الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هل حانت ساعة الديمقراطية فى مصر؟




خالد عزب
 
ما زالت مصر تتراوح الأحداث فيها بين شد وجذب وصراع مستمر على السلطة فى مصر بين قوى تسعى إلى القفز إلى السلطة، لكن فى حقيقة الأمر إن هناك تغييراً عميقاً يحدث فى المجتمع المصري، فعلى الرغم من احتكار السلطة من قبل الأنظمة الحاكمة لسنوات طويلة، إلا أن هذا الاحتكار سيواجه تحديات خلال السنوات القادمة، فقد دأبت الأنظمة فى مصر على اعتبار كل ما هو على أرض مصر يجب أن يكون جزءاً من النظام، لكن التطورات الحادثة سواء فى نصوص الدستور التى تُشير إلى انتخاب رؤساء المُدن والأحياء والعُمد، إلى تحرر النقابات من قبضة السلطة لتُشكل سلطة تدافع عن المهنة والمنضويين تحت النقابات، فعلى سبيل المثال الوضع الراهن لنقابة الأطباء التى خرجت من طوق سيطرة الدولة ثم الإخوان المسلمين وكلاهما إما جعلها تابعة أو مسيسة، لكنها الآن تواجه وزارة الصحة ليس فقط فى مجال تحسين أجور وأوضاع الأطباء لكن أيضاً فى مجال تحسين مستوى الخدمات الصحية التى تُقدم للمرضى.
إن أكبر أدلة إنحسار هيمنة سلطة الدولة، هو بزوغ ما يسمى فى مصر الجماعات الثقافية والفنية المستقلة فى مصر، فعلى سبيل المثال ظهرت جماعات أدبية وفرق فنية ومسرحية خارج سيطرة وزارة الثقافة المصرية، حتى بدا فى الأفق أن الحراك الثقافى فى مصر يُصاغ عبر شبكة الإنترنت من ناحية وفى الشارع الثقافى المستقل من ناحية أخرى، هذا يطرح تساؤلاً حتى حول مستقبل وزارة الثقافة وأدوارها فى مصر.
لكن ستظل مصر إلى عشر سنوات قادمة امتداداً لجلب القيادات من داخل منظومة الدولة والمؤسسة العسكرية لما لديهم من خبرة فى إدارة الدولة، خلال هذه السنوات ستُفرز انتخابات المحليات والمجتمع المدنى والنقابات قيادات جديدة ذات خبرات سياسية ستتولى إدارة البلاد، وعليه فإن التغييرات العميقة فى مصر إذا نظر إليها أنها ستحدث بين يوم وليلة فهذا هراء أبعد عن الواقع بكثير.
إن قوة الدولة فى مصر نابعة من قوة الجهاز الإدارى على الرغم من كونه غارقاً فى البيروقراطية، إلا أن هذا الجهاز بات فى حاجة ماسة إلى تطوير بنيته وطريقة أدائه إذ إن سخط المصريين انصب عليه لكونه معرقلاً للكثير من مسار حياتهم اليومية، هذا فالتحدى القادم أمام الحكومات المستقبلية فى مصر، هو كيفية تحديث منظومة العمل فى جهاز الدولة.
لكن أكبر معضلات التحديث فى جهاز الدولة هى وزارة الداخلية، وهى ذراع الدولة الأمنى فى التعامل مع المدنيين، إذ إن الكثير من النشطاء السياسيين صبوا جام غضبهم على وزارة الداخلية، لكن هذا الغضب لم يراع أن أعضاء هذه الوزارة فى الأصل مواطنون شرفاء، بعضهم مارس التعذيب وورث أساليب لم تعد مقبولة فى التعامل مع المواطن، فى ظل توافر أدوات حديثة للبحث الجنائى وجمع الأدلة، إن تحسين ورفع مستوى العلاقة بين المواطن وأقسام الشرطة، لتُصبح الشرطة فى خدمة المجتمع وتُقدم أمن المجتمع على أمن الدولة، كما أن طرق التعامل مع المواطنيين وإستقبالهم لدى كافة إدارات وزارة الداخلية والاستجابة لهم ستُشكل عاملاً حاسماً فى تحسين صورة ومكانة وزارة الداخلية لدى المواطنيين المصريين، هذه الصورة التى مازالت مُعطلة ويشوبها الكثير بشأن أداء الأجهزة الأمنية حتى فى مواجهة النشطاء السياسيين والجريمة فى الشارع.
إن ما تحتاجه مصر لكى تعبر إلى المستقبل هو قيادة سياسية لديها مشروع وطموحات كبيرة، إذ إن طبيعة الشعب المصرى وموروثه النفسى التاريخى لا يقبل الحلول الجزئية ولا الطموحات الصغيرة، فعلى قدر الهرم الأكبر أكبر وأقدم أثر تاريخى إلى السد العالي، ينظر المصريون إلى المستقبل بذات العين.