السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

جامعة دول عربية لا.. جامعة دول عربية نعم (1)




كتب: د. خالد عزب
هل يريد العرب حقا جامعة للدول العربية، هل هم جادون فى ذلك؟ هل باتت هذه المنظمة الإقليمية محط تساؤلات حول طبيعة مستقبلها؟ كل هذه الأسئلة وغيرها كثير، تكشف إجاباتها عن وجود ثلاث اتجاهات تتعلق بوضع الجامعة على الساحة العربية هى:
- اتجاه يرمى إلى القضاء على الجامعة العربية لأنها فشلت فى أداء الدور المنوط بها، ولأن بقاءها عقبة فى طريق مشاريع إقليمية بديلة.
- اتجاه يرمى إلى الاحتفاظ بالجامعة العربية على ما هى عليه لحفظ ماء الوجه دوليا، وللإبقاء على شعرة معاوية بين العرب.
- اتجاه يرمى إلى إعادة هيكلة الجامعة لتخرج فى صورة عصرية قادرة على المضى قدما لمزيد من التنسيق والتكامل العربى.
هذا الاتجاه الأخير لاشك فى أن حظوظه فى ضوء المعطيات الراهنة محدودة، نظرًا لتأجيل كل ما يتعلق به من قمة عربية إلى أخرى، ولعدم وجود رغبة حقيقية بين الدول العربية للسعى نحوه، خاصة أن عملية تحديث الجامعة كانت مطرودة منذ الستينيات ولكنها ظلت فى نطاق السير البطىء المميت.
ولكى تحدث مواجهة حقيقية فى هذا الشأن، لابد ألا نحمل الجامعة العربية أوزار الفشل العربى كما يحدث لدى الاتجاه الأول، خاصة أن ظروف قيام الجامعة العربية فى الأربعينيات كانت مناسبة فى الإطار الذى وضع فيه ميثاقها الجامد منذ ذلك الحين، حيث عدد الدول العربية المستقلة محدود والتنسيق بينها كان أيسر والرغبة فى التعاون كانت أوثق، ففلسفة ميثاق الجامعة تقوم على أن أعضاءها دول ذات سيادة كاملة، وبالتالى فقرارات الجامعة غير ملزمة لأى منها، ويلزم تنفيذها فى بعض الأحيان تعديلات دستورية وتشريعية داخلية لكى تصبح نافذة المفعول، وعلى ذلك يكون صالح المجموع مرهونا بالمماطلة والتأجيل.
والخطوة الأولى الحقيقية لكى تكون هناك جامعة دول عربية، هو أن تكون هناك سلطة عليا تعلو إرادتها على الدول الأعضاء فيها، وهو ما يعنى تنازل هذه الدول عن جزء من سيادتها، أما ثانى مشكلات الجامعة فهى تساوى الدول الكبرى مع الصغرى فى التصويت، دون الأخذ فى الاعتبار الثقل النوعى لدولة عن الأخرى، فالدولة لكى تكون ذات ثقل نوعى مؤثر يجب أن تتوافر لها عناصر عديدة، منها: القوة العسكرية، الثقل السكانى، القدرة الاقتصادية، الإرادة القومية، الموارد الطبيعية، الثقل الجغرافى، القدرة على ممارسة النفوذ والدبلوماسية السياسية، المساحة وغيرها. هذه العناصر حاصلها يعطى لنا دولة تستطيع أن يكون تأثيرها أقوى من غيرها، وبالتالى فإن عدد الأصوات المحددة يجب أن يتناسب مع ثقلها الحقيقى، وهناك دول مؤثرة طبقا للمعطيات السابقة: ففرنسا وألمانيا وهما دولتان أوروبيتان تتوافر فيهما عناصر الدول ذات الثقل النوعى قادتا أوروبا نحو الوحدة الأوروبية والعملة الموحدة. يقابلهما فى الوطن العربى مصر والمملكة العربية السعودية، ولذا فإن تساوى مصر مع الصومال أو جيبوتى فى التصويت فى مجلس الجامعة العربية، هو نوع من الهزل السياسى.