الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حلمى التونى: الفعاليات الخاصة المدفوعة انفلات وفوضى




حوار - سوزى شكرى


فنان تشكيلى يحمل لقب «محام» بدون ان يدرس القانون وبالتالى لا دخل فى ساحات القضاء ولا يملك ملفات أو مستندات، هو محام تشكيلى عن المرأة المصرية يدافع عنها بكل ما يملكه من رصيد ثقافى وتاريخى وحضارى وتراثى ومخزون بصرى، وبكل ما يملكه من أدوات فنية وتقنيات تشكيلية ورموز وإشارات وموتيفات وأدوات وجدانية، قدم من خلال معارضه السابقة المرأة فى الأيقونة القبطية والمرأة الفرعونية والمرأة الشعبية وبنت البلد والفلاحة وغيرهن، نعم هو محام عن «بهية» كما أطلق عليها فى معرضه الجديد «بهية وأخواتها – نساء من مصر» إنه الفنان التشكيلى حلمى التونى فى معرضه المقام فى قاعة بيكاسو ومستمر إلى يوم 18 إبريل.
قدم التونى ثلاثة أنماط أو نماذج من المرأة المصرية المعاصرة فى 33 لوحة زيتية، من الفلاحة الكادحة حارسة الارض والبيت «بهية»، إلى الفتاة العصرية الرشيقة النشيطة «إنجى»، إلى المرأة بنت العز البدينة الكسولة المرفهة المدللة «شلبية»، كما شارك الاحتفاء ببهية واخواتها  فى المعرض، اهداء وتحية تشكيلية قدمها الفنان « التونى» وهى إعادته لرسم أشهر لوحة تخص بالمرأة لكل من كل الفنان ليوناردو دافنشى ولوحة الموناليزا، ولوحة المرأة بول جوجان، والفنان الهولندى يوهانس فيرمير، جان دومينيك آنجر.
تحاورنا معه حول معرضه وعدة قضايا تشهدها الساحة التشكيلية، فإلى نص الحوار:
■ اعتدنا على وجود عنصر المرأة المصرية فى كل معارضك دون تحديد اسمائهن، ولكن معارضك الحالى تحت عنوان «بهية واخواتها» حدثنا عن معرضك؟
-  هذا المعرض يأتى فى ظروف خاصة وصعبة تمر بها مصر ونمر بها نحن جميعاً، فكرت كثيرا ماذا اقدم لمصر وللشعب الآن كفنان، لان الفن له دور يجب ان يقدم  ولسنا كفنانين تشكيليين نعيش فى عزله الى ان تنتهى الاحداث، والناس مشغولون بالقضايا السياسية أكثر من انشغالهم بالحياة، فوجدت امامى طرحين على ان اختار من بينهم، الطرح الاول: ان اقدم عرضًا خطابيًا وانزلق وراء الاحداث  يكون اعمال مجرد رد فعل هيأخذ وقته ويمر، والطرح الثانى: ان اقدم نموذجًا للحياة وتفاؤلاً، فنظرت حولى الى مجتمعى وناسى وتأملت مكانى وزمانى، ووجدت المراة المصرية تتصدر المشهد وتقوم وتقود وتؤدى أدوارًا إيجابية كما عودتنا.
وجدت انه يجب عليا كفنان أن اطرح فنًا يدخل على المتلقى البهجة وبعض السرور، لاخراج المتلقى ولو لفترة بسيطة من الحزن والاكتئاب، وامنحه التفاؤل بالقادم مهما كانت الصعوبات، لانى بشكل شخصى متفائل رغم كل شىء قديما كان يتواجد نوعان فقط من النساء، هما الفلاحات ونساء الهوانم أو أولاد الباشوات، وكان هذا قبل ثورة 1952، فاخترت ثلاثة نماذج من المرأة المصرية واختزالهن فى ثلاثة وهن «بهية»، «انجى»، «شلبية».
■ حدثنا عن بهية واخواتها كما عبرت عنهن فى  لوحاتك؟
- مصر يامة يابهية.. يم طرحة وجلابية،  «بهية» هية  رمز لمصر منذ اطلق الشاعر الراحل احمد فؤاد نجم  قصيدة  «بهية»  والتى لحنها وغنها الشيخ امام،  منذ ذلك الوقت اصبحت مصر عندى هية «بهية» الفلاحة المصرية حارسة الارض والدار، اخوات لبهية هن «انجى» الفتاة العصرية الرشيقة التى نراها فى القهاوى والكافيهات، وايضا توجد «شلبية» بنت البلد البدينة السمينة المرتاحة المدللة الكسولة، كلهن جميلات رغم الاختلاف.
المجموعة الاولى من اللوحات عن بهية لانها الاصل ولها تميز خاص حامية الارض تحافظ على تقاليد الاسرة حامية البيت وزوجها، بهية امرأة مصرية قوية رسمتها وبجانبها البندقية كرمز القوة ليس المقصود ان تحمل سلاحًا حقيقيًا ولكنها تحارب فى أى مجال تتواجد فيه مستعدة للدفاع عن أهلها اسرتها بلدها ارضها، ترتدى بهية لونًا جادًا مثل الرمادى أو البنى والأصفر القاتم، ثم تجدن بهية ترتدى لونا فاتحا، المرأة المصرية أو بهية ترتدى الأسود أو الألوان الغامقة حين تحزن ثم نسمع أولاد البلد يقول لها «هاتلونى إمتى»، مصر هاتلون وتفرح قريب هذا ما اشعر به، ولكن اعطوها فرصة وسوف تفرح جميعا، بهية شاهدناه متواجدة فى الاستفتاء على الدستور ومن قبل تصدرت المشهد فى الثورة، رغم حضورها إلا أنه للأسف لا توجد غير ثلاث وزيرات فقط، لم تأخذها حقها، فبهية تستوعب كل النساء باعماقها هى من انجبت «انجى» و«شلبية»، المجموعة الثانية لوحات عن «انجى» وهى امرأة تشبه عرائس الماريونيت الخشبية فى قوامها وحركتها، اما المجموعة الثالثة فى لوحات عن «شلبية» امرأة جميلة ومهتمة بذاتها من الطبقة الوسطى، كسولة وحساسة، وتمثل اليوم «حزب الكنبة» تعلم كل شىء وتتابع، ولديها هموم كثيرة تميل الى السمنة والامتلاء تذكرنى بنساء زمان حين كان مقياس الجمال والخفة هى المراة البدينة السمينة وليست المراة الرشيقة.
■ رسمت فى لوحاتك المرأة المنتقبة..  فلماذ لم  تعتبر هذه المرأة نوعًا آخر من النساء؟
- يوجد اليوم فى الشارع المصرى انماط من النساء عديدة بعضهن يدعونى للاستغراب والدهشة مثل المرأة المنتقبة التى تخفى كل ملامحها عمدًا يبدو انه نوع من انكار انها امرأة، حين اراها فى الشارع وتسير بجانبها المراة المصرية العصرية التى تقبل على الحياة وتعتز بكونها امرأة، كلاهما نقيض الآخر تمامًا، فى معرضى لوحات للمرأة المصرية زمان حين كانت ترتدى «البرقع» وليس نقابًا، البرقع مثير يفصح عن دلال يخفى جزءًا من جمالها ويشد الانتباه وجذاب يختلف تماما عن رداء الاسود الذى يوحى بالكآبة والنكد.
■ وماذا عن الأربع لوحات التى قدمتها عن أعمال «ليوناردو دافنشى –  بول جوجان – يوهانس فيرمير – جان دومينيك آنجر»؟
- اجد ان البعض يحاول انكار الماضى والتاريخ الفنى خصوصا للفنون لكلاسكية بحجة التجديد والمعاصرة والحداثة، ولكن هذا التجديد يقضى على القيم الفنية والجمالية، الكلاسيكية مازالت من الفنون التى تلفت انتباه الجمهور وتخاطبه ذهنيا وجدانيًا وبصريًا، لانها ثقافة أصبحت راسخة، وان المتلقى لايجب ان يشعر بالغربة وهو فى قاعة العرض، ومن يقدمون الفنون المعاصرة مع احترامى لكل الاتجاهات لديهم مشكلة، هم يحملون الجمهور مسئولية عدم فهم اعمالهم، وهذا بالتأكيد فكر خاطئ، مسئولية الفنان ان يحدث تواصلاً بينه وبين الجمهور من خلال عمله الفنى، إذا لمن يقدمون اعمالهم؟ هل يمكن ان نجد ممثلين على خشبة المسرح يمثلون بدون جمهور فى صالة العرض، أكيد مستحيل، العلاقة التفاعلية بين العمل الفنى والجمهور يجب ان تتواصل، مهما كان نوع العمل الذى يقدمه الفنان.
لذلك بدأت من خلال معارضى ان اقدم تحية واهداء الى رواد الفن واساتذة عظماء تعلمنا منهم جميعا، اعيد إحدى لوحاتهم المشهورة واقدمها بطريقتى واسلوبى الفنى وتقنيتى، قدمت من قبل اهداء للوحات محمود سعيد،عبد الهادى الجزار، احمد صبرى، وهذا التقليد لتوجيه التحية للرواد قدمه من قبل بيكاسو، واليوم فى معرضى اخترت لوحات لاربعة من المشاهير التى تخص المراة، قدمت لوحة الموناليزا «ليوناردو دافنشى» وخلفها زرع اخضر لامل القادم، لوحة «بول جوجان» المرأة التى تجلس على الارض، ولوحة للفنان الهولندى يوهانس فيرمير لامرأة فى اعمال المنزل، ولوحة للفنان الفرنسى «جان دومينيك آنجر».
■ من خلال ما قدمه الفنانون فى الثلاثة اعوام السابقة هل تجد تجديدا فى المعالجات التشكيلية يمكن ان نطلق عليه بداية فنون ما بعد الثورة؟
- لم اتابع كل المعارض وحتى اكون منصفاً البعض قدم محاولات تعد اعمالاً فنية جيدة وتعد رد الفعل عن الاحداث المستمرة، وهذا النوع من المعارض والاعمال الفنية قد ينتهى تأثيره بعد الاحداث ولا بقاء دائم للاعمال فى ذهن وجدان المتلقى، ولا بقاء فى تاريخ الفن، وكذا  حدث ذلك فى الاغانى التى واكبت الثورة، كم اغنية عن الثورة لكن لم تبق فى الاذهان، نحن الى الان نسمع اغانى عبد الحليم حافظ عن ثورة يوليو، ربما تكون اغنية «تسلم الايادى» اكثر الاغانى التى اقتربت من الحس الشعبى، انما فى الفن التشكيلى الامر ليس بهذه السهولة، نحتاج لوقت وتأمل، وننتظر احداث تغير فى الواقع وفى المجتمع، والى ان تكتمل الرؤية يظل كل ما يقدم عن الثورة فى نطاق المحاولات التعبيرية الانطباعية.
■ مارأيك فى الفعاليات الخاصة التى يدفع فيها الفنان مبلغًا للمشاركة، ويحصل على شهادة تقدير وميدالية وتمثال أوسكار؟
 -  غريب جدا ان يدفع الفنان ثمن المشاركة والتكريم ! مفترض ان نشجع فى مثل هذه الظروف الفعاليات الفنية الخاصة لانها تستوعب اجيالاً جديدة، ولكن بشرط ان تكون هذه الفعاليات بعيدا عن الشكوك، وان يراعى فيها وجود الفنان الحقيقى والعمل الفنى الذى يستحق العرض، والاشتراكات تقنن بما يليق بقيمة الفن، انما الحصول على تكريم مدفوع من قبل الفنان ليس له اى قيمة،  وبلغة شعبية ابسط «رزق الهبل على المجانين»! بهذا الشكل الموجود هى فعاليات استثمار ناتج عن الفراغ الثقافى والانفلات والفوضى الذى تعانى منه مصر كلها، وفى النهاية سوف يسقط الفوضى ولا يصح إلا الصحيح ولا يستمر إلا الفنان الحقيقى، الذى يحترم فنه ويحترم نفسه.
■ ما تقييمك لاداء وزارة الثقافة؟
مع كل تغيير وزارى اسمع ان البعض يطالب بالغاء وزارة الثقافة، ليس عندنا رجال اعمال يدعمون الفن التشكيلى رغم ان الدول الرأسمالية بها رجال الاعمال يدعمون المسرح مثل «سبراند» يدعم المسرح الايطالى وغيرهم، واتذكر فى امريكا عرضت بيع لوحة شهيرة وذلك لصالح احد المتاحف ولكن دفع رجل اعمال ثمن اللوحة وتركها للمتحف، فى مصر لايوجد إلا جائزة ساويرس الثقافة وهى لا تختص بالفن التشكيلى فى فترة فاروق حسنى لم تشكو الوزارة من ضعف الامكانيات بسبب تواجد وزارة الاثار  ولكن مع الاسف كانت تصرف الميزانيات على المهرجان والامبانى المغلقة اليوم.
لذا لابد من استمرار وعدم الغاء وزارة الثقافة على ان تقوم بدورها الحقيقى وإلإيحابى والفعال  واهم دور اليوم  وهو معالجة آثار التطرف الفكرى الذى ترسب فى اذهان الكثيرين وهم شريحة من الشعب لا يستهان بها، ورفع شأن ثقافة المواطن ، وتصل الثقافة الى المواطن المصرى البسيط الذى تم استغلاله واسثتماره.
■ لو وجهت لك دعوة لعرض لوحاتك فى دولة «قطر» هل تقبل هذه الدعوة؟
- بالتأكيد لا أقبل، فعلى مدار التاريخ الفنانون التشكيلين المصريون لهم مواقف سياسية سليمة وكفاح ثورى وكم من فنان شارك فى حروب دفاعا عن ارض مصر، وكم من فنان سجن بسبب أعماله الفنية، كيف يقبل فنان مصرى ان يعرض لوحاته فى دولة معادية تعقد مؤامرات ضد مصر مثل «قطر» فهذا غير مقبول ومرفوض نهائيا وبدون نقاش.