الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الجزائر بين الثورة واللا ثورة




كتب: أسماء عبد الفتاح حسين


فى الفترة الماضية كنت أخاف أن يطول دولة الجزائر الشقيقة رياح الخريف العربى بثوراته التى خلفت دولاً أصبحت أكثر معاناة من ذى قبل، وضعفا اقتصاديا أعمق من ذى قبل وتمزقا اجتماعيا وفوضى وعدم امان واضرابات واضطرابات، عكس ما تمنى الجميع بأن تلك الثورات ستحمل رياح التغيير ليتحول الوضع فى دولنا العربية إلى الأفضل وسيحكم العدل وتحيا تلك الدول فى رخاء، وليس معنى ذلك بأننى ضد التغيير ولكننى ضد عشوائية التغيير والثورات غير الممنهجة والتى ليست لها أهداف واضحة وصريحة، خاصة أن المنطقة العربية بأكملها مطمع ولن تنسى القوى الاستعمارية القديمة أهدافها فيها ولن يتركوا الفرصة لاستغلالها للتدخل فى دولنا واحتلالها من جديد بأى استراتيجية وبأى مسمى وبأى طريقة، ولكن مخاوفى تجاه الجزائر عادت لتتجدد فى هذه الأيام التى تحيا فيها الجزائر فى خضم أحداث مضطربة وآراء متفاوتة تجاه الانتخابات الرئاسية المرتقبة هناك والمقرر إجراؤها فى 17 إبريل المقبل، وفى هذا الصدد كتبت صحف فرنسية وبريطانية تقارير تحت عنوان «الجزائريون يتأملون نهاية البؤس ويخشون ترشح الرئيس المريض مجددا؟».
وما لفت نظرى أن الصحف الامريكية والفرنسية والبريطانية على وجه التحديد تركز على حالة واحدة يعيشها شعب الجزائر يصفونها بحالة السخط والغضب التى تنتاب الجزائريين من إعلان ترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة البالغ من العمر 77 عاماً لفترة رئاسية رابعة على الرغم من مرضه ويعبرون عن الوضع بتهكم وبأن الشعب الجزائرى بصدد ثورة إذا ما فاز بوتفليقة المريض بتلك الجولة مهمشين تماماً الآراء التى تحبذ ترشح بوتفليقة وترى أن عدم ترشحه زوال للاستقرار.
والحقيقة أن الانتخابات الرئاسية الجزائرية تأتى فى وقت حرج وصعب للغاية سواء الوضع العربى ككل أو الوضع داخل الجزائر نفسها، فضلًا عن ارتفاع البطالة وانخفاض أسعار النفط والغاز وتزايد الصادرات مما يزيد الوضع صعوبة، فجعل هناك حركات استنساخية مما حدث فى مصر وبعض الدول العربية التى حدثت بها الثورات وحركات مناهضة للنظام الحالى كحركة «بركات» والتى تماثل حركة كفاية بمصر، وغيرها من تلك الحركات المعارضة للنظام التى تتحين الفرصة لثورة قادمة.
ولكن الأصعب من الوضع الراهن بالجزائر هو أن نضع السيناريو الأسوأ فى حالة حدوث ثورة بالجزائر والتى ستلقى بعواقبها الوخيمة على أرض الجزائر ككل كما ألقت بظلالها على اليمن وليبيا وتونس ولنا أن نتخيل الوضع فى حالة حدوث ثورة وهناك امازيغ شاوية، قد يطالبون بانفصال مثلًا، هذا بالاضافة لدول الغرب التى تتحين الفرصة وتقف متربصة لتنقض على كنزها المفقود، واكثر ما استغرب له تلك الأبواق التى تتهكم على الحديث عن نظرية المؤامرة، وأنها من اختراع الانظمة الفاسدة والجبناء من اتباعهم، ضاربين الحائط بالحقائق التاريخية للمستعمرين، بل ليست الحقائق التاريخية وحدها هى التى تتحدث بل هم لا ينكرون فى الحاضر أنهم يخططون لعودتهم مرة أخرى للسيطرة على اوطاننا، فها هو الناطق باسم الجيش الصهيونى أفيخاى أدرعى يسأل على صفحته على موقع فيس بوك: «من هو أكبر بلد عربى؟»، وأعطى ثلاثة اقتراحات (مصر- السودان- ليبيا). تقريبا جل الاجابات كانت على السودان، ثم قام بنشر الأجوبة وأرفقها بسؤال خبيث: «الا تعلمون أن بعد تقسيم السودان أصبحت الجزائر أكبر بلد عربي؟».
وما زلنا لا نعترف بالمخططات وما زلنا نقحم انفسنا فى المراحل والمواجهات الصعبة ولا نأبه بتقسيم دولنا بل نستعين بالمستعمر ليقسمنا.
خلاصة القول، نعم بوتفليقة كبر سناً، ولكن حقه ان يترشح فهو جزائرى وتلك بلاده، ومن يعترض على ترشحه ولا يجده أهلا لذلك وهو أجدر منه فليترشح، باب السباق مفتوح والحرية لا تباع ولا تشترى بل هى مكفولة الآن للجميع، كن موضوعيا ولا تطالب بالحرية وتحجبها عن غيرك ودع الاجابة لصندوق الاقتراع والكلمة للشعب.


صحفية وباحثة