الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مهندسو الهدم الثقافى




كتب: د. حسين محمود

أقرأ الآن كتابا جميلا، موجها لأهل المهنة (مهنة الثقافة) ولأهل العلم (علم الثقافة)، بعنوان «دليل تصميم المشاريع الثقافية» لمؤلف إيطالى اسمه لوتشو أرجانو. فهل الثقافة مهنة؟ وهل لها علم؟ وهل يجب على المثقفين أن يكتسبوا المهنة وأن يحصلوا العلم الثقافي؟
هذا الكتاب يحاول أن يجيب عن هذه الأسئلة، ويؤكد منذ السطور الأولى أن هذا الدليل هو كتاب دراسي، موجه إلى الدارسين فى الجامعة الذين ينوون الاشتغال بالعمل الثقافي، ومن ثم فله قواعده المعرفية، والتى تجعل منه علما له أصوله، وتطوره، ومستقبله. ومادته كتبها العاملون فعليا فى حقل الثقافة، ومن ثم فهى أيضا مادة قادمة من مهنة، أو مهن، الثقافة وموجهة إليها.
يقتبس الكتاب عبارة للكاتب كارل كراوس ويطرحها مفتاحا لفهم الموضوع، هذه العبارة تقول: «الثقافة هى ذلك الشيء الذى يتلقاه الكثيرون، ويتناقله الكثيرون، ولا يملكه إلا القلة».
الكتاب يمتد عبر 560 صفحة كلها موحية بما لا حصر له من إمكانيات العمل الثقافى التى لا تقتصر فقط على إيطاليا، وإنما هى تجارب يحتاجها وعلى نحو خاص مجتمعنا المصرى.
لقد سبق أن تحدثت عن علوم الإدارة الثقافية، والاقتصاد الثقافي، واليوم أقترح ترجمة هذا الكتاب عن تصميم المشاريع الثقافية، وذلك لأننا نحتاج بالفعل إلى البناء الثقافى لبلدنا فى مواجهة فلسفة  الحظيرة التى لا تزال تعمل عملها وأثرها فى الثقافة المصرية، ولا تزال معاول مهندسى الهدم تنسف ما تراكم فى مصر من تراث ثقافى ممتد، بدليل ما يحدث فى المركز القومى للترجمة، والذى نبهنا إليه مرارا، ونبه إليه غيرنا، وكتب عنه كبار المترجمين، وشبابهم، ومع ذلك فإن هدم المركز القومى للترجمة يتواصل بكل همة وعزم دون أن يقدم الوزير أي بادرة على أنه ينوى إصلاح هذا  الخلل. إننا لا نطلب من الوزير أن يقدم لمستقبل مصر الثقافى إبداعا عبقريا، ولكن أن يستطيع على الأقل أن يحافظ على ما بين يديه؟ وهل عدوى نظام مبارك فى العناد قد طالته وأنه قد ركب رأسه وانتهى الأمر؟
المركز القومى للترجمة هو أحد المشاريع الثقافية المهمة لنهضة الأمة، وكان يحتاج إلى تطوير شامل، حتى يترجم فعلا، ويصل ما يترجمه إلى المستفيد النهائى على المستوى القومي، وحتى يسد احتياجات الأمة من المعرفة. وبدلا من ذلك أصبح المركز مقبرة للترجمات، ومستقرا للمصالح الشخصية،  وسرادق عزاء لمشروع ولد كبيرا ومات صغيرا.

أستاذ الأدب بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
[email protected]