الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«يوسف القعيد» مثقف الشعب وحكاؤه




كتب:  د. أمانى فؤاد

منذ أيام كنت أتحدث مع الأستاذ يوسف القعيد، وسألته عما يشغله الآن؟ سعدت للغاية حين قال بصدقه وتلقائيته المعهودة، كنت بصدد مشروع روايتين، وإذا بى أتركهما بعدما ألحَّت عليّ فكرة جديدة، رواية عن العام الذى حكم فيها الإخوان مصر، شعرت وقتها أن السبعين ربيعا لم تزل نضرة، مزهرة بورودها وعطاءاتها التى لا تجف، فبر مصر دائما هو هاجس القعيد الملح.
أذكر أنه فى كل مكان يجمعنا فى صحبة الروائى الكبير، فى مصر أو خارجها أجد وجوها محبة، وأيدى تمتد لتصافحه، تعبر عن إعجابها بآرائه، أو ما يحكيه على شاشات التليفزيون، أو ما يقرأون من مقالاته ورواياته، وجوه بسيطة من كل فئات الشعب المصرى والعربي، كما يبادرون بسؤاله فى الفترة الأخيرة: على أين مصر ذاهبة؟
تلك الحميمية التى يشعرها البسطاء مع القعيد؛ لشعورهم أنه منهم، لا يتعالى عليهم، يحدثهم دون تقعر، يشعرون بأنه مهموم بواقعهم، صادق، لا شعور يداخلهم بأنه فى أحد أبراج المثقفين العالية، تتميز أحاديثه وحكاياته بأنها لا آثرة فيها لذاته ومواقفه، أو منتجه الإبداعي، فى حين أنه تاريخ من العطاء المشرف، الحريص على كرامته.
دائما هو خير من يتحدث عن الآخرين ويهبهم مكانتهم ــ لو يستحقون ــ لا يستطيع أن يحب أو يصادق من بلا قيمة، حين يتحدث لا يقحم ذاته كشأن كثيرين من الذين لا يتكلمون إلا وهم يحملون ذواتهم وكأنها محور الأحداث والكون، فهو من البشر القادرين على التقاط الجميل فى من حوله.
حين يقتنع القعيد بأحد الرموز والأعلام المصرية تشعر أنه يتماهى معها، ومع منجزها، فهو الناصرى الذى يفخر بكل ما صنعه الزعيم، وتجسد فيه حلم كرامته، محفوظى الهوي، ومن أصدق مريدى الأستاذ «هيكل»، حين يحب القعيد يتعامل مع المنجز الكلي، يدرك تماما الإيجابى والسلبي، يغفر فقط ويتجاوز حين يشعر أن الرمز يستحق، مخلصا لإفكاره ولإصدقائه، رأيته مرات حين يقص عن جمال عبدالناصر، أو عن حفيدته «أمينة» التى يتجسد فيها المستقبل عنده، تدمع عيناه ويرتعش صوته تأثرا وأملا.   
القدرة على العطاء، ومد يد الدعم، من أبرز صفات الإستاذ يوسف، أذكر أن بداية معرفتى به كان من خلال دراسة نقدية قرأها لى فى إحدى المجلات، فإذا به يتصل بى ويشجعنى صوتا نقديا جديدا، ثم يرسل لى روايته «قسمة الغرماء»، فأعد عنها دراسة وندوة لمناقشتها فى صالون د.عبدالمنعم تليمة، وجدته بعدها بأيام يكتب فى صفحته بجريدة الدستور عن التناول النقدى الجاد، كما قدم لى بعدها كل الدعم للتدريس بأكاديمية الفنون؛ لمجرد الاقتناع أن هناك عنصرا يستحق، يوسف القعيد مصرى أصيل، مثقف يرجح الالتحام بالواقع، يندمج فى يسر مع البسطاء ناقلا لكل أفكاره التنويرية.
ناقدة الأدبية وأستاذة بأكاديمية الفنون