الأوقاف وقضايا الوطن وفلسفة الخطبة الموحدة (2/2)
روزاليوسف اليومية
أعلنت وزارة الأوقاف عن رسالتها بأنها رسالة دعوية ووطنية، فالجانب الدعوى الشرعى هى تؤدى دورها فيه وفق صحيح الكتاب والسنة، وسماحة الإسلام، وسعة أفقه، واتساع حضارته للبشر جميعا، وكونه رحمة للإنسانية جمعاء، انطلاقا من أن رسولنا محمدًا «صلى الله عليه وسلم» بعث رحمة للعالمين، فقال رب العزة «عز وجل»: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» ولم يقل رحمة للمسلمين فقط أو للمؤمنين فقط، وإنما بعثه رب العزة (عز وجل) رحمة للناس كافة .
أما البعد الوطنى فنؤكد أننا لا نمارس عملا سياسيا، إنما نؤدى واجبا وطنيا كما كان فى موقفنا من الاستفتاء مثلا، حيث أكدنا أن المشاركة فيه إنما هى واجب وطنى يحقق مقاصد الشريعة، وركزنا على أهمية المشاركة الإيجابية والوفاء للوطن، مؤكدين أن الواجب الوطنى ينبثق من الروح الإسلامية الصحيحة، فمصر هى القلب النابض للعروبة والإسلام، فقوتها وعزها عز وقوة للأمة العربية والأمة الإسلامية، ومن ثمة ينبغى أن ندرك أن أعداء العروبة والإسلام يعملون على إضعافها أو إسقاطها لو استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ولكن الله حافظها بعنايته، ثم بصلابة وقوة ووعى أبنائها المخلصين، فعلى كل وطنى مخلص أن يدرك خطورة تلك المؤامرات التى يسعى إليه أعداؤنا عبر محاولاتهم الخبيثة لإنهاك الجيش المصرى، ولن نستطيع أن نقف بقوة فى وجه هذه المؤامرات إلا إذا تنبهنا لها، ثم نبهنا بوضوح على خطورتها، ووقفنا لها بالمرصاد صفا واحدًا، نؤثر المصلحة العليا للوطن على أى مصلحة خاصة شخصية كانت أم حزبية, غير أننا مع ذلك لم نوجه أحدًا توجيهًا مباشرًا بنعم أو بلا، ولم نسمح لأبناء الوزارة بأن يخوضوا فى هذا المعترك فى مساجدهم حرصًا على وحدة الصف،وألا يسهم المسجد فى الفرقة أو يكون ساحة للصراع الحزبى، فالمسجد لما يجمع ولا يفرق.
التكامل بين الأزهر والأوقاف.
لعل من أهم ما يميز هذه المرحلة فى تاريخ الأوقاف هو اتساقها الكامل مع الفكر الأزهرى الوسطي، والعودة بالأوقاف إلى محيطها الأزهرى ومظلته الكبرى بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أ.د/أحمد الطيب شيخ الأزهر، وكان للقوافل المشتركة بين علماء الأزهر والأوقاف أثر بارز فى الشهور الماضية، وحتى كتابة هذا المقال هناك قافلتان الأولى : فى شمال سيناء والأخرى: فى جنوب سيناء، استمرت كل منها عشرة أيام، وقد جابت هذه القوافل أنحاء مصر من الأقصر إلى البحر الأحمر إلى سوهاج إلى المنيا، وبنى سويف، والفيوم، والإسماعيلية وبورسعيد، والدقهلية، والغربية، والمنوفية، والشرقية، والإسكندرية، والقليوبية، والجيزة، عازمة على الوصول إلى كل مصرى بصحيح الفكر الإسلامي، وأبعد من هذا الإطار التنظيمى ما يتم فى إطار التكامل العلمى عبر الاندماج بين علماء الأزهر والأوقاف من خلال القوافل وبرامج التدريب المشترك، ولجان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والندوات، والمؤتمرات، عازمين على أن نؤدى رسالتنا على الوجه الأكمل تجاه ديننا ووطننا.
الأوقاف والبعثات والإيفاد والمؤتمرات الدولية:
تقوم الأوقاف إلى جانب الأزهر الشريف بالعمل على أن يعود لهما بحق دور القوة الناعمة فى سياسة مصر الخارجية، عبر ما يقوم به المبعوثون والموفدون من علماء الأزهر والأوقاف من رفع اسم مصر عاليا فى البلدان التى يذهبون إليها بنشر سماحة الإسلام وروح الحضارة المصرية الأصيلة.
هذا إلى إقامة عدد من المسابقات الدولية والمؤتمرات العلمية التى تسهم فى استرداد مصر لريادتها الثقافية والعلمية والدينية فى العالمين العربى والإسلامي، بل فى شتى أنحاء العالم ، ومن هنا كانت موافقة السيد رئيس الجمهورية المستشار /عدلى منصور على الرعاية الكريمة للمؤتمر الدولى الثالث والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف، والذى يأتى تحت عنوان: “خطورة التكفير والفتوى بدون علم على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية” ويقام فى الخامس والعشرين والسادس والعشرين من مارس 2014، إضافة إلى ضم مجموعة من العلماء ووزراء الأوقاف العرب كأعضاء استشاريين بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
فلسـفة الخطـبة الموحــدة:
لا شك أننا فى مرحلة فارقة من تاريخ الوطن، لا تحتمل العبث بأى من مقدراته الفكرية أو الثقافية، ولا تحتمل ما يفرق شمل أبنائه ، وإذا كان جمهور الفقهاء قد قرر أن الجمعة لا تنعقد إلا فى المسجد الجامع، ولا تنعقد إلا بإذن الإمام، حرصا على جمع كلمة المسلمين وعدم تفرقهم، فإن الفائدة لا تكتمل إلا إذا كان الجميع على قلب رجل واحد، وكانت هناك جهة معينة أو وزارة معينة تقدر المصلحة الدعوية والوطنية، بما يتوفر لها من أدوات ومعطيات لا تتوفر لكل فرد أو جمعية على حده، فمثلا لو تناولنا قضية الإدمان والمخدرات وأثرها المدمر على الفرد والمجتمع فى جميع مساجدنا، ووسائل إعلامنا المختلفة، فى توقيت واحد، لأسهمنا بلا شك فى معالجة الظاهرة أو إلقاء الضوء على خطورتها، والتحذير من الانجراف فى اتجاهها، وفى كل أسبوع أو أسبوعين يتحدث الجميع فى قضية من قضايا الأخلاق، أو العمل، أو المرأة، أو الشباب، أو الأسرة، أو الحقوق والواجبات، ولا شك أن هذا أجدى مائة مرة من أن يتحدث كل خطيب فيما يعن له، ناهيك عن أن التنظيم عن طريق الوزارة يمنع من كثرة التكرار وبخاصة فى المناسبات، وفى المساجد التى يكون خطباؤها متغيرين غير ثابتين، فقد يظل هذا وذلك وغيرهما يتحدثان فى الموضوع لأسابيع عديدة مما يصيب المستمعين بالملل والسآمة إضافة إلى وجوه أخرى سنفرد لها مقالًا خاصًا إن شاء الله تعالى.
وزير الأوقاف