الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نحو دور حقيقى للمحليات




كتب: د.خالد عزب

أثار التعديل الدستورى الأخير، جدلاً واسع النطاق فى الساحة السياسية المصرية، غير أن أكثر مواده إثارة هو الحرص على لعب المجالس الشعبية المحلية المنتخبة، دوراً فى الحياة السياسية المصرية، من خلال تعضيدها لمرشحى الرئاسة، هذا ما يدفع الحياة فى مصر، خاصة فى الريف والمدن الصغرى، إلى الحراك بعد سنوات من الركود، فعندما يصبح المرشح الرئاسى فى حاجة إلى أعضاء هذه المجالس الانتخابية، فإننا نثير دوراً مهماً ومحورياً لهؤلاء الأعضاء، لا يتوازى مع الدور الذى يقومون به على الساحة السياسية المحلية لمدنهم وقراهم، من هنا فإن هناك حاجة ماسة لإعادة النظر فى هذه القاعدة السياسية ودورها، الدور الذى طالما حُجّم وأصبح هامشياً فى الحياة العامة.
بداية النظر فى هذا الدور من خلال إعطاء المجالس المحلية حق عزل رؤساء المدن ومحاسبتهم، بل ومشاركتهم فى وضع الخطط التنفيذية والميزانيات، هذا ما يستدعى أيضاً إعادة النظر فى دور رؤساء المدن والعمد، وطريقة أداء عملهم، إذ كبل قانون المحليات الحالى دورهم وحولهم إلى موظفين عموميين فى انتظار تعليمات سيادة المحافظ، لذا فإن انتخابهم انتخاباً حراً مباشراً، سيعطى لهم بعداً سياسياً حقيقياً حيث سيعمل كل منهم على إرضاء الشارع الذى قام بانتخابه، وعلى تحقيق الصالح العام، ومع نزول الأحزاب التى أحجمت لسنوات إما عن الاهتمام بهذه المحليات وأما عن المشاركة فى انتخاباتها لأسباب واهية أهمها ضعفها السياسى خارج نطاق العاصمة بل وحتى معظم المدن الكبرى، إلى الساحة السياسية فى جميع أرجاء مصر، فإن ذلك سيخلق قاعدة من السياسيين بل وجدلًا سياسيًا يبحث عن ماهية الصالح العام وتعريفه من جديد، وفق مقتضيات خدمة المجتمع المحلي، هذا كله يقتضى منح المحليات حرية الحراك داخل مجتمعاتها، سواء من حيث تدبير موارد لإقامة صندوق للخدمات والاستثمار، أو إتاحة الفرصة لها لإقامة مشروعات لاستيعاب حجم البطالة المتفاقم، أو لتأدية خدماتها على وجه أكمل، وليس أدل على ذلك من فكرة تحرير خدمات النظافة، فالرسوم المفروضة أثارت جدلًا ورفض المجتمع المحلى الذى سيدفعها، فى حين أنه لو قام حوار سابق على فرض هذه الرسوم، لا شك أن نتيجته ستلقى قبولاً عاماً.
إن النظر إلى المحليات على كونها مركزًا لتأدية الخدمات العامة، وأداة حكومية لتنفيذ السياسات العامة، دون مراعاة تفاوت متطلبات البيئات المحلية من صحراوية كالوادى الجديد وسيناء، إلى ساحلية كبورسعيد إلى زراعية ككفر الشيخ، إلى مناطق ذات تكدس عمرانى كالمنوفية، خلق أزمات متصاعدة عند التطبيق، بل إن ذلك جعل المجتمع يحجم عن المشاركة فى تطوير خدماته الصحية والتعليمية والعامة، على الرغم من وجود رغبة عارمة لدى المجتمع المحلى فى المشاركة فى إدارة مثل هذه الخدمات، بل والتبرع لها. هذه الرغبة التى تتمثل بصورة محدودة فى ظل القيود الحالية، بالتبرع بأرض لإقامة مدرسة أو التبرع بصور غير مباشرة بالمصروفات المدرسية للطلبة غير القادرين.
حفز مثل هذه المشاركات سيدفع هذه المجتمعات إلى أن تكون فعالة، وستخرج من حالة السلبية العامة، والإحساس بتضخم العاصمة، وبتوافر الخدمات لها، إلى إدراك أن الصالح العام يؤدى لرفاهية الجميع، بل سنرى من يدفع الدولة دفعاً نحو مزيد من التنمية المستدامة، علينا أن نعطى الفرصة لهذه المحليات إلى التخلص من التكدس الوظيفي، فالصورة العامة لها أنها مكان للبطالة المقنعة، نصف العاملين بها لهم أعمالهم التى يقومون بها، والنصف الآخر يوقع وينصرف. فهل حقاً جاء الوقت لطرح نقاش موسع حول دور المحليات؟ وهل سيصبح لها دور حقيقي؟