الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بانوراما التحليل النفسى الحكومات المصرية المتعاقبة بين ثورتين




كتب: د/ على الشامى
شفيق .. «المـُتوحد»
 
فى حديث سابق امتد على مدار 35 حلقة على صفحات جريدة روزاليوسف اليومية تناولنا بشكل منهجى قيادات جماعة الإخوان بالتحليل العلمى طبقا لنظرية التحليل النفسي، نالنا ما نالنا من الهجوم كما نلنا الكثير من المدح والثناء، راعينا فيه المنهجية الشديدة والالتزام بالقواعد العلمية والصحفية المتبعة وكان الغرض الرئيسى هو فهم وتحليل ظاهرة تفشت فى المجتمع المصرى وهى ما يطلق عليها «الإسلام السياسي» المتجلية فى جماعة الإخوان الإرهابية كنموذج واضح وكبير وليس الهجوم عليها على الإطلاق .. اليوم نرصد بشكل بانورامى التحليل النفسى للحكومات المتعاقبة بداية من 25 يناير وانتهاء باللحظة الراهنة وهى حكومات تباينت بشدة من ناحية المواقف والتوجهات، بدءًا بوزارة الفريق أحمد شفيق الأو لى فى تلك الوزارات والمشكلة حتى قبل تنحى مبارك والتى عينها مبارك نفسه واعتبرها البعض امتداداً لنظامه وانتهاء بحكومة محلب التى اقسمت اليمين وسط آراء متضاربة وواقع يشى بغموض وضبابية المرحلة الحالية وآمال كبيرة فى الانفراج، وأو د التأكيد أيضا على أن الحديث هنا هو حديث على مستوى النفس والعملية اللاشعورية وذلك طبقا لنظرية التحليل النفسي.

«شفيق» هو  الابن المخلص لنظام مبارك طبقا لنظرية التحليل النفسى «عقدة أو ديب» ينحاز الابن تجاه الجنس الآخر ويشعر برغبة عارمة فى الاستحواذ عليه ولكنه يصطدم بما يسمى عقدة الخصاء/الأذى النفسي، فتجده يتملق الأب ويمجده ويحاول التودد له بل ويصل لحد التوحد معه
«المُخلص» صفة تكاد تنطبق على أحمد شفيق صاحب أو لى وزارات ما بعد 25 يناير والتى بدأت فيها الأحداث ضد مبارك تتزايد وتتصاعدت حتى طالبت برحيله، وشفيق هو الابن المخلص لنظام مبارك وطبقا لنظرية التحليل النفسى «عقدة أوديب» ينحاز الابن تجاه الجنس الآخر ويشعر برغبة عارمة فى الاستحواذ عليه ولكنه يصطدم بما يسمى عقدة الخصاء/الأذى النفسي، فتجده يتملق الأب ويمجده ويحاول التودد له بل ويصل لحد التوحد معه، لاحظنا أن شفيق المكلف بعد إقالة حكومة نظيف بغرض تهدئة الأو ضاع وامتصاص غضب الشارع تحمل وحده إثم ووزر النظام السابق، فهو
خليفة «نظيف» آخر وزراء مبارك ووزير الطيران المدنى فى وزارته والمرشح همسا داخل أروقة القصر الحاكم لخلافة مبارك - ماقبل الثورة -  فى أحد سيناريوهات اعتزاله الطوعى للعمل السياسى كرئيس  خرج علينا ليقول أن مبارك هو مثله الأعلى ومعلمه ولم ينكر ذلك بل كان يباهى به علنا، يكاد يصف مبارك بالأب تجنبا للأذى النفسي، هنا أتوقف وأقول أن كل التفسيرات النفسية التى أقدمها على مستوى اللاوعي، أى أنها تحدث بشكل لا شعورى طبقا لنظرية التحليل النفسى ومن سمات هذه المرحلة أيضا أنها جاءت بعد صدمة أحداث يناير وكانت فى أو ائل المرحلة، فكان الإنكار الذى يعقب الصدمات وكان مبارك - النظام - ينكر حدوث ثورة ويقول أنه سيلبى المطالب الشعبية، توحد شفيق مع مبارك - الأب - كان أيضا على مستوى «البارانويا» أو تضخم الأنا التى كان يعانيها مبارك والتى لاحظناها فى العديد من البرامج التليفزيونية مع شفيق.

وزارة شفيق ذات الـ 33 يوم والتى أجرى بها تعديلات جاء معظمها من رجال الحزب الوطنى ووزارات سابقة له فى عهد نظام مبارك وحتى التعديلات جاءت مرتبكة وأحرقت العديد من الوجوه لمحاولة أخيرة ويائسة لتصدير وجوه غير محترقة إلى حد ما ولم تكن تتغلغل فى الفساد ولم تخرج آثار فسادها إلى العلن على أقل تقدير، لكن الأمور فشلت بسبب المد الثورى العنيف فى هذه المرحلة التى شهدت معظم فترة الـ 18 يوماً وما بعد التنحى بأيام ليست أبدا بالطويلة.
شرف .. «الضـَعيف»
«شرف» ابن النظام المباركى الضعيف الذى استقال من وزارة سابقة للاحتجاج لم يستطع على المستوى النفسى قهر مبارك «الأب» الملعون شعبيا فقرر بشكل لاواع أن يترك الأمور تسير بالدفع الذاتى وبالتالى خرج العنف المخزون فى الشعب المصرى وتمردهم على السلطة فى شكل تخريبي
فى يوم 3 مارس 2011 تم تكليف وزارة جديدة بقيادة الدكتور عصام شرف وهو الرجل الذى وقع عليه اختيار المشير طنطاوى لرئاسة الوزارة ليحل الأزمة بعد استقالة شفيق، ومازالت بعض الأصوات تتعالى - إلى الآن - فى تساؤل لهم فيه الكثير من الحق: هل دفع المشير بعصام شرف بقصد حل الأمور أم دفع به من أجل تعقيد الأمور والتى لا تحتاج إلى الكثير من المجهو د لتعقيدها، إن لم تكن قد وصلت إلى ذروة التعقيد بعد ثورة أطاحت برأس نظام أكل عليه الدهر وشرب وحول المجتمع من فساد الدولة إلى دولة الفساد ؟
وفى تشكيله الثانى أدت وزارة الدكتور عصام شرف حلف اليمين فى يوليو2011 .. تقريبا  يمكن تلخيص فترة وزارته بالضعف، متجسدة فى وصف «الدولة الرخوة» ممثلة فى أدق معانيها وتفاصيلها، لا أحد يبادر فقط تتحرك الحكومة «للطبطبة» فقط للتهدئة دون علاج ناجع أو حاسم، مجموعة تقطع الطريق فيذهب إليهم رئيس الوزراء ممثلا للدولة المصرية للنقاش، يذهب بنفسه إلى قاطع طريق ويحايله من موقع ضعف لفتح الطريق وعدم قطعه، فيبدأ البعض يلتقط طرف الخيط ويتحرك ويضغط بقوة، شاهدنا انتهاكات البلطجية والبناء المخالف على أراض زراعية خسرت مصر بسببها رقعة زراعية مهو لة اكتسبتها على مدار آلاف السنين، قطع الطرق والقطارات وأعمال السلب والنهب مع غياب أمنى تام عن الشارع، فكان شعار المرحلة «من أمن العقوبة أساء الأدب».
«شرف» ابن النظام «المباركي» الضعيف، استقال من وزارة سابقة للاحتجاج لكنه لم يستطع على المستوى النفسى قهر الأب والاستحواذ على مصر «الأم»، بالتالى فضل التملق للأب ولكن الأب كان فى هذه المرحلة ملعونا شعبيا فقرر بشكل لاواع أن يترك الأمور تسير بالدفع الذاتى وبالتالى خرج العنف المخزون فى الشعب المصرى وتمردهم على السلطة فى شكل تخريبي، ونجد أن حرق الكنائس أصبح سمة أساسية فى هذه المرحلة وصاحبه عدم تدخل الدولة نهائيا فى هذا الأمر، وإن تدخلت غلب العرف على القانون مما يشى بانهيار مفهو م الدولة، ما يجعلنا بعد تفهم موقف الدكتورعصام شرف النفسى إلى التساؤل عن مكنون نفس المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى وحاكم البلاد فى هذا الوقت.
عصام شرف جاء للوزارة بآمال وأحلام شعبية من ميدان التحرير وكان مصرا على الذهاب إلى مجلس الوزراء بالمترو! فى مبالغة عاطفية فجة تحمل بعض الملامح الهستيرية والتى تنم عن سلوكه العام فى التحرك والتعامل مع المواقف كما أطلقنا عليها سابقا «طبطبة» مع أى مخالف للقانون بدلا من اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة والعقوبات الرادعة وهى أمور بالطبع لا تليق بمسئول خرج من الوزارة بغضب شعبى هائل مخلفا وراءه فوضى لاتزال آثارها موجودة إلى الآن.

الجنزورى .. «المـُنقذ»
 
فى عهد حكومة الإنقاذ التى كان يرأسها «الجنزورى» حاولت الحكومة بكل وزارتها السيطرة على الوضع الاقتصادى والأمنى فى البلاد، وشهدت البلاد تحسنا ملحوظا حتى أن ذلك دفع جملة شهيرة إلى الصعود على السطح لا تخفى علينا الآن ملابساتها النفسية وهي: «ولا يوم من أيامك يا مبارك!»
فى 25 نوفمبر 2011 كلف الدكتور كمال الجنزورى بتشكيل الحكومة وأدت وزارته حلف اليمين فى 7 ديسمبر - وهى ليست  المرة الأو لى التى يتقلد فيها الجنزورى الحكومة فسبق أن تولاها فى عهد مبارك - وحملت الحكومة صفة حكومة «الإنقاذ الوطني»، وهى صفة أصبحت لاحقا ضرورية لأى فعل، فأى مبادرة أو أى لجنة أو جمعية هى بالطبع للإنقاذ الوطني، إلا أن الجنزورى صاحب التسمية الأو لى كان صادقا إلى حد بعيد، فالرجل صاحب سياسات اقتصادية جيدة إلى حد ما وله خبرة فى العمل فى نفس المجال كرئيس وزراء سابق، لكن العديد من الوزراء رفضوا الانتساب لوزارة
الجنزورى لأنهم ببساطة وبحسبة غاية فى السهو لة رفضوا أن يحملوا نتائج المرحلة السابقة وأو زارها وهم غير مرتكبين لتلك الأو زار فى الأساس، فامتنع الكثيرون عن المشاركة وكان هذا هو التحدى الحقيقى للحكومة وللجنزورى نفسه، دعونا نؤكد أن الحكومات المتعاقبة تعاملت مع النظام والدولة من  الناحية النفسية  من منطلق «أو ديبى» بحت  ولكن التحرك من جانبها اختلف باختلاف طبائع شخصية الرئيس - رئيس الحكومة - وطبيعة المرحلة نفسها، بمعنى أننا نجد الصراع الأو ديبى يتركز أساسا فى رغبة الابن فى التخلص من الأب والاستحواذ على الأم، هنا نجد أن الشعب لا يمثل الابن وإنما الحكومة، ويبقى الأب هو النظام الحاكم الصارم القاسى أو السلطة الأبوية العنيفة طبقا لأوديب، وتبقى مصر هى الأم أو الدولة، والصراع هنا هو محاولة استحواذ تنتهى بصراع يتم فيه طرد الابن - خارج الوزارة - والتخلص منه أو خضوع الابن للسلطة الحاكمة أى الرئيس أو النظام الحاكم أيا ما كان، لكن يظهر هنا ملمح مهم وهو أن الابن عندما يجد نفسه منهزما بهذه الطريقة ويخشى السلطة الأبوية الصارمة فإنه يتملق الأب خوفا
من الأذى النفسى - عقدة الخصاء- وبناءا على ذلك يبدأ الابن فى ابداء فروض الولاء والطاعة والتعامل طبقا لقوانين الأب وإرادته وما تمليه عليه السلطة الأبوية بالضبط وكان الجنزورى هو تماما الممثل المثالى لهذا الطرح الأخير، ففى عهد حكومة الإنقاذ التى كان يرأسها حاولت الحكومة بكافة وزارتها السيطرة على الوضع الاقتصادى والأمنى فى البلاد، وشهدت البلاد تحسنا ملحوظا حتى أن ذلك دفع جملة شهيرة إلى الصعود على السطح كفكرة منطقية بين الناس -  لا تخفى علينا الآن ملابساتها النفسية - وهي: «ولا يوم من أيامك يا مبارك!».

قنديل .. «المـُطيع»
«قنديل» وحكومته نموذج رائع جدا لمفهو م «عقدة الخصاء» فى أشد صورها، خاصة أن الوزارة الإخوانية والتى عينت فى عهد مرسى ظلت مرتبطة به رغم الكوارث السياسية والاقتصادية فضلا عن فضائح داخلية وخارجية سببتها أو تسبب بها من صراع مركب بين الحكومة والنظام الحاكم السابق
 تحدثنا بأن الأنظمة الحكومية المتعاقبة تحركت فى أدائها الوزارى طبقا لعقدة أو ديب وإن اختلفت التوجهات وإن اختلف الأداء وهذا الاختلاف بناء على الفروق الفردية بين رؤساء الحكومات المختلفة وطبقا لتوجههم السياسى والأيديولوجي، فى حديثنا عن أحمد شفيق تحدثنا عن انه «أو ديبي» لم يمهله القدر ولكنه فى فترته القصيرة توحد مع النظام السابق ورمزه الأهم «حسنى مبارك»، أما الحديث عن شرف فكان هو أوديب المرتبك الذى لا يجيد ولا يحسن عمل شيء على الإطلاق لدرجة أنه فشل فى كل المهام، فشل حتى فى التملق للسلطة/ الأب وذلك بالطبع فضلا عن فشله فى الاستحواذ
على الأم/ مصر ونيل رضا الشعب فكان مصيره الطرد، أما الجنزورى فكان الأسعد حظا بين الجميع وكانت ظروفه الأصعب إلا انه استطاع الموائمة إلى حد بعيد قبل أن تنقلب عليه الظروف. فى حديثنا عن هشام قنديل نجد أن الأمر يأخذ بعدا جديدا ومنحنى مختلف، فالأب نفسه هنا تغير وأصبح وجود الابن محسوبا على وجود الأب، فالإبن منسحق تماما لصالح رغبات الأب ويمثل مجرد صدى صوت له ويفاخر بنفسه أنه الشخص المثالى المطيع للسلطة الأبوية ويفاخر به الأب، إلا أن الأمر كله لا يعدو كونه ضعفا وانبطاحا كاملا أمام السلطة الأبوية خوفا من الانسحاق أو الاذى النفسي/
الخصاء، مما جعل قنديل وحكومته نموذجا رائعا جدا لمفهو م عقدة الخصاء فى أشد صورها، هنا ملمح آخر فى مرحلة هذه الوزارة الإخوانية والتى عينت فى عهد مرسى وظلت مرتبطة به رغم الكوارث السياسية والاقتصادية فضلا عن فضائح داخلية وخارجية سببتها أو تسبب بها وهو أن الصراع هنا كان مركبا بين الحكومة والنظام الحاكم من جانب وبين الأب الجديد/ الإخوان كإبن لأب قديم هو نظام مبارك، وكان الصراع أيضا مستعرا خلال فترة حكم الإخوان والتى هى أيضا فترة حكومة هشام قنديل.
الببلاوى .. «المـُنعزل»
كما اتفقنا سابقا فإن الأمر مرتبط بطبائع الأمور والأحداث الجارية فى البلاد من ناحية وأيضا السمات الشخصية لرئيس الحكومة من جانب آخر، فالببلاوى شأنه فى ذلك شأن كل الحكومات المتعاقبة - أقصد من الناحية النفسية - حاول معالجة الصراع «الأو ديبي» إلا أنه فشل، لكنه اندمج مع الفشل فى تخبط مخيف لأنه حاول حل الصراع الأو ديبى على مستويين، أو لا مع «الأب الأو ل» وهو النظام القديم الذى بدأ فى محاولات الظهور بعد ثورة 30 يونيو، ومحاولة اختطافها اعتقادا منه أن الحزب الوطنى سيعود إلى الساحة من جديد بسقوط الإخوان وهو ما أراه بشكل شخصى أمر خاطئ
لكن ذلك ليس مجال بحثنا الآن، ثانيا: الببلاوى على المستوى النفسى هو الابن الذى يصارع الأب فى نفس حالة الصراع الأو ديبى فى سبيلة للحصول والاستحواذ على الأم / مصر أو الدولة أو حالة الاستقرار والمضى قدما للأمام .. إذن نحن أمام حالة مشابهة لما  سبق فما الذى جعل الببلاوى يتفرد بهذا الكم من الفشل أو السقوط على أرض الواقع ؟، الإجابة ببساطة وضعنا نواتها فى بداية حديثنا عن الببلاوى وهو أن الصراع الأو ديبى مزدوج، بمعنى أن الصراع الكلاسيكى مبنى على ابن وأب، أما هنا فالصراع بين أبوين وابن وكلاهما يصارع الابن، أى كليهما يهدد الابن بالخصاء /الأذى النفسي، فالببلاوى كلف بوزارته بعد سقوط نظام الإخوان وعقب ثورة 30 يونيوواجه استمرار بعض الذيول والحسابات والمصالح التى ربطت الإخوان بالسلطة فبدأت المحاولات الانتقامية والتدميرية فى الشارع ولا سيما بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة.

هنا أصبح الصراع واضحا بين ابن يحاول الاستحواذ على الأم/ مصر، أى الاستقرار ويعالج صراعا بين سلطة أبوية صارمة تأخذه فى اتجاه وسلطة أخرى تأخذه فى الاتجاه المضاد تماما، مما جعل الوضع يصل إلى ما نحن فيه وحتى إقالة أو استقالة الحكومة وسط حالة من الغضب الشعبى الجارف وعدم الرضا عن أداءها واتهامها من قبل بعض الأطراف بالعمالة .. الأمر ببساطة لا يعدوكونه صراعا مزدوجا فترك الرجل المركب تسير بلا توجيه فى وسط اعصارين متضاربين، السؤال هنا لماذا استمر الببلاوى؟ ولماذا قبل المغامرة؟ ولماذا قبل أن يكون موطن صراع واع وليس الحديث عن حالة الصراع لاواعى التى نوردها هنا ؟ ربما تكون هناك بعض الإجابات فى عقل الببلاوى فقط .
 
محلب .. «المـُصارع»
«محلب» هو وزير الإنقاذ الجديد، ويبدو أيضا أن الرجل واقعى جدا فى اختياراته ومعادلاته ومحاولته زنة الأمور بميزان حساس فى زمن صعب، إلا أن وراء هذا كله آمال عريضة، تدل اختيارات محلب للوزراء على عمليته ومحاولته خلق توازنات تدفع للاستقرار

 يبدو الأمر وكأن محلب هو وزير الإنقاذ الجديد، على الرغم من أن كلمة «الإنقاذ» أصبحت مصطلحا مستهلكا سيئ السمعة إلى جوار تعبيرات أخرى مثل «فترة انتقالية»، ويبدو أيضا أن الرجل واقعى جدا فى اختياراته ومعادلاته ومحاولته زنة الأمور بميزان حساس فى زمن صعب، إلا أن وراء هذا كله آمال عريضة ومن الصعب أن نقول أن هذه الآمال يصحبها تأكيدات من أى طرف مهما بلغت قوته وسيطرته على الأمور لصالح عمل أى فعل أو اتخاذ أى موقف، تشكل اختيارات محلب مجرد «حلم» فهو «أو ديب» الجديد الذى يصارع فى أسطورة أبدية، تدل اختيارات محلب للوزراء على عمليته ومحاولته خلق توازنات تدفع للاستقرار وأيضا تدل على حسم الصراع الأو ديبى لصالح أبوين، فالصراع الآن لصالح أب واحد فقط بعد سقوط
أسطورة الإخوان إلى الأبد، ايضا هذا الأب – المتبقى – قد اصطبغ بصبغة جديدة فلم يعد يمكن القول بأنه نفس الأب القديم بشكل واضح .. الأمور إذن ملتبسة والرجل حالم بالاستقرار ولكنه يجيد التملق- على المستوى النفسى الأو ديبى -  للأب القوى ويجيد صناعة معادلاته بشكل جيد، لكن تبقى إجابة التساؤل عالقة لم تتضح معالمها بعد: هل يستطيع محلب حل الصراع الأو ديبى بين الحكومة /الابن والسلطة /الأب للحصول على الاستقرار/ الأم
وإعادة خلق حالة الدولة أم انه سيخضع للسلطة الأبوية القاهرة الصارمة وسيعيش محاولا تملقه تجنبا للأذى النفسي/ عقدة الخصاء؟، يبقى أمام «محلب» الاختيار أو خوض الصراع فى اتجاه الحسم - طالما أن حديثنا على المستوى النفسى -  وتبقى الإجابة معلقة على ردوده وأفعاله وهو ما سنراه فى المستقبل و«إن غدا لناظره لقريب».