«أزواجهن».
ويحظر القانون المصرى الزواج من الأجانب إذا كان فارق السن يزيد على 10 سنوات. لكن هناك طرقا للتحايل على القانون أكثرها شيوعًا اللجوء إلى تزوير شهادات الميلاد حتى تتم الزيادة فى عمر الراغبين فى الزواج من الرجال ويقومون بدفع أموال طائلة للبعض ممن باعوا ضمائرهم فى وزارة الصحة.