الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ابداع




جميلة العلايلي.. الصحفية المبدعة

شعراؤنا شموس فى سماء الإبداع ينيرون لنا ببصيرتهم وبصرهم طريقنا ويخبرونا ما لم نخبره فيما فاتنا من أمورنا الحياتية فهم بمثابة توثيق وشهادة على عصرهم ونحن نخصص هذه المساحة من الإبداع للاحتفال بالشاعرة والصحفية والأديبة جميلة العلايلى التى ولدت فى العشرين من مارس عام ١٩٠٧م كتبت الشعر قبل تأسيس مدرسة أبوللو على يد أحمد زكى أبو شادى وإبراهيم ناجى وعلى الجندى فلما نشرت قصائدها فى مجلة أبوللو لاقت احتفاء واستقبالا طيبا من رموز هذه المدرسة وغيرهم من النقاد مما شجعها على الانتقال إلى القاهرة للإقامة الدائمة، وكانت مقالاتها وقصائدها تنادى بالإصلاح والتذكير بالقيم والمثل وتتناول قضايا الأخلاق والآداب.
يصاحب قصائد «العلايلى» لوحات الفنان العالمى فرانشسكو جويا «30 مارس 1746- 16 ابريل 1828» وهو رسام وحفار اسبانى،  كان الرسام الرسمى لملك اسبانيا و مؤرخ اخبار التاريخ، ويعد أحد أهم الفنانيين الغربيين وأحد روادهم



بين الشك واليقين

تـراك هـنـا الـبعـيـد أو القــــــــريبْ
فطبعك سـيـــــــــــــــــــدى طبعٌ غريبْ
لقـد آخذتـنـى دون اكتـــــــــــــــراثٍ
ولـم تشفقْ عـلى الـدمع الصـبــــــــــيب
وكـم أشعـلـت فـى قـلـبـى لهـــــــــيبًا
فبـاتت مهجتـــــــــــــــــى شمعًا يذوب
وغالـبتُ الأســــــــــــــــى عَلّى أواري
هـمــــــــــــــومَ النفس أو شجن الكروب
وكـم أعـلـو عـلى مسـرى ظنـونــــــــــى
ولـولا الـحـبُّ مـا اغتُفِرت ذنــــــــــوب
فكـيف تـمسّ إحسـاسـى بـوهــــــــــــــمٍ
ضمـيرى بـات يحـرس كـالرقـــــــــــــيب
ولـولا أننـى بك مستهـــــــــــــــــامٌ
لـمـا أغضى الفؤادُ عـن العـيــــــــــوب
أتـنسـى أننـى نــــــــــــــــــورٌ مشعٌّ
أضـيء دجـاك فـى اللـيل الرهــــــــــيب
أتـنسـى أننـى روحٌ ولـــــــــــــــــوعٌ
حـبـاك الـدفء فـى الجـو الرطـــــــــيب
قنعتُ بكـنز آدابـى وفـنــــــــــــــــى
ولـم أجنح كغـيرى للهــــــــــــــــروب
ولا أهفـو لأضـواء الـمـلاهــــــــــــى
وعـشـت هـنـاك فـى كـنف الطـيـــــــــوب
وروَّضتُ الفؤاد عـلى اقتـنــــــــــــــاعٍ
وأضحى الجـاه مشكـاةَ الـذنــــــــــــوب
وكـم قـالـوا وقـولهـمُ مـثــــــــــــيرٌ
فتـاةُ الطهـر والنـبت الـحســـــــــــيب
رمـاهـا صـائدٌ رمـــــــــــــــيَ اقتدارٍ
فلـم يـنجُ الـمحـاذر بـل أُصـــــــــــيب
وكـان الظنّ أنَّ مـن اقتـنـانــــــــــــى
يسـير بركب أوهــــــــــــــــــام تُريب
فـمـا جـازت ظنـونٌ قـدّروهــــــــــــــا
برغمهـمـو عـلـوتُ عـلى الخطـــــــــــوب
لقـد قـال العـــــــــــــــواذل كلَّ إفك
وكـان جزاؤهـم فشلاً يعــــــــــــــــيب
وأشعـلـت الشمـوعَ مسـاء عُرســــــــــــى
لأُعـلن أنك الزوج الـحـبــــــــــــــيب
وأشهدت الرفـاق عــــــــــــــــلى قِرانٍ
بعـيـدٍ عـن أضـالـيل القـلــــــــــــوب
وروّضتُ الفؤادَ عـلى الـتدانـــــــــــــي
وعفت الـمـجـدَ مـــــــــــــن كفّ الغريب
وقـلـت رسـالةُ الأنثى ضـيـــــــــــــاءٌ
يـنـير مسـالك الـدهـر العصـــــــــــيب
وطـابت لـى حـيــــــــــــاةُ القفر دومًا
وهـيّأت الـمقـام لـتستطـــــــــــــــيب
وكـان كفـاحك الـمـاضـى سبـــــــــــيلاً
لـتفتحَ لـى الـمسـالكَ والـــــــــــدروب
وقـدّمت الـدلـيل عـلى وفــــــــــــــاءٍ
سمـا بـى فـوق أقـوال الـمـــــــــــريب
عـلامَ الشك والظَّن الـمـــــــــــــــريبْ
وقـلـبـى عـازفٌ عـمـــــــــــــــا يُريب
صـفـاء الروح يكـسبنـى بـهــــــــــــاءً
فأبـدو فـى الصـبـا رغم الـمشـــــــــيب
فـمـا ذنـبـى إذا مـا كـنـت أبــــــــدو
بسحـر شبـابـيَ الزاهـى القشـــــــــــيب
أخـاف عـلـيك مـن عُقبى سُهـــــــــــــادٍ
يُذيب النفسَ مـن قبـل الـمغــــــــــــيب
فـنــــــــــــــــــاجِ الله إمّا لاح شكّ
فكـم زحفت شكـوكٌ بـالخطـــــــــــــــوب
ولا تجنحْ لـوهـمٍ أو خـيـــــــــــــــالٍ
فكـم أودت شكـوكٌ بـالقـلــــــــــــــوب
وإن تقصـفْ بقـلـبك نـــــــــــــــار شكٍّ
فعُدْ لله واطلـب مـا تطــــــــــــــــيب
وربك سـوف يرفع عـنك حتـــــــــــــــمًا
ظلامَ الـوهـــــــــــــــم والظنّ الكذوب
وتحـيـا فـى رحـــــــــــــاب الله دومًا
ولا تفزع مـن الهـمّ الـمشـــــــــــــوب
فعطّرْ مـن يـقـيــــــــــــــــنك كلَّ فكرٍ
لـتحـيـا فـى الـحـيـاة بــــــــلا كروب

 

من أنا

رحـمـاكِ نفسـى أجـيبـى الـيـوم تسآلــــي
قـد ضقتُ ذرعـاً بأعبـائـى وأثقـالـــــــي
قـد ضقت ذرعـاً بـمـا ألقـاه فـــــانطفأت
مِشْكـاةُ خـيرٍ هدت روحـى لأفعـــــــــــال
فـمـن أكـون؟ ومـا شأنـى ومـا أمـلـــــى
ولِمْ قـدمتُ لهـذا العـالـم الـبـالــــــى
ولـم خُلقتُ لهـذا الكـون وا أسفــــــــى
ولـمْ ولـدتُ؟ لـمـاذا جـاء بـى آلـــــــى
لئن ثنى الـدهـرُ مـن سهـمـى وحـاربنــــى
فـمـا أبـالـى وحسبُ القـلـب آمـالــــــى
أنـا الأبـيَّةُ لا أبـغـى مهــــــــــادنةً
إن الصراحة أفعـالـى وأقـوالـــــــــــى
فـالقـول أجـمـلُه مـا كـــــــــان أصدقَه
ومـا أردتُ بـه تبـديلَ أعـمـالــــــــــي
يـا ربِّ مـن كــــــــــان معتزاً بفضلك لا
يـخشى الـمـلامة مـن قـيلٍ ومـن قــــــال
قـالـت بـهـمسٍ: هـنـا نفسٌ تعـاتبنــــــى
أَمَا كفـاكِ نعـيـمـاً ذكرك الغالـــــــــى
كُفِّى الـمـلامةَ ولْتـرضَيْ بـمـا الـتــــمعت
بـه لـيـالـى الهـوى مـن ضـوئك الغالـــى

 

عتاب

أتخضع للهـواجس عـند صـمتــــــــــــــى
وتأبى أن تُصـيـخَ إلى اشـتـيـاقـــــــــى
حديث الروح هـمسٌ يـا قـريـنــــــــــــى
تصـوِّره الشفـاهُ عـلى الـمآقــــــــــــى
ألـيفـى لا تقـل قـلـبــــــــــــى عزوفٌ
فلـولا الـبـيـن مـا طـاب الـتلاقــــــى
وقـد تدنـو لـيـالـيـنـا الخـوالـــــــي
ويُجْمَع شمـلنـا بعـد افتــــــــــــــراق
فحـبُّك قـد تـمكَّن مـــــــــــــــن فؤادى
وذِكْرك شـاغلـى وبـه احتـراقــــــــــــى
وكـيف رأيـتَ فـى صـمتـى مـــــــــــلالاً
وقـد قـيَّدتُ نفسـى بـالـوثـــــــــــــاق
وعـندك مـن زهـــــــــــــور الروض ذكرى
تفـوح بعطر أنفـاس انطلاقــــــــــــــى
فكل خمـيلةٍ فـى الروض تحكــــــــــــــى
أقـاصـيصَ الـمحـبة والـوفـــــــــــــاق
وتلك نسـائم اللـيل الـمـــــــــــــوشَّى
تبـوح بذكر أحـلامـى الرقـــــــــــــاق
تـرفَّقْ أيـهـا الزوجُ الـمـوافـــــــــــى
لقـد ولّى الفراق مع الـمحـــــــــــــاق
ومـا أحـلى اللقـاءَ عـلى وفـــــــــــاقٍ
ومـا أحـلى الـوفـاقَ مع العـنـــــــــاق

 

قلب غريب

رباه قلبى صاد كيف أرويـه
من ذا يهدهد ما فيه ويسقيـه؟
صوت الجحود يرن اليوم فى أذنى
لولا الإباء لرحت اليوم أحكيـه
قد بات قلبى غريبا فى محبته
حب طهور فهل من ثم يدريـه؟
وقد غدوت وحالى فى الورى عجـب
وليس فى الحب ما أخشى فأخفيــه
أسائل الله عن قلبى ليلهمـنى
إن كنت أحيا به أو لا فأرثيه؟

 

حب المحال

سلنى مليك عواطفى المحبوبـا
سَلْنى عن الحُبِّ المُذِيب قُلوبا
حب «المحال» أصابَ مَعْقِل مهجتي
فعرَفتُ فيه الصَفْو والتَّعْذيبا
يا حسرةً تُفنى منــاهِلَ رغبــتى
يا نزعةً تُحيى الفؤادَ طَرُوبا
إنِّـى أراه مـع الظلام كأنــَّه
طيفٌ يلوح مع الحياةِ غريبــا
ويطوف بى شجْوُ الحنيـنِ كأنَّــنى
أفْنَيْتُ عُمرَ المُغرمين نحيبـا
لو أنَّ أحزانى تُطيع مدامعــي
لرأيتَ دَمْعى فى القريضِ صَبيبا
لو أنَّ بحر الحبِّ يأخذ مسرفاً
ماءَ المَدَامعِ ما شكوْتُ سُكُوبـا
لو أنَّ ذاتكَ ما أرُوم وأبْتَغِـي
مِنْ كُلِّ قلبٍ ما رجَوْتُ حَبيبــا
لكنَّنى أهوى الفُنون لأنَّهــا
تحْيا بمِشْكاةِ الخُلُودِ لَهِيبَـا
وأظلُّ أُفْتَن بالمُحَال لأنَّه
رُوحُ الكمالِ فهل عَشِقْتُ عَجِيبَا

 

الليل

باللهِ، يا ليلُ لا تسمع لأتراحـى
فكم حنوتُ على مُضْنَى ومُلْتَـاحِ
باللهِ، قل لى: هل عيناك قد فُتِحَـتْ
على جريحٍ تمنَّى كفَّ جــرَّاحِ
أشكو لنفسيَ من هَــمٍّ يُؤرِّقنى
والنَّاسُ فى ليلِهم هاموا بأفـراحِ
هذا يسامر حسناءَ على حِـدَةٍ
ما بين نايٍ، ومزمَارٍ، وأقـداحِ
خالٍ من الهَمِّ لا يشكو لها أبــداً
إلا الصَّبابةَ فى جَهرٍ وإفصَــاحِ
وذاك فى نومه قد غُطَّ تحسَبُــهُ
من الصَّباحِ على وعْدٍ لـصدَّاحِ
وأنتَ، يا ليلُ، ترعانى على حِدَةٍ
ما أطْوَلَ الليلَ للمحرومِ يا صاحِ
أشكو إلى الله قلباً صاحياً أبـداً
يا ليته مثل غيرى ليس بالصَّاحـى

 

ليتك تعرف

الله فـى دنـيـا تـمـوج ظلامـــــــــــا
أنـا لا أرى وجهًا بـهـا بسّامـــــــــــا
والنـاسُ أشبـاحٌ تـمـرّ بخــــــــــــاطرى
فأظنهـا فـوق الثراء غمـامـــــــــــــا
قـالـوا فعِيشـى مـثلَ زهــــــــــرة نرجسٍ
فأُعـانق الأَضـواءَ والأَنسـامــــــــــــا
عِيشـى كغـيرك لا تبـالـى بـــــــــالردى
قـدرٌ يجـرّك حـيث شـاء ورامـــــــــــــا
سـيّان ثـمةَ مـن يـتـاجـر بـالهــــــــوى
أو مـن تـراه عـن الضلال تسـامـــــــــى
أو عـلّ أكثرنـا نـوالاً للـمـــــــــــنى
قـومٌ قضـوا تلك الـحـيـاة نـيـامـــــــا
ولقـد يُرى مـن يحتفى فـى بـيــــــــــته
وحديثه قـد فجّر الأَلغامــــــــــــــــا
قـالـوا لنـا إن الـحـيـاة فســــــــيحةٌ
فـالضـيـق لا يبقى هـنـاك دوامـــــــــا
خلق الإله الـبـدرَ يكتسح الــــــــــدجى
وتـراه فـى اللـيل الـبـهـيـم تـمـامـــا
وتـراه ذوبًا مـن لُـجَيْنٍ ســــــــــــائلاً
وتـراه يـمحـو فـى الـدُّنـا الآلامــــــا
هـو فـى رحـاب الكـون يبــــــــــدو آيةً
مـن ربّه للـمـرء حـيث أَقـامــــــــــــا
لهفـى ومـا لـى لست أُبصر فـى الــــــورى
نـورًا ولا بـيـن الظلام أَنـامــــــــــا
قـد شـاع فـيـهـم مـا نعـاف مـن الهـــوى
وجفـا الضمـيرُ سلـوكَهـم وتعـامـــــــــى

 

يا بائع الصبر

يـا بـائعَ الصـبر بِعْ لـى الـيـوم قنطـارا
فقـد غدوتُ بـمـا ألقـاه محتــــــــــارا
وخذ مـن الهـمِّ مـا قـد بتُّ أحـمــــــــله
فدرهـم الصـبر لاقى الهـمَّ قنطــــــــارا
ولا تكـن مشفقـاً فـيـمـا ستطلـبــــــــه
أجـراً فإن فؤادى بــــــــــــــات صَبّارا
لقـد بكـيـتُ مـن الـدنـيـا وشقـوتهـــــا
وقـد جـرى مدمعـى فـى الأرض أنهــــــارا
وصرت والصـبر مـوجـوداً يُبـاعُ لنــــــــا
ومـن يبـيع لنـا للـدهـر أســـــــــرارا
يـا أيـهـا الخلقُ رحـمـاكـم فخـالقنــــا
لـم يرضَ للخلقُ فـــــــــوق الأرض أضرارا
لكـننـا نحن نشقى مـن تعصُّبنــــــــــــا
ومـن مطـامعَ نُشقـى الأهل والجــــــــارا
فإن رأيـتَ حـزيـنـاً نــــــــــــاله ضررٌ
مـن الأنـام فكـن عـونـاً وإيثــــــــارا
ولا تحـاول بقـولٍ مـــــــــــــنك تخدشه
جـرحُ الـحـزيـن يـزيـد الـــــدمع مدرارا
واسأل له اللهَ صـــــــــبراً إن عجزت إذن
عـن أن تسـوق له مـا يُطفئ النــــــــارا
وقـل له: لا تهـنْ واصــــــــــبرْ ومعذرةً
ثـم الـتـمسْ لجـمـيع النـــــــاس أعذارا
وإن رأيـت شقـيّاً ضلَّ مـن قـــــــــــــلقٍ
فـوجِّهِ النصح لا تـولـيــــــــــه إنذارًا
فرُبَّ داجنةٍ تُمحى حـلاكتُهــــــــــــــــا
مهـمـا تـرى الـدهـر بـالإنسـان قـد جـارا
والعسـرُ يَعقبُه يسـرٌ وحـالـتـنــــــــــا
هـى الـتقـلُّب إيسـارًا وإعســـــــــــارا
يـا بـائع الصـبر بِعْ لـى كلَّ مـا مــــلكت
يـداك مـنه وزِدْ لـو شئت قنطــــــــارا