الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

جامعة دول عربية لا.. جامعة دول عربية نعم (2)




كتب : د.خالد عزب

أكمل ما سبق ان بدأته الاسبوع الماضى. اذا كنت اتكلم ان طريقة تمثيل الدول الأعضاء فى الجامعة وفى أجهزتها المختلفة، كانت نتيجته أن هبط مستوى تمثيل الدول لدى الجامعة، وهو ما عرقل سير عملها، فضلا عن طبيعة توصيف مهمة الأمين العام، فهو فى نظر العديد من الدول يرأس جهاز إدارى مهمته تنفيذ إدارة الدول، ومعاونيه لا يختارهم بل يعينون من مجلس الجامعة، وبالتالى فمعظمهم يتعامل مع الأمانة من واقع تبعيته لدولته وليس كونه عضوا فى منظمة إقليمية، هذا كله يفسر الهجوم الحاد على الأمين العام للجامعة العربية الحالي، فالنظرة إليه تأتى لكونه فى نظر عدد من الدول على أنه موظف يمثل دولته، أو أنه موظف لدى الدول العربية لا يجب عليه أن يتخطى حدود وظيفته. وليس منفذا لسياسات عربية إقليمية تهدف إلى الحفاظ على المصالح العربية و الارتقاء بالعلاقات العربية.
وإذا كانت هناك وسيلة ناجحة من الدول الأعضاء فى الجامعة لإضعافها، فهى ليست سوى الامتناع عن سداد حصتها فى ميزانية الجامعة، وهو ما يحدث فعلا، ودون أن يكون هناك بدائل مطروحة لهذه المعضلة الكبرى، والحل يكمن فى خروج الجامعة من نطاق ارتهان ميزانيتها بالاشتراكات فقط، فيجب إنشاء صندوق استثمار لصالح الجامعة يخصص ريعه للصرف على مشاريع الجامعة، على أن تتكفل الجامعة رواتب موظفيها بعيدا عن الصندوق . ولعل أول خطوة فى هذا الاتجاه يجب أن تكون من موظفى بدءا من الأمين العام حتى مندوبى الدول الأعضاء فيها، فإن تبرعوا لمدة خمس سنوات بنسبة مئوية من رواتبهم لصالح هذا الصندوق، لاشك أن ذلك سيكون حافزا لرجال الأعمال والمجتمع
المدنى العربى لدعم هذا الصندوق، فضلا عن إمكانية فرض رسم قدره دولار على كل تذكرة طيران وعلى كل سيارة تعبر الحدود بين دولة عربية وأخرى .
ولكى يكون لهذا الصندوق أثره فيجب ألا تصرف موارده فقط على موظفى الجامعة أو أنشطتها، بل على إقامة مشاريع تنموية فى مناطق الحدود العربية بحيث تحولها إلى مناطق التقاء، فضلا عن دعم
ومساندة المشاريع التعليمية والتنموية العربية خاصة فى الدول العربية محدودة الموارد كجيبوتى والصومال وموريتانيا.
إن من أخطر ما يهدد الجامعة العربية هو انهيار مفهوم الأمن القومى العربي، فى ظل ضعف الإرادة العربية أمام إسرائيل، وفى ظل الاحتلال الأمريكى للعراق، وفى ظل العجز العربى أمام حل مشكلات الصومال الأمنية، وفى ظل ظهور بوادر تآكل الوطن العربى كما هو متوقع فى جنوب السودان .
كل هذا يرسخ عدم وجود رؤية حقيقية عربية لمفهوم الأمن القومي، بل هناك  حالة انهيار للإرادة العربية الواحدة، وإن ظهرت من حيث الشكل أنها موجودة .
كما أن الرؤية العربية للتواصل مع الجيران لم توجد إلا مفروضة كأجندة من قبل الاتحاد الأوروبي، لكن لا توجد رؤية عربية موحدة للتعامل حتى مع الجارات الثلاث الجنوبية الهامة، والأقرب استراتيجيا، وهن تشاد ومالى و النيجر ، بل حتى مع تركيا وإيران الجارتين القوميتين الهامتين . كل هذا يؤدى إلى إعادة النظر فى مفهوم الأمن القومى العربى وإعادة تحقيقه .