السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

معركة أردوغان مع «تويتر»




عبدالرحمن الراشد

 

«تويتر مويتر، لا يهمنى ماذا سيقول المجتمع الدولى»، متحديا معارضيه، خطب رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان معلقا على إغلاقه خدمة «تويتر». لم يفعلها أحد منذ آخر أيام حسنى مبارك الذى أغلق الإنترنت فى مصر بعد أن ملأ المتظاهرون ميدان التحرير فى القاهرة يطالبون برحيله. حتى ديكتاتور سوريا بشار الأسد لم يفعلها! وقد اضطر صديقه وشريكه فى الحزب ورئيس الجمهورية إلى أن يعلن براءته من حجب خدمة التواصل الاجتماعي.


فعلها أردوغان وقد بقى على الانتخابات البلدية فى تركيا أسبوعا واحدا فقط، فمنع «تويتر» عن عشرة ملايين تركي، على أمل أن يحجب أخبار الفضائح ضده وضد حزبه. أما لماذا «تويتر» دون بقية وسائل الاتصال، فلأنه يتحكم حاليا فى أكثر من نصف وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، من تليفزيون وإذاعة وصحف. كما قام بإحالة قضاة للتقاعد، ونقل محققى الشرطة، الذين تجرأوا على التحقيق فى اتهامات ضد ولده وولدى وزيرين آخرين، بالمتاجرة بالذهب الإيرانى وجمعوا من ورائه ثروة طائلة، لتجاوز الحصار الغربى على النظام الإيراني.


حتى لو نجح أردوغان من خلال التعتيم الإعلامى على مواطنيه، وكسب الانتخابات البلدية، فإنه سيواجه استحقاق الانتخابات الرئاسية القريبة أيضا، وسيزداد وضعه صعوبة، ولا أظن إردوغان يخشى أن يفقد منصبه، وبريقه، وشعبيته، ويسقط سقوطا مدويا، بل الأخطر عليه أن يساق إلى المحاكمة إن ثبت تورطه شخصيا فى قضايا التعامل غير المشروع مع الإيرانيين، مع ابنه. فالتسجيلات الصوتية المسربة، التى أفقدته توازنه، وهو بالطبع ينكر صحتها، تزعم أنه من ورط ولده، وكان يوجهه إلى مقايضة الإيرانيين ماليا فى صفقة سرية، وفى مكالمة مسجلة، فى 17 ديسمبر (كانون الأول)، يطلب من ابنه التخلص من الأموال التى بحوزته بعد أن هجم المفتشون على منازل أبناء الوزراء، وهى مكالمة يقول إنها مفبركة لتشويه سمعته. لهذا إن خسر فسيواجه تحديا مصيريا قد يقضى على مستقبله السياسى ويلطخ ماضيه الباهر.


ويبين إقدام أردوغان على حجب خدمة «تويتر»، مدى ارتباكه. وهى سقطة جديدة ستضاعف من معارضة الأتراك له، وخاصة فئة الشباب التى تحركت ضده منذ عام فى قضية إزالة الحديقة العامة، التى عاند فيها كثيرا ثم تراجع متأخرا.


حجب «تويتر» يعبر عن إفلاس السلطة المحاصرة فى الزاوية، ولا يحقق لها سوى مزيد من الغضب. نتذكر أن الرئيس التونسى السابق زين العابدين بن على لجأ إلى إغلاق «تويتر» و«فيسبوك» فى عام 2009. ثم تراجع، ليسقط بعدها بعامين نتيجة لانتشار رسائل المعارضة على وسائل التواصل التى أصبحت خارج سيطرته. وجرب الشيء نفسه معمر القذافى فى عام 2011 عندما ثار الليبيون ضده، لكنه لم يستفد كثيرا، فالناس كانت قد خرجت مسلحة إلى الشوارع ضده.

نقلاً عن «الشرق الأوسط»