الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الميرون : من أسرار الكنيسة السبعة وعمره 19 قرن




وسر الميرون (أو سر التثبيت) هو سر من أسرار الكنيسة السبعة ويتم بعد سر التعميد. وطبقاً لإيمان الكنيسة – كما ذكر الأنبا بنيامين فى كتاب “اللاهوت الطقسي” الذى يتم تدريسه فى الكلية الاكليريكية – فإنه “بالمعمودية يتم ينطرد الشيطان من الإنسان لا يكون الإنسان مِلكا للشيطان. الإنسان يُولد ملكة للشيطان، وفى المعمودية يخرج من مملكا الشيطان، وعن طريق الميرون تغلق كل المنافذ التى من الممكن أن يدخل الشيطان مرة أخرى عبرها”.


ولذلك يتم بعد التعميد رشم (مسح) الشخص فى جميع منافذ جسمه بزيت الميرون (زيت مقدس فى المسيحية) كما وصف الأنبا بنيامين فى كتابه رداً على سؤال “أى أجزاء الجسم التى ترشم؟”: “هى تشمل كل منافذ الجسم بدءاً من النافوخ والمنخرين والفم والأذنين والعينين والكاهن يرشم هؤلاء فى الأول على شكل صليب ثم يرشم عند القلب والسرة وأمام القلب من الظهر حتى آخر العمود الفقرى وهو صلب الإنسان فوق فتحة الشرج والذراعين (الكتف وتحت الإبط) والرجلين يأخذ مفصل الحوض والورك والركبة من فوق ومن تحت ومفصل المشط من الناحيتين”.


وقد كان لهذا السر أهمية قصوى لآباء العهد القديم فى ان يستخدم فى مسح الكهنة والأنبياء والملوك: وهكذا حل الروح القدس بالمسحة المقدسة على ملوك إسرائيل مثل  شاول بن قيس وداود بن يسى وسليمان بن داود.
وفى العهد الجديد فإن سر الميرون المقدس فى العهد الجديد ارتبط مع سر المعمودية.


وترجع أقدم شهادة وثائقية عن تاريخ تكريس الميرون فى كنيسة الإسكندرية فى الألف سنة الأولى للميلاد إلى أسقف من أساقفة الكنيسة القبطية، وهو أنبا مقار أسقف منوف العليا، وكان أيضاً سكرتير البابا قزمان الثالث (920-932م) البطريرك ال85 من باباوات الإسكندرية، هذه الشهادة الوثائقية هى رسالة هامة للأنبا مقاره حُفظت له فى مخطوط كانت بحوزة أنبا يوساب أسقف إبراشية منوف العليا فى القرن الثالث عشر، ومنذ أواخر القرن العاشر الميلادى وحتى أواخر القرن الرابع عشر انتقل تكريس الميرون إلى دير القديس أنبا مقار حيث اعتاد بطاركة كنيسة الإسكندرية ان يقضوا هناك فترة الأربعين المقدسة، ثم انتقل تكريس الميرون بعد ذلك إلى القاهرة مع انتقال المقر البطريركى إليها، وقد جرى تكريسه فيها فى كنيسة العذراء التى تُعرف بالكنيسة المُعلقة بمصر القديمة، وفى كنيسة القديس مرقريوس أبى سيفين بمصر القديمة، وفى كنيسة العذراء بحارة زويله، وكنيسة العذراء فى حارة الروم، وفى الكاتدرائية المرقسية القديمة بالأزبكية، ومؤخراً كُرس الميرون المقدس فى عهد قداسة البابا شنودة الثالث فى دير أنبا بيشوى ببرية شهيت.
هذه هى الأماكن الرئيسية التى تم فيها تكريس الميرون على مدى ال13 قرناً الماضية، وقد طُبخ الميرون المقدس فى كنيسة القديس مرقريوس أبى سيفين بمصر القديمة فى الجانب القبلى من الكنيسة، وهو يُسمى كنيسة مار جرجس، أما طبخه فى دير القديس أنبا مقار فكان دائماً فى قبة الميرون والتى تقع فى الجهة البحرية من كنيسة أنبا مقار بديره، وتم طبخ الميرون المقدس فى دير أنبا بيشوى فى الخوروس الأخير من الكنيسة، وهو الخوروس الثالث لها.


يتكون الميرون المقدس فى الكنيسة القبطية من 28 صنفاً من النباتات،  أما الأوانى التى تحوى الميرون المقدس فتُترك على المذبح مدة 40 يوماً متواصلة قبل الاحتفال بتقديسه عندما يبدأ الكاثوليكوس بسكب خميرة الميرون القديم على الميرون الجديد، ثم يُبارك ويُقدس المزيج ببقايا الصليب المقدس والحربة التى طُعن بها جنب المسيح، وببقايا الذراع اليمنى للقديس غرغوريوس المنور.


طريقة عمل (طبخ الميرون المقدس)
تُعتبر طريقة عمل (طبخ) الميرون المقدس فى عهد البابا يؤانس السادس عشر (1676-1718م)، البابا ال 103 من بطاركة الكنيسة القبطية هى الطريقة النموذجية التى سار عليها جميع البابوات الذين قاموا بعمل الميرون من بعده، حيث استُخدمت فيها كل العناصر الثمانية والعشرون بما فيها دُهن البلسان، إلا أن دُهن البلسان لم يُستخدم فى عهد البابا كيرلس السادس البابا ال(116)، ولا فى عهد البابا شنودة الثالث البابا ال(117).


قبل طبخ الميرون تُقسم الدُرور والأطياب إلى خمسة أقسام، حيث يُستخدم الأربعة أقسام الأولى منها فى أربع طبخات للميرون، أما القسم الخامس فيُضاف إلى زيت الميرون بعد أن يبرد فى نهاية الطبخه الرابعة، وهناك بعض الأطياب تُضاف فى أكثر من طبخه.
تم عمل الميرون خمس مرات فى عهد البابا شنودة الثالث فى دير القديس أنبا بيشوى فى الصوم المقدس الكبير
 حيث يتم تُسحق المواد الصلبة سحقاً تاماً فى هاون نحاسي، ولكن الآن يُستخدم خلاطات كهربائية قوية، أما الصندل المقاصيري، والعود القافلى فيُنشران بمنشار كهربي، لأن خشبهما صلب جداً، ثم يتم تنعيمهما بمطحن كهربائي، ولا داعى لتنعيم مواد الطبخات الأربع إلى درجة كبيرة. أما الدُرور والتى تضاف بعد نهاية الطبخه الرابعة بعد أن يبرد الزيت، فيجب تنعيمها جيداً، حيث إن الزيت بعد إضافة هذه الدُرور عليه لا يتم تصفيته كما يحدث فى الطبخات الأربع.
 وتقرأ فى وقت طبخ الميرون 22 قطعة من المزامير بنصها القبطى والعربي.