الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بالوقائع والأرقام نرصد: سوق الدعارة والاستغلال الجنسى للقاصرات




اعد الملف – علياء أبو شهبة

شغفها حلم ارتداء فستان الزفاف الأبيض لعلها تهرب من الأعمال المنزلية الشاقة، وتملأ معدتها الخاوية بأجود أصناف الطعام التى طالما حرمت منها، فهى لا تقل جمالا عن جارتها، بل يشهد برشاقة قدها وفتنها من يشاهدها، كما أن سقف منزلهم المثقوب الذى يسمح بتسلل قطرات المطر بعنف يغرق رءوس أسرتها وهم نائمون أصبح يصيبها بالأسى الشديد، لذا قررت تغيير واقعها والموافقة على العريس الستيني، فالرجل لا يعيبه سوى «جيبه» كما يردد والدها دائما.
 
 
أحلام الفتاة التى لم تكمل عامها الخامس عشر سرعان ما تحولت إلى كابوس، بعد أن أصبحت زوجة لعجوز فى منتصف عقده السابع الآن، يظن الجيران فى الحى الراقى الذى انتقلت للعيش فيه أنه جد أبنائها الثلاثة، الذين أنجبتهم خلال مدة حياتها الزوجية التى تجاوزت الـ15 عاماً، وأكثر ما يؤلمها أنها تعيش فى السعودية بلد زوجها على اعتبار أنها خادمة لزوجاته الأخريات وأبنائه.. قصة هذه الفتاة ابنة مركز البدرشين فى محافظة الجيزة، هى واحدة من آلاف الفتيات القاصرات اللاتى يتم تزويجهن عبر سماسرة ومحامين فقدوا ضمائرهم، ليتزوجن شيوخاً تفوق أعمارهم 60 عاما.. القصة قد لا تبدو جديدة فقد صورتها الأعمال الدرامية منذ عشرات السنوات، لكن الجديد فيها والمؤسف بالطبع هو ما انتشر خلال السنوات الماضية ولم تفلح ثورتين فى إيقافه، ألا وهو تزويج القاصرات لعرب يسافرن إلى دولة الأردن للإقامة برفقتهم إلا أنهن يصدمن بإجبار أزواجهن لهن على العمل فى الدعارة والملاهى الليلة، إضافة إلى العمالة المنزلية فى ظروف غير آدمية، وكلها صور تنتهك كرامة المرأة المصرية.. «روزاليوسف» تكشف أبعاد هذه الظاهرة فى السطور التالية، حيث تعتبر من أسوأ أشكال الإتجار بالبشر، المجرم قانونا.
أمينة، وهو اسم مستعار اختارته لتروى مأساتها، فابنة الـ 26 عاما  تعرفت من خلال زوج ابنة عمتها على عريس أردنى الجنسية يكبرها بـ 16 عاما، وهو ما تخوفت منه فى البداية لكن رغبتها الملحة فى الزواج لشعورها بتأخرها الشديد عن مثيلاتها، دفعتها لقبول الزواج منه عملا بمقولة «ظل راجل»، إلا أنها بعد السفر للأردن تفاجأت أنه له زوجتان وأنها ليست سوى متسولة فى النهار وخادمة لزوجاته فى المساء.
وما أن إشتد عود نادية التى لم تكمل عامها السادس عشر، وأصبحت مطمعا لكل السماسرة الذين يتوافدون على منزلها يوما بعد الآخر ومعهم عرسان من العرب من جنسيات مختلفة، لكن «ست الحسن والدلال»، كانت تتدلك، وتظن دائما أنها تستحق الأفضل، حتى دق بابها عريس أردنى وسيم الملامح لم يتعد عامه الأربعين، ودفع للسمسار 20 ألف جنيه، مقابل الزيجة، وأغدق عليها بالهدايا الغالية والملابس التى تماثل ملابس النجمات، والتى لم تكن تحلم يوما بإرتدائها، كما أنه لم ينس أسرتها فأنفق على علاج والدها، وساعدهم على شراء شقة جديدة.. تبددت سعادة نادية إلى شعور بالصدمة تلاه شعور بالعار وأمام ضرب زوجها المتكرر لها خضعت إلى رغبته وعملت فى الملهى الليلى تحت إشرافه، ليجبرها يوما على إقامة علاقة جنسية شاذة مع عجوز عاملها كما لو لم تكن إنسانة.. استطاعت نادية الهرب وساعدها أولاد الحلال على الذهاب إلى مقر السفارة المصرية فى الأردن، ومنها إلى إحدى جمعيات رعاية المرأة لتنال قسطا من الدعم النفسى الذى ساعدها كثيرا، قبل أن يتم ترحيلها إلى مصر، لتعود مدمرة، لا تحمل سوى قدر هائل من الذكريات المؤلمة..  وكأن الشقاء قدر وفاء، السيدة الأربعينية، التى رضت بقليلها، فالعريس لم يكن سنه كبيرا فحسب، ولكنه يعانى من شلل فى نصفه الأيسر، وكان مرضه هو عقدته التى بمرور الوقت جعلتها مريضة نفسية، نظرا لما تعرضت له من تضييق.
لم ينفق العريس ما يزيد على 2500 جنيه لأسرتها، و500 جنيه مقابل الشبكة، التى حصلت عليها أسرتها الفقيرة بعد سفرها إلى السعودية برفقة زوجها، الذى حبسها، ولم ينجح أبناؤها الأربعة الذين أنجبتهم خلال عشر سنوات فى التهوين عليها، حتى ضاقت بحياتها ورفعت دعوى طلاق أمام المحاكم السعودية لتناله وتفقد حضانة أبنائها.