الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«النبى موسى».. أول انتفاضة فلسطينية ضد الاحتلال




كتب ـ السيد الشورى


نعيش هذه الأيام ذكرى أولى انتفاضات الشعب الفلسطينى والتى حدثت منذ 94 عامًا تلك الانتفاضة التى أطلقت أول شرارة لسلسلة من الثورات المقاومة للاحتلال الصهيونى.
يعود تاريخ مقام النبى موسى إلى عهد صلاح الدين الأيوبى، وقبر النبى موسى عليه السلام لا يعرف له مكانًا تحديدًا إلا ما وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام عند الكثيب الأحمر والمقصود بالكثيب الأحمر ما يعرف بموقع الخان الأحمر على طريق القدس أريحا وأقيم فى المكان مدينة استيطانية يهودية كبرى تدعى معالية أدوميم.
وارتبط اسم المقام بعيد دينى كان معترفًا به رسميا ويقام فى كل عام  يعرف بموسم «النبى موسى» الذى يعتبر مع مواسم أخرى مثل مواسم النبى صالح قرب رام الله، وموسم المنطار فى غزة، وموسم النبى روبين قرب الرملة، من المواسم التى استحدثت زمن صلاح الدين الأيوبى فى نفس الفترة التى تقام فيها أعياد الفصح المسيحى.
يقع مقام النبى موسى على طريق القدس- أريحا ويبعد نحو 200 متر عن المنطقة العسكرية الاحتلالية المغلقة منذ عام 1967م والتى تمتد من شمال البحر الميت إلى جنوبه على حدود الخط الأخضر وبعمق يتراوح بين 10-15.
وارتبط مقام النبى موسى فى التاريخ الفلسطينى المعاصر، بالزعيم الفلسطينى الحاج أمين الحسينى، حيث كان يقود المواكب التى تأتى من كل مناطق فلسطين، تسبقها المسيرات الشعبية، وفى كل منطقة تمر منها المواكب، يخرج أهلها للانضمام إليها، وبعد أن تمكث الوفود فى المقام وحوله فترة الموسم، تعود إلى القدس بموكب حاشد تنشد فيه الأناشيد الوطنية والدينية، ومنذ عام 1919م، قررت قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية استثمار احتفالات النبى موسى للتحريض ضد الاحتلال البريطانى الداعم للهجرة الصهيونية، وكانت حشود العام التالى 1920 الشرارة التى أطلقت ما عرف فى التاريخ الفلسطينى المعاصرة بانتفاضة النبى موسى (ثورة العشرين).
وتعد هذه الانتفاضة أولى الانتفاضات الشعبية فى فلسطين، وقد حدثت الشرارة الأولى لهذه الانتفاضة، بينما كانت وفود القرى محتشدة فى القدس يوم 4 إبريل 1920 للمشاركة فى هذا الموسم الدينى السنوى، وقد خطب فى هذه الحشود عدد من رجالات فلسطين مثل موسى كاظم الحسينى والحاج أمين الحسينى وعارف العارف.. فألهبوا حماس الجماهير.
ورغم أن هذه الانتفاضة بدت انفعالًا عفويًا، إلا أنه من الواضح أن عددًا من القيادات الوطنية قد قاموا بدور فى تحريك الشعب ضد الاحتلال ونسقوا بشكل منظم الهجمات ضد اليهود، وكان للحاج أمين الحسينى دور بارز فى ذلك، حيث ذكر أحد معاصريه أنه «فى موسم النبى موسى كان للحاج أمين اليد المدبرة الحكيمة فى إعطاء اليهود أول درس»، وقد حكم على الحاج أمين وعلى عارف العارف، بعد أن استطاعا الهرب، بالسجن غيابيًا لمدة عشر سنوات، لكن المندوب «السامى» البريطانى أصدر عفوًا عنهما بعد ذلك، فى محاولة لتهدئة الأوضاع، وإثر هذه الانتفاضة قامت السلطات البريطانية بإقالة موسى كاظم الحسينى من رئاسة بلدية القدس، حيث تفرغ لقيادة الحركة الوطنية الفلسطينية حتى وفاته سنة 1934.