الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المثقفون لا يمكن أن يتفقوا على وزير .. ونحتاج وزيرا خاصا لكل مجموعة




كتبت- سوزى شكرى
الفنان التشكيلى عصمت دواستاشى أحد أهم رواد الحركة الفنية التشكيلية المعاصرين يأتى إلينا من حى الانفوشى بالاسكندرية فى شهر مارس من كل عام الى قاعه «ارت كونر» بالزمالك، فهو من مواليد 14 مارس 1943، يستقبل دواستاشى جمهوره وأصدقاءه بابتسامته التى تحمل ما فى قلبه من محب للجميع، وقبل أن يروا أعماله يسألهم عن أحوالهم ويعاتبهم عتاب المحبة، يرافقه صديق مشواره الفنى الفنان التشكيلى السفير يسرى القويضى كلاهما يجمعهم عشق
الفن بكل مجالاته لهما العديد من الاصدارات النقدية والتوثيقية وكان آخر الاصدارات السفير القويضى تحت عنوان: «الرائدة عفت ناجى وتلميذها دواستاشى» الذى صدر على هامش معرض دواستاشى بمتحف الفن الحديث، عرض دواستاشى مجموعة من أعماله الإبداعية التى تتميز بخصوصية أسلوبه
الفنى فى استخدام الرمز كنقش الجدرايات المصرية القديمة بالإضافة للزخارف الاسلامية ومسحة قبطية أيقونية تدل على عمق مصريته على ملامح المرأة بطلة أعماله، رغم أن تكرر الرمز فى بعض اللوحات إلا ان يملك قدرة إبداعية لكنه يملك قدرة ومرونة فى الصياغة التشكيلية للرموز والعناصر جعلت من العنصر فى كل لوحة إبداع جديد، وكأن العناصر تحاوره وتجاوره مشواره.
 

قابلنا داوستاشى على هامش افتتاح معرضه بقاعة «آرت كونر» وتحدثنا حول عرضه أعماله فى القاهرة فقال: رغم أنى دائما أمارس الفن بشكل متواصل فإننى أشعر بأن إقامة المعارض غير متوافقة مع الظروف التى تمر بها مصر وحالة الفوضى والانفلات والارهاب، حين انتهى من لوحة أعرضها على الفيس بوك الذى يعد معرضا يوميا متاحاً لجمهور وقاعة مفتوحة تستوعب أكبر عدد من الجمهور، هذا العالم الافتراضى على الفيس بوك جعل التواصل مع الجمهور أسرع من انتظار الجمهور فى قاعات العرض، وفى غياب الإعلام المرئى والصحف اليومية من متابعة الفن التشكيلى، وجدت أن الفيس بوك منفذاً ومتحفاً متاحاً للجميع دون قيود.

استجبت لدعوة قاعة «ارت كونر» لإقامة معرض لأعمالى سنوياً كل عام فى شهر مارس الذى يتزامن مع عيد ميلادى، وهذا يسعدنى أن يكون احتفال عيد ميلادى وسط لوحاتى ووسط أصدقائى من الفنانين الذين أنتظر لقاءهم لصعوبة لقائى بهم فى الإسكندرية، وهذه القاعة سبق واحتفلت بى العام الماضى أيضا فى شهر مارس ببلوغى السبعين، والاحتفاء بالرواد وكبار الفنانين يعد دور إيجابياً تقوم به القاعات الخاصة ويحسب لها.

وعن الاعمال المعروضة قال دواستاشى: أناقش فى لوحاتى  التحولات التى نمر بها يوميا فى مصر، والتى تشغلنى وترهقنى وتقلقنى، التحولات السياسية والثورية، وترجمت هذه الحالة التى نعيشها الى عناصر ومفردات وجماليات تشكيلية، عرضت آخر اعمالى وهى ثلاث مجموعات، المجموعة الأولى مجموعة «الفتاة والشيخ» وهما أربع لوحات  التى رسمتها قبل ثورة 30 يونيو تعبر عن الغول الذى كاد يلتهم مصر ومازالت المؤامرات مستمرة، ولم أكملها تركتها على حلها ثم قامت ثورة 30 يونيو وتخلصنا من الجماعة، والمجموعة الثانية «مجموعة السهم»  وهم عشر لوحات يعبروا عن كثرت الاتجاهات وعبثية الآراء، استخدمت «السهم» كعنصر يدل على الاتجاهات والمسارات ربما تكون اتجاهات معاكسة وربما تكون اتجاهات صحيحة لكن من كثرة الجدل قد تخطئ الطريق، وأيضا السهم رمز للشخصيات متواجدة على الساحة بآرائهم وتوجهاتهم، ومع السهم أيضا بعض
 
الموتيفات مثل الوشم والزخارف الإسلامية، وفى لوحة معبرة عن حلم الخلافة تتداخل فيها الاسهم مع الزخارف الإسلامية مع المرأة، والمجموعة الثالثة من الأعمال عن البورترية والموديل العارى والمرأة التى هى بطلة أعمالى. وعن التعديل الوزارى الجديد وإعادة وزير الثقافة صابر عرب يقول داوستاشى: كنت آمل فى التغيير الحقيقى وأن يأتى وزير من الخارج أفضل من تكرار الأشخاص، أنا أوافق على أى شخص ولكن لا أوافق على التكرار، غريبة جدا أن ينتخب للمرة الرابعة رغم الاعتراضات من الجماعة الثقافية، فماذا حقق خلال الفترات السابقة؟ هذا الموقف يذكرنى بالوزير
 
فاروق حسنى الذى استقر فى منصبه 23 عاما والكثيرون معترضون، استمر الاعتراض واستمر فاروق حسنى فى منصبه، ولكنى اتساءل لماذا استجابت الحكومة الجديد للقلة من المثقفين؟ هل هذا يعنى عدم جدية الوزارة فى ترشيحاتها؟ بما أننا نعيش مرحلة انتقالية من سنوات، فما المشكلة فى إعطاء شخص جديد فرصة، المثقفون لا يمكن أن يجتمع رأيهم على وزير، وكأنه من المفترض أن يكون لكل مجموعة وزير خاص. أما عن دور وزارة الثقافة تجاه الفنان فقال دواستاشى: يجب عليها ان تدعم الفنان بتوفير القاعات، واقتناء الاعمال، مطبوعات تليق بالفنان ومشواره وابداعاته،
 
وتتوسع المعارض وتكون فى الاقاليم ونخرج من المركزية، وايضا التواصل مع الإعلام المرئى فى تواجد مساحات خاصة للفن التشكيلى هذا المطلب من سنوات نطالب به، والصحف اليومية والمجلات ألاحظ فيها غياب الصفحات المتخصصة عن الفن التشكيلى إلا قلة من الصحف لاتزال مهتمة بالفن التشكيلي. وعن تعامل وزارة الثقافة مع فنون الشباب قال دواستاشى: بكل أسف ابداعات الجرافيتى التى بدأت مع الثورة وانتشرت فى كل مكان لم تستغل، والجهة الوحيدة التى كان يجب عليها ان تستفيد من الشباب ومن ابداعاتهم هى وزارة الثقافة، إلإ أنها أجهضت فنون الثورة، اين ذهب مبدعو
 
الثورة الحقيقيين من الشباب الذين قدموا ابداعات فى كل المجالات؟ أين الجرافيتى الذى عمق الحس الثورى وساهم فى استكمال الثورة، وهو من أهم وأصدق الفنون، المشروع الفنى الذى كان يجب على وزارة الثقافة أن تبدأ به هو الحفاظ على الجرافيتى، لكن قرار مسح الجرافيتى سبب إحباطا للشباب وإجهاضا لثورتهم، كان يجب أن نحافظ على شبابنا وعلى إبداعاتهم. وعما قدمه الفنانون من فن عن الثورة قال: رغم أن العديد من الفنانين قدموا
 
معارض عن الثورة لكن إلى اليوم كل المعارض لم تعبر عن ثورة يناير أو ثورة 30 يونيو فكلاهما ثورتان لم تكتملا بعد، كل المعارض هى معارض مواكبة للأحداث ومعايشة وتسجيل الانطباعات ولكن لا نسنطيع أن تقيمها كمعارض عن الثورة، هى معارض انطباعية، فن الثورة سوف يظهر حين تنجح الثورة، عند اكتمالها ستقدم فنا وفنانين جددا.  وأكمل: من إبداعات الشباب التى ظهرت فى الميدان إبداعات موسيقية وشعرية وتمثيلية وفيديوهات وفوتوغرافيا، للأسف كلها تراجعت بسبب  إهمال الجهات لهم.
 

وصمت دواستاشى ثم أكمل وعلى ملامحه قلق وقال: لا أعرف لماذا يناتبنى شعور بأننا فقدنا بهجة الحراك الثقافى ولم يعد كما كان ولم يتغير للأفضل فى حالة تراجع للخلف، ومهما قلنا لأنفسنا إن الفن التشكيلى جزء لا يتجزأ من المجتمع المصرى، فإنه مازال اسمه «فن النخبة»، كيف نطالب الجمهور بالحضور لقاعات العرض وهو يعانى من الفقر والجهل، لابد أن نبدأ بمشروع قومى لمحو الأمية البصرية وتحسين المستوى التعليمى والاهتمام بالفنون والثقافة حتى تظل لمصر الريادة، من البداية يوجد نوعان من الفنون، الفن الرسمى ويمثل الدولة، والفن الشعبى وهو يخص الشعب
 
من العامة، وهذا النوع الشعبى حدث له فى الفترة الأخيرة هبوط وانحطاط، وظلت النخبة نخبة لا جديد. وعن رأيه فى معارض الفنانين قال: معارض الفنانين الفردية تتصدر المشهد هذه الفترة، بعضها يستحق كل التقدير، وبعضها أجد أنها أعمالا تتجه للسوق بحثا عن البيع، وابتعدت عن التجربة الفنية والجمالية، وأطلب من الفنانين أن يدخلوا فى حالة ثورية فنيا وتشكيلياً، وإهمالنا لفن الجرافيتى أعاد الفن التشكيلى إلى النخبة، ولم نتمكن من استثمار ما حققه الجرافيتى فى التواصل مع الجمهور العادى.