الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محمود القلعاوى: قررت الاعتزال حفاظاً على تاريخى والفن ليس له أمان




حوار_ آية رفعت

اربع سنوات تغيبهم صاحب البسمة الاكثر بهجة والصرخة الكوميدية على خشبة المسرح.. ورغم عدم اعلان الفنان محمود القلعاوى لاعتزاله الفن الا ان هذه القرار اتخذه فى السر لعدم وجود العمل والدور الذى يليق به وبتاريخه الفنى الذى بدأ منذ منتصف الستينيات.. ويعيش القلعاوى حاليا حالة من الهدوء والتصالح مع النفس خاصة وانه يجد قوت يومه فلا يوجد ما يدفعه لتقديم العمل الذى لا يقتنع به ولا يضيف إلى تاريخه.. معبرا عن ضيقه مما يمر به المسرح من اهمال الجمهور والدولة وهجرة النجوم له. وفى حواره مع روز اليوسف تحدث القلعاوى عن اسباب اعتزاله الفن والمشاكل التى تعرض لها فى اواخر اعماله السينمائية..

■ ما سبب تغيبك عن الوسط الفنى لمدة 4 سنوات؟
- شعرت بأنى لا استطيع الانسجام مع الظروف الموجودة حاليا، ولا مع الاعمال والادوار التى تعرض على خاصة ان اغلبها يدور حول فكرة الظهور كضيف شرف فقط. وانا ليس لدى اى مانع فى هذا الامر ولكن من يظهروا كضيوف شرف تكون لهم اعمال اخرى وادوار كبيرة ولكنى وجدت كل ما يعرض على مشهد او اثنين، واماكن الاستوديوهات بعيدة جدا عن مسكنى واغلب الاعمال تصور فى مدينة الانتاج الاعلامى مما يدفعنى للسير مشوارًا كبيرًا جدا حتى اصور مشهد واحد فقط.. ويمكن ان اظل انتظر طوال اليوم حتى يأتى دور مشهدى واجد يوم العمل قد انتهى ويقولوا لى «تعالى بكرة».
■ هل اعتبرت هذا نوعا من الاهانة؟
- ليست اهانة مقصودة منهم ولكنهم لا يراعوا ظروف الممثلين الكبار امثالى فأغلب نجوم الدراما والسينما يسكنون بجانب الاستديوهات البعيدة مثل السادس من اكتوبر وشبرامنت وغيرهما ولكنى انا ممثل مسرحى فى الاساس وعندما اخترت سكنى كان همى الاول هو ان يكون قريبًا من المسارح فلا استطيع الانتقال حاليا للعيش بجانب الاستوديوهات.. كما ان غياب المسرح بشكل شبه كامل بعدما انسحب البساط من تحت اقدام المسرح الخاص فلم اجد النص الجيد الذى اعمل من خلاله واعود به فقررت المكوث فى بيتى إلى ما يشاء الله.
■ لماذا لم تعلن عن قرار الاعتزال بشكل رسمى؟ هل هذا بدافع العودة مجددا؟
- أنا ضد فكرة اعلان الاعتزال وغيرها فأنا قررت ان انسحب من تلقاء نفسى واعتذر عن الادوار التى تعرض علي.. وذلك لأنى ليس لدى القدرة على ان اعمل بدور غير مقتنع به او غير مرتاح نفسيا معه.. فأنا على خلاف باقى زملائى المحترفين بالمهنة، فالديهم مقدرة على تقديم افضل ما لديهم بغض النظر عن المزاج العام حولهم.. ولكن انا فنان اعمل بمزاجى ونفسيتى الخاصة فلو كان الدور لا يناسبنى او لا يضيف لى لا استطيع تقديمه بالشكل الذى ارضى عنه لجمهوري، فأنا لدى القدرة على اضحاك الجمهور مهما كان واقدم الدور بشكل جيد ولكن ليس بشكل مرضى.. ولعلمك المزاج العام والجو الذى نعمل به غير مشجع حاليا فالاحداث والمعارك والإرهاب وغيرها من العوامل التى تؤثر على نفسية الفنان.. ولكن هذا لا يمنع اننى لو وجدت دورا رهيبا لا يمكننى رفضه قد افكر فى العودة واتمنى ان يكون دورًا مسرحيًا.
■ هل تعتبر الفن يهتم باجيال الشباب على حساب الكبار؟
- لا فكل جيل وله سماته ونجوم الشباب لا انا من سنهم ولا استطيع ان اجاريهم واكون كاذبا اذا قلت انى استطيع تقديم ما كنت اقدمه على خشبة المسرح ايام شبابى وبنفس الدقة والحيوية مثل دورى فى مسرحية «الجوكر» كان فى شبابى ولا امتلك القدرة على تقديمه حاليا.. فليست المشكلة فى النجوم الشباب ولكن المشكلة فى الفن نفسه فنحن لسنا لدينا ثقافة توفير دور مناسب وعمل مهم يقوم ببطولته فنان كبير السن ليقدم شخصية الاب أو الجد.. وقلما تجد ادوارًا تكتب لسننا رغم ان هذه الشريحة تحمل خبرات كثيرة يمكن الاستفادة منها فى عمل درامى او سينمائى ويكون بجانب النجوم الشباب بالطبع.. كما ان بعض الادوار التى يظهر فيها كبار السن حاليا يعتمد فيه المخرجون والمنتجون على بعض الفنانين اللذين ظهروا من عدم ولم تكن لهم خبرات سابقة ولا قدموا اعمالا فى شبابهم او تخرجوا فى معاهد متخصصة، ووجدناهم هبطوا علينا من العدم ومنهم الجيد ومنهم السيء، ولا ادرى ما سبب اهتمام المنتجين بهم وترك من هم شابوا وشاخوا على المهنة وبالتالى أكثر خبرة.. ربما يكونوا موفرين فى الميزانية.
ولكن هناك بالفعل سيناريوهات تكتب لكبار النجوم مهما كبر عمرهم.
نعم ولكن لا تقدم هذه الادوار او تكتب الا للأبطال الكبار مثل محمود ياسين وحسين فهمى ونور الشريف وعادل امام، ولكن من هم مثلى لا يقفوا فى صفوف النجوم فلا يهتم بهم أحد.
■ هل هناك ادوار رفضتها وعندما عرضت ندمت عليها؟
- لا فلا توجد ادوار جيدة لمن هم فى سنى والمؤلفون والمنتجون لا يهتمون بها فمثلا هناك الاشخاص الموجودون بدار المسنين لهم ادوار ولكل واحد منهم قصة مختلفة ولم يهتم بهم احد.. وبالمناسبة هناك عمل اقدم لصناعها كل الاحترام وهو مسلسل «الوالدة باشا» للفنانة سوسن بدر.. فكاتب العمل محمد أشرف رحمه الله اهتم بالام وكفاحها ولم يهتم فقط بالادوار الشبابية.. واذا كان البعض فكر انه اذا استعان بفنانين كبار السن فى بطولة اعماله سوف يفشل العمل يكون غلطان واكبر دليل على كلامى هذا المسلسل، فأبطاله الرئيسين سوسن بدر وصلاح عبد الله ويساندهما فيه الشباب جنبا إلى جنب وظهر بصورة رائعة.
■ هل تجد ان زملاء جيلك ورحلة كفاحك تخلوا عنك حاليا؟
- لا فكلهم مثلى نحن كنا نعمل بشكل جيد وكبير فى المسرح وحاليا كل من عملت معهم مثل محمد صبحى ومحمد نجم وغيرهما من ابناء جيلى لا يعملون بالمسرح وقلما يعملون بافلام او دراما تليفزيونية جيدة.. وأنا لا اعتب عليهم فحال البلد وحال المسرح بشكل خاص غير سار وغير مستقر.
■ ولماذا لم يستعن بك محمد صبحى فى اجزاء مسلسله «يوميات ونيس» المتعددة رغم تقديمكم لاعمال مسرحية ناجحة معا؟
- لدى مشكلة كبيرة بشأن يوميات ونيس وكانت بسبب قبولى الظهور كضيف شرف اكراما لصبحى فى الجزء الاول.. فظهرت بشخصية لم تتعد الحلقتين. وبالتالى لا يصلح أن يتم تقديمى للناس فى شخصية اخرى مهما تعددت الاجزاء.. وصبحى طلب منى تقديم هذا الدور ولم يكن يعلم ان المسلسل سيحقق شهرة واسعة وتكون له اجزاء عديدة على كمدار السنين.. وللاسف تم حرقى فى دور صغير منه ولم اتمكن من الظهور معه مرة اخرى.
■ هل يوجد عدد كبير من الفنانين يتصلون بك بشكل دورى للاطمئنان عليك؟
- نعم ولكنهم قليلون جدا ومنهم صلاح عبد الله وأحمد بدير وأحمد آدم  وأحمد الابيارى ويسرى الابياري.. وأنا غير حزين او مصدوم من قلة السؤال عنى فانا رجل واقعى وهذا حال الدنيا من تنحصر عنه الاضواء لا يجد الكثير من الاهتمام، والدنيا تشغل الناس.
■ هل انت رافض أن تقوم بدور ثان بجانب الشباب؟
- لا اطلاقا أنا لا ابحث عن بطولة مطلقة ولا انكر المواهب الشابة الموجودة ولكن يجب ان يكون الدور لائقًا بتاريخى وبخبرتي.. فمثلا آخر اعمالى التى قدمتها كان فيلم «على سبايسي» واقنعتنى به اسعاد يونس وقتها وقالت لى اهم منك وبينزلوا يشتغلوا ادوارًا صغيرة.. وعندما قرأت وجدت ان دورى عبارة عن مشهدين فقط.. ورغم انى ذهبت وقدمتهما الا انى وجدتهم حذفوا مشهدًا منهما واصبحت اظهر فى مشهد واحد فقط بالفيلم ومنذ ذلك اليوم قررت انى لن اقدم ما ليس فى قناعتى ولم اقف امام الكاميرا.
■ لماذا لم تهتم طوال مشوارك بالبطولة المطلقة؟
- قدمت بطولة مطلقة فى مسرحيتين «هات من الاخر» و«وراك وراك» ورغم تحقيقهما نجاحًا ملحوظًا الا انى ظلتت بعدهما بفترة طويلة بدون عمل ولم يعرض على اى منتج نصوصًا بسبب تخوفهم من رغبتى فى تقديم ادوار البطولة المطلقة فقط.. فقررت اقناعهم بعودتى مرة اخرى للادوار الثانية، فكل ما يهمنى هو ايجاد دور مناسب وجيد واشعر به واتقنه بداخلى ونص جيد وناجح.. وادركت منذ ذلك الوقت انى لو اردت ادوار البطولة يجب ان احصل على مؤلف «ملاكي».
■ هل تجد الوقت حاليا مناسبا لتقديم الادوار الكوميدية؟
- المصرييون ملوك الضحك واى شخص مهما كان مدى حزنه يصطنع نكتة وإفيه ومواقف كوميدية تهون عليه حزنه.. ولكن للاسف حاليا الدم الخفيف الذى تشتهر به مصر تحول لنكد وبرامج توك شو ترهق المشاهد وتصيبه من الزهق خاصة مع تدهور الاحداث وتكرارها.. فمن المؤكد ان الجمهور يلجأ إلى القنوات الكوميدية والاعمال التى تنسيهم همهم،ولكنى لاحظت اقبال الناس على الاعمال الكوميدية القديمة لما لها من ثقل وفن فى التنفيذ وحرفية. انما الكوميديا الحالية روحها مكسورة ويقدمها فنانون ليست لهم المقدرة على صنع الموقف ويعتمدون فقط على الافيهات اللفظية.
■ من الفنانين الشباب اللذين لمعوا فى الكوميديا من وجهة نظرك؟
- هناك فنانون لفتوا نظرى فى الفترة الاخيرة فمثلا أحمد مكى ودنيا سمير غانم وفريق العمل الخاص بمسلسل «الكبير أوي» يضحكونى بشدة ، كما اشيد بالفنان محمد شاهين اعجبت كثيرًا بادائه الكوميدي.. هذا بالطبع بخلاف الاجيال السابقة لهم مثل أحمد حلمى ومحمد سعد وغيرهما ممن اتابع اعمالهم باستمرار.
■ هل تجد أن الدولة تهاونت فى تكريمك كفنان؟
- اطلاقا فانا حصلت فى عام واحد على 3 جوائز ومنها فى مهرجان الكوميديا بمسرح الطليعة والجامعة الأمريكية وتكريم المركز الكاثوليكي.. ولكنهم كانوا فى عام 2011 يبدو انهم يبشرون على بالوفاة ففكروا فى الالحاق بي.
■ ما رأيك فى الاستعانة بنجوم عرب لتقديم الادوار المصرية؟
- مصر طول عمرها تحتوى العرب وتقدمهم فى ادوار تليق بهم وبمكانتهم ولكن ليس من قلة الفنانين المصريين ان نقوم بالاستعانة ببعض العرب وتقديمهم فى ادوار مصرية مهمة ونحمل هم ايجادتهم للهجة والشكل وغيرها، فلو ممثل لبنانى يقوم بدور بنى بلده فى عمل نرحب به وليس هناك مانع.. لكنى سمعت مؤخرا ان هناك فنانًا سوريًا سيقدم دور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فمهما تم ضبط الشكل واتقان اللغة سوف يفتقد لروحه، والسؤال الآن هل لا يوجد اى فنان مصرى يستطيع اتقان شخصية الزعيم الراحل.. خاصة انه تم تقديمها اكثر من مرة بنجاح.
■ هل تعتبر الفن مهنة ليست لها أمان؟
- كل المهن ليست لها امان لأن المجتمع نفسه لا يقوم على اسس ولا قواعد صحيحة وسليمة. ومن يعجبه الحال يعمل ومن لا يعجبه يوجد غيره. والفن مرآة للمجتمع وتقدمه وثقافته وحضارته، وانظروا للفن الذى يقدم حاليا ستعرفون الحال الذى وصلنا إليه.. انظرى لما نحن نقدمه والتقدم الذى يشهده مسرح برنامج ببيروت مثل «the voice» ستجدى مستوى الاضاءة المبهرة والمتقنة والحديثة على المسرح، وقارنى هذا بالاضاءة على مسرحنا ستجدينا حتى الآن نعمل بنظام اضاءة نصف المسرح مثلما كنا نعرض بمسرحية «الا خمسة» للراحلة مارى منيب والتى قدمت فى الستينيات. كل المهن ليست لها امان والوضع يختلف والفن يتدهور ولا يتقدم.. وطالما الانسان يجد عشاءه ليلا ويعيش مستورًا فلا داعى للخوف والقلق.
■ ما السبب فى تدهور الفن والمجتمع؟
- الجهل المنتشر بكثرة فمثلا فصيل مثل جماعة الاخوان اللذين يرهبون الشعب ويقومون بالتفجيرات والاغتيالات تحت شعارات دينية زائفة.. ويقومون بتحريم الفن والثقافة بينما الفن نفسه مبنى على موهبة منحها الله سبحانه وتعالى لنا فكيف الله يزرع فينا ما يكون معصية له. فهل انتم تعترضون على حكم الله وخلقه؟ عالم ضيق الافق مجتمع منتشر به الجهل ومتفشى يجب ان يتدهور حاله.
■ من الشخصية التى تتمنى أن تتولى ادارة البلاد فى الفترة المقبلة؟
- لا يوجد أحد اصلح لهذا المنصب غير المشير عبد الفتاح السيسى فليس امامنا خيار غيره.