الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تقرير للجامعة العربية يحذر من مساعى إسرائيل للحصول على تعويضات عن أملاك اليهود فى الدول العربية




حذر تقرير صادر عن الجامعة العربية حصلت «روزاليوسف» على نسخة منه من خطورة إثارة قضية ما يسمى «أملاك اليهود فى الدول العربية» واصفًا أن الأمر وصل إلى الخطورة درجة أنه أصبح يناقش فى برلمانات الدول وفى المقدمة البرلمان الكندى فى محاولة لربط هذه القضية المزورة مع قضية عادلة هى قضية اللاجئين الفلسطينيين وأملاكهم فى وطنهم الذى هاجروا منه قسرًا أما المجازر التى ارتكبتها العصابات الصهيونية وقت ذاك وشهادة من جهات دولية (اللجنة الدولية للصليب الأحمر) فى مجزرة دير ياسين الأمر الذى يتطلب موقفًا عربيًا صارمًا يتصدى له لإفشال هذا المخطط.

التقرير يقع فى 8 صفحات اعتلته عبارة «محدود التداول» ويرى انه فى ضوء استقراء لتطورات هذه القضية والحملة الغربية التى تقودها جهات وشخصيات كندية وأمريكية من المؤيدين الداعمين للوبى الصهيونى والتى تتصاعد أثارتها على الساحة السياسية والإعلامية كلما تم الحديث عن مقترحات لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين ترى الجامعة العربية انه بعد نجاح جماعات الضغط واللوبى اليهودى فى طرح مسألة التعويضات أمام البرلمان الكندى فى دورة انعقاده الـ41 وما صاحبته من توصيات ومطالبات للحكومة الكندية لتبنى هذه القضية وتعبئة الرأى العام الكندى لصالحها والتى ستكون مقدمة لتبنى دول أخرى لها حيث إن هناك أكثر من دائرة تتبنى هذا فى الكونجرس الأمريكى وكان مجلس النواب الأمريكى قد صادق بالإجماع بتاريخ 1/4/2008 على مشروع قرار رقم 185 والخاص بحقوق اللاجئين اليهود الذين فروا من الدول العربية الى إسرائيل لدى تأسيسها والذى يتضمن ما يلى: الشارة إلى مذكرة تفاهم بين جيمى كارتر ووزير الخارجية الإسرائيلى موشيه ديان فى 4/10/1977 أقرت أن «حل قضية اللاجئين العرب واللاجئين اليهود تناقش فى إطار القوانين التى اتفق عليها» وتنص المذكرة على تعهد الرئيس الأمريكى كارتر بإقامة صندوق دولى للاجئين وذكر فيها بالتحديد الإسرائيليين الذين أصبحوا لاجئين بسبب الحرب التى وقعت فى أعقاب الإعلان عن قيام إسرائيل، وان يتم تقديم تفسير لما جاء فى قرار مجلس الأمن رقم 242 بشأن حل عادل لمشكلة اللاجئين بأنه لم يميز بين لاجئين فلسطينى أو يهود.
وترجع تلك القضية إلى انه منذ عام 1948 وهو العام الذى لحقت فيه النكبة بالشعب الفلسطينى والتى هجرتهم قسرا من وطنهم جرائم العصابات الصهيونية لإقامة إسرائيل على ارض فلسطين وأمام الهجرة الطوعية لليهود من الدول العربية لإحياء قيام هذه الدولة (إسرائيل) وما صاحبها من هجرة قسرية لبعضهم نتيجة أعمال إرهابية قامت بها الجماعات الصهيونية فى دول عربية منها العراق ومصر وضعت إسرائيل فى حساباتها التحرك لاحقا للالتفاف على أملاك اللاجئين الفلسطينيين ومصادرتها وربط أى تعويض يقرها المجتمع الدولى بتعويضات ما يسمى أملاك اليهود فى الدول العربية.
التقرير يستعرض تطور التوجه الإسرائيلى فى هذا الصدد ويشير الى انه عام 1951 جاء تصريح وزير الخارجية الإسرائيلى آنذاك كوشيه شاريت بعد أسابيع من قرار البرلمان العراقى آنذاك الذى خير اليهود بين الإقامة فى العراق أو الهجرة حيث قال «هناك حساب بيننا وبين العالم العربى هو حساب التعويضات التى يستحقها العرب الذين غادروا ارض إسرائيل تاركين أموالهم والعمل الذى قام به العراق اليوم يجبرنا أن نضع الحسابين واحدا مقابل الآخر، قيمة الأملاك اليهودية المجمدة فى العراق ستؤخذ من قبلنا بالحسبان عندما نتحدث عن التعويضات التى تلزمنا بدفعها للعرب الذين تركوا أموالهم فى إسرائيل.
التقرير يسترجع أحداث عام 1955 والتى حدث خلالها أن شكلت إسرائيل لجنة أطلق عليها لجنة تسجيل مطالب اليهود العراقيين لتسجيل ممتلكات اليهود العراقيين لتقييمها والتى توقفت بعد ذلك إلا إنها فى عام 1976 عاودت اللجنة نشاطها وقدرت قيمة التعويضات عن ممتلكات اليهود العرب فى الوطن العربى بـ «60» مليار دولار عام 1976.
الجدير بالذكر أن إسرائيل قامت برفع فضية التعويضات هذه إلى محكمة العدل الدولية فى لاهاى التى شكلت لجنة مالية دولية من 9 دول جاء فى تقريرها ما مفاده أنه لا حقوق لليهود فى الدول العربية لأنهم قاموا ببيع أملاكهم وذلك بموجب مستندات ووثائق قامت بتقديمها الدول العربية والتى تثبيت قيامهم -اليهود بالبيع- وقبض الثمن وتضمنتها سجلات نقل الملكية وبالحجج الموجودة لدى من قام بشرائها. كما تضمن تقرير اللجنة المالية الدولية أن الفلسطينيين باعوا 10 % من الأراضى المملوكة لهم لليهود تحت ضغط الضرائب الجائرة التى فرضها عليهم حكم الانتداب البريطانى وتسببت فى قطع المياه عن مزارعهم وان 90 % من أملاكهم قامت إسرائيل بمصادرتها بعد طردهم منها عام 1948. كما أعلنت اللجنة المالية أنه لا صحة لمطالب اليهود فى التعويضات عن أملاكهم التى باعوها كما أعلنت أن للفلسطينيين الحق فى التعويض عن أملاكهم المصادرة بـ40 مليار دولار وصدرت فتوى من محكمة العدل الدولية بهذا الشأن.
التحايل الإسرائيلى لم يتوقف بل إن مجلس الوزراء الإسرائيلى عام 1976 اتخذ قرارًا بقصر المطالبة بالتعويضات على ممتلكات اليهود فى العراق والتى تمثل فى تقدير إسرائيل ثلث تعويضات ممتلكات اليهود فى الدول العربية، وذلك استنادا الى نصيحة المستشار القانونى الياكيم روبنشتاين الذى نصح بأن تتم المطالبة بالتعويضات اليهودية فى العراق بتكتم شديد وباتفاق سرى يبرم مع أمريكا لمساعدتها فى تحصيل هذه التعويضات بعد غزو العراق 2003.
وبناء على هذه التوصية كلفت الحكومة الإسرائيلية عام 2003 وزير الطاقة فى حكومة مناحم بيجين (موشى شاحال) والذى امتهن مهنة المحاماة رفع قضية جماعية موحدة من قبل كل يهود العراق المهاجرين إلى إسرائيل ولكن الخروج عن السرية التى نصح بها روبنشتاين أثار ضجة بشأنها فتوقفت، إضافة إلى اعترافات بعض اليهود العراقيين فى مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال عام 2003 قيامهم ببيع ممتلكاتهم قبل هجرتهم العراق ولكن بثمن بخس ولديهم رغبة الآن فى مزيد من التعويضات وعليه فإن إسرائيل بذلك تكون رفعت قضيتين للمطالبة بتعويضات عن أملاك اليهود، الأولى عام 1976 من كل الدول العربية ذات العلاقة والثانية فى عام 2003 من العراق.
التقرير يوضح ان رئيس وزراء إسرائيل الحالى بنيامين نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل الحالى قام بتشكيل لجنة دولية ليهود الدول العربية برئاسة اليهودى المغربى عميران اتياس وقامت بنشاطات مكثفة برفع قيمة التعويضات عن الأملاك اليهودية فى الدول العربية وعملت مع الكونجرس اليهودى العالمى ومع الكونجرس الأمريكى وحشدت دعم شخصيات ومؤسسات عالمية.
التقرير يشير إلى انه مع قدوم نتانياهو أخذت قضية أملاك اليهود فى الدول العربية الشكل الممنهج، إذ قامت المنظمة العالمية ليهود البلاد العربية ومقرها نيويورك والمؤتمر اليهودى العالمى بتوزيع 20 الف استبيان على يهود شرقيين ومقيمين فى امريكا و 30 الفًا فى إسرائيل وقد تم التوزيع بمساعدة وزارة الخارجية الإسرائيلية بهدف تحديد الممتلكات الشخصية والجماعية لهم فى الدول العربية.
فى عام 2002 يشير التقرير إلى انه تم تأسيس جماعة «العدالة لليهود فى الدول العربية» ومقرها نيويورك وتقوم هذه الجماعة بتسليط الضوء على قضية اليهود فى الدول العربية والادعاء بأنهم لاجئين منسيون وان عددهم يزيد على 850 الف يهودى. كما أشار التقرير إلى أن تلك الجماعة قامت بعمل حملة دولية من اجل تلك القضية وان وزير العدل الكندى الأسبق «اروين كوتلر» كان المتحدث الرئيسى لافتتاح الحملة والذى أدلى بتصريحات خطيرة ومنحازة عن اللاجئين اليهود وقوله حسبما أشار التقرير إلى «أن هذه ليست مجرد هجرة قسرية.. إنها هجرة منسية»..
فى بداية عام 2012 قامت إسرائيل بحملة متصاعدة من مقر الأمم المتحدة تحت عنوان «أنا لاجئ يهودى لاستعادة أملاك اللاجئين اليهود» بقيادة دانى ايالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلى وبفريق عمل من خبراء وقانونيين وإسرائيليين ويهود أمريكيين وبمساندة بعض أعضاء الكونجرس الأمريكى والكنديين وعلى رأسهم ارفين كوتلر وزير العدل السابق والعمل على إطلاق حملة دولية تمخض عنها فى منتصف مارس من العام نفسه قانون قدمته وزارة الخارجية الإسرائيلية، يطالب مجموعة من الدول العربية بدفع تعويضات تبلغ قيمتها 300 مليار دولار أمريكى عن أملاك 850 ألف يهودى هاجروا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى إسرائيل، على دفعات متعاقبة.
كل تلك التحركات والجامعة العربية والدول العربية لم تتخذ أى إجراء وربما تفاجأ الدول العربية بمطالبات وتعويضات مالية قدرت بـ300 مليار دولار. كما لا يمكن أن نعزل إثارة قضية التعويضات عن مفاوضات الحل النهائى بين الفلسطينيين الإسرائيليين خاصة الجزء المتعلق باللاجئين إذ تأمل الدولة العبرية من خلال إثارة قضية التعويضات إسقاط ملف اللاجئين الفلسطينيين من المفاوضات نهائياً، وذلك عن طريق ضغط اللوبى الصهيونى على الإدارة الأمريكية من اجل القبول بوجهة النظر الإسرائيلية وهى حتمية قبول الدول العربية المعنية لمبدأ تعويض اليهود العرب. وهو ما يعنى موافقة الجانب الفلسطينى على السلام وفقا للرؤية الإسرائيلية وما يتبعها من تنازلات يأتى فى مقدمتها التنازل عن حق العودة والتعويض معاً.
التقرير يشير إلى أن النشاط العربى فى كندا يحتاج إلى مزيدا من التفعيل ويوضح التقرير أن عميد السلك الدبلوماسى العربى فى كندا «سفير الإمارات» ارسل خطاباً إلى الأمين العام للجامعة العربية بتاريخ 22/1/2008 يتضمن الإشارة إلى الحملة التى يقوم بها اللوبى الصهيونى فى كندا ويتزعمها النائب الليبرالى بمجلس العموم الكندى ووزير العدل السابق كوتلر لمطالبة الدول العربية دفع تعويضات مالية ضخمة لليهود، الذى يدعى كوتلر أنهم اضطروا للهروب منها عند إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 ويشير عميد السلك الدبلوماسى العربى فى خطابه إلى أن السيد كوتلر قد قام بتسجيل موقع على شبكة الانترنت يركز فيه على الاكتتاب فى الولايات المتحدة وكندا من أجل المطالبة بتلك التعويضات كما يكشف التقرير عن أن السفير الإماراتى ارسل خطابا آخر يفيد بضرورة تنشيط عمل مجالس السفراء العرب وتشكيل مجموعة الصداقة العربية - الكندية فى البرلمان الكندى تشمل أفضل العناصر فى صفوف جميع الأحزاب السياسية الكندية فى مجلس الشيوخ والنواب بالبرلمان الكندى.
التقرير يكشف عن حجم المؤامرة التى تدبر للدول العربية مشيرا إلى الحملة الإعلامية المنتظمة التى يمارسها اللوبى الصهيونى ويشير التقرير إلى سلسلة الحملات الإعلامية التى قامت بها صحيفة نيويورك تايمز أعوام 2004 و2007 والتى أشارت فيه إلى مسألة اليهود الذين غادروا البلاد العربية إلى إسرائيل.
كما يشير التقرير إلى الحملات الإعلامية التى تقوم بها أيضاً الصحافة الإسرائيلية بين الحين والآخر خاصة صحيفة معاريف والتى أشارت فى حملتها بتاريخ 22/11/2007 إلى منظمة يهودية تعثر على مستندات تثبت تخطيط الجامعة العربية لمطاردة اليهود بالدول العربية.
التقرير فى نهايته يؤكد أن إثارة قضية أملاك اليهود فى الدول العربية وصل للدرجة التى ينبغى منها اتخاذ موقف عربى موحد وجماعى من تلك التحركات كما حذر التقرير من أن تبنى شخصيات فى مجلس النواب الكندى لتلك القضية من شأنه أن تكون هناك خطوات مماثلة من جانب شخصيات عامة تتبنى تلك القضية فى دول أخرى.