الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رحمة: نشر الوعى بين الناس دور الثقافة.. والشللية تحكم حياتنا




حوار - مجدى الكفراوى

مصطفى رحمة فنان تشكيلى من طراز فريد رسم للأطفال وحفر مساحة لاسمه فى تاريخ هذا الفن ثم عاد للوطن ليحيى بداخله اللوحة،  هنا فى معرضه الثانى ـ بجاليرى دروب ـ يبدع رحمة عالما من التشكيل الغنى موضوعه المرأة وتقنيته الكتلة وفلسفته الخط، يتناول الفنان بأسلوبه المميز الشخوص الآدمية كأبطال للوحاته، تتمحور حولها الأفكار والموضوعات، و «رحمة» أحد أهم فنانى الرسم الصحفية وتحديدا فى رسوم الأطفال، إلى جوار ممارسته للرسم الكاريكاتورى، رسومه توزعت فى عدد من الجرائد والمجلات منها روزا اليوسف، صباح الخير، عن معرضه «نون» الذى افتتح فى قاعة «دروب» كان حوارنا معه .. فإلى نصه:

■ للمعرض الثانى على التوالى يستمر مصطفى رحمة فى تناول المرأة كموضوع،  لماذا فرضت نفسها ولماذا استجبت؟
- للمرأة حضور كلى فى التاريخ،  ليس كنموذج (فورم او موديلز) أو ملهمة كما يصورها البعض، ولكنها حاضرة فى التاريخ الذى يحفظ لنا قصص وحكايات،  وأساطير،  لينهل منه فنانين كل بوسيلة تعبيره، ليخلد العمل بعد ذلك.
■ فى لوحاتك يبوح وضع الجسد  بما لم يبح به الوجه (القناع)،  وهو عكس العادة حيث الوجه سكن الانفعالات ؟ هل هى إحالة إلى موجة لغة الجسد ام لعبة التكوين؟
-المرأة فى كل أشكالها وهنا اتكلم عن «الفورم»، أو الكتلة وبعيدا عن الوجه، هى الحدود القصوى للصانع (الله) تجلت الصنعه فى ادراك ماهية توزيع الكتل داخل الجسم نفسه بحدود ومقاييس فاقت كل خيال، حتى البدينة منهن لها جماليات لو أدركها الفنان،  لصنع لوحات تأخذ لب المتلقي،  كلوحات بيتيروو كمثال.
■ ماذا يقصد مصطفى رحمة بعلاقة المرأة بالروحانى والغيبى (القطط والكوتشينة والفنجان) ؟
- لو لاحظنا فى بيوتنا زمان أو حتى وقتنا الحاضر،  ونحن فى الألفية الثالثة،  ان المرأة هى أكثر ايمانا بالتطير فمازالت تستخدم اشياء  لمعرفة ماهو آتى،  مثل قراءة الكف أو أوراق اللعب أو قراءة الفنجان،  وكلها عادات لن تنفك المرأة عنها، ولم أسرف فيها بشغلى، حيث تناولها أكثر من رسام بأعماله.
■ عدد من اللوحات العارية غاية فى الخصوصية والجمال لكن لماذا تبدو جميعا خجولة رغم الاحتفاء بالجسد؟
- الخجل أو الحياء هى صفات جميله فى المرأة زمان، فأذكر زمان ان حياء المرأة هو إضافة لكينونتها وأقول زمان لأن الحياء والخجل لم يعودا متوافرين ببنات اليوم واللاتى ظنن انهن كلما كن أكثر خشونة أصبحن لا يخشى عليهن،  وللأسف لا الحجاب ولا النقاب حالا بينهن وبين تصرفاتهن المرذولة.
■ رغم هيمنة المرأة فى اللوحة يطل الرجل فى لوحتين فقط ماذا يقول ؟
- الرجل ليس بحاجة للتعبير عنه بلوحة،  فتناوله بات من الكثرة بحيث لم يعد ملهما،  إلا فى إطار مشروع تتبناه الدولة،  كمشاريع مرحلة الستينيات،  والتى تم من خلالها التعبير بأشكال مختلفة عن ماهية الرجل فى مشاريع كبرى.
■ تختلف الوجوه، المجموعة اللونية، قطع اللوحات، التكوين، ويبقى وضع اليدين فى غالبية اللوحات اقرب للمقيد إلى أى شىء يرمز هذا؟
- وضع اليد هنا غير مقصود به رؤية فنية معينة،  ولا أريد ان أقول شيئا محددا،  ولكنه وبشفافية احيانا يمثل الذراعان عائقًا عندما ارسم كتلة أو فورم،  فمن خلال عشقى للكتلة لطالما تمنيت ألا ارسم الذراعين،  أو حتى اليدين.
■ فى زاوية المعرض اربع لوحات بورتريه  بمقاس واحد ويكسر قطعهم فى وحدة اللوحة الرابعة،  وكلهم بورتريه للمرأة هل هذا هو عنوان المعرض القادم ؟ أم هذا كل ما يعنيه الوجه بالنسبة لك ؟
- قرأت ما عنيته بالضبط،  هى بالفعل إرهاصة لمعرضى القادم هو تجريب، فاكتشفت نجاحى برسم الوجه بهذا الشكل،  وأعمل على نفس الفورم بمقاسات كبيرة جدا.
■ وأنت بباعك الطويل فى رسوم الأطفال ترى إلى أى مدى أثرت رسوم الأطفال باللوحة ؟
- الرسم للنشء والأطفال،  هو بمثابة التدريب الشاق جدا لرسم لوحة بعد ذلك،  ولن أقول إنى تعمدت ذلك ولكنها الأقدار التى تسوقنا الى حيث لا ندرى أو نخطط  وأذكر ان الفنان والمحترم حسن فؤاد كان يرى فى مشروع رسام كويس،  فطلب منى ان ارسم كل يوم مائتى أسكتش،  فلم أأخذ كلامه على محمل الجد،  وحتى لو قررت ان أفعل،  فلم يتوافر لى المال الكافى كى ارسم ٢٠٠ اسكتش يوميا،  ومعروف ان الأستاذ حسن فؤاد،  كان وراء نجومية الكثير من الفنانين مثل حجازى والبهجورى واللباد وجاهين والكثير غيرهم.
■ كيف ترى حركة النقد التشكيلى فى مصر ؟
- حركة النقد لم تعد تتوافر فى الكثير الكثير ممن يكتبون فى الفن الآن،  فهى من الخطورة بحيث يجب على الناقد ان يكون قارئًا ممتاز للوحة،  وهذا لا يتأتى إلا بثقافة موسوعية تشمل كل أشكال الفنون وحساسية فائقة تجاه العمل الفنى،  وبلدنا لم يعد يشهد متخصصين بالثقافة البصرية وأستقوفنى هنا ان بعض الأدباء يكتبون فى نقد الفن بشكل يفوق نقاد الفن المتفرغين،  فانبهرت بكتابات ادوارد خراط وعبدالرحمن منيف وآخر من كتب فى نقد الفن بشكل ممتاز بدر الدين أبوغازى،  ومحيى اللباد له اسهامات فى هذا الاتجاه،  وله عدة كتب هى أشبه ببصيرة نافذة لفنان كبير،  ولو بيدى لجعلت تلك الكتب مقررة على عدة مراحل دراسية، كذلك كليات الفنون عندها سأضمن جيلاً واعيًا بأهمية الفنون البصرية فى حياتنا.
■ ما رأيك فى اختلاف المثقفين على منصب وزير الثقافة؟
- للأسف الشللية تحكم حياتنا كلها،  فالمركزية التى خلقتها فترة حكم حسنى مبارك البائسة خلقت عدة دوائر فى كل المناحى، فلابد ان تكون منتميًا،  ولو آثرت ألا تكون منتميا،  فلن تكون ضمن الصورة،  والوزير هنا يمثل النظام،  وكم كتب مثقفون وصحفيون فى الإشادة بلوحات الوزير الفنان، وصفر المرتجع فقط لأنه وزير للثقافة وكم من مصالح تم تمريرها نتيجة لبؤس علاقة الوزير بالمثقف.
■ تقييمك كفنان لأداء المؤسسة الثقافية (وزارة الثقافة) وما تصورك لما يجب ان يراعى مستقبلا ؟
- الثقافة أن يكون لها وزارة بالمعنى المتعارف عليه هو نشر الوعى لدى جمهور عريض،  وفى فترة طالت كثيرا كانت نخبوية،  والمنتج الكلى للوزارة كانت أغلبيته تقدم فى صورة احتفالات لأعياد مختلفة، مع ان الثقافة دورها هو نشر الوعى الجمعى للأفراد،  وكان يحسب للوزير ثروت عكاشه ان وزع المنتج على الأقاليم،  فكانت المردود فرق مسرحية وفنون شعبية وقصاصين وروائيين ومثالين موزعين على كل انحاء مصر وهنا دور الثقافة الحقيقى كما هو متعارف عليه.