الإثنين 23 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

توكيلات السيسى والدعاء لمصر على أعتاب السيدة نفيسة




كتب - أشرف أبوالريش والحسين عبدالفتاح


«يارئيسة ترجى لكل ملم وهمامة ترد بئس القوى ياحسيبة إنا عليكى حسبنا ودخلنا فى كهفك المحمى وبظل الجناب منك اتقينا من كل حاسد وبغى قد أتيناكى زائرين مقامًا وضريحًا عليه نور سيدنا النبى».. بهذه الكلمات التى تخرق القلب وتلهب الوجدان وقف أحد الدراويش أمام ضريح السيدة نفيسة رضى الله عنها التى احتفل المصريون بمولدها أمس يناجى صاحبة المقام بصوت عال محركـًا مشاعر الكثيرين من احباب نفيسة العلوم.. فسكنت القلوب وانهمرت الدموع ورفعت الايدى للسماء بالدعاء أن ينصر الله مصر وان يولى من يصلح حكم البلاد.. هؤلاء هم أحباب آل البيت يعشقون هذه الأرض الطيبة التى يرقد فيها الأولياء والصالحون.
ومن أهم المظاهر التى شهدها مولد السيدة نفيسة هذا العام انطلاق توكيلات المشير السيسى التى تؤيده للترشح للرئاسة وذلك من خلال أعضاء حملة «تحيا مصر» خاصة أن المشير من المنطقة القريبة من ضريح السيدة نفيسة فى منطقتى الدرب الأحمر والجمالية.
كما أن انقطاع التيار الكهربائى أمس أدى إلى استياء الزائرين واصحاب الخيام المحيطة بالمسجد وطالبوا بضرورة وضع موالد آل البيت فى الحسبان وعدم قطع التيار بأى حال من الأحوال مهما كانت الظروف.
السيدة نفيسة العلم والمعرفة، ابنة الامام حسن الأنور، المشهور بحسن الأكبر، ابن زيد الأبلج بن الإمام الحسن السبط بن الإمام على بن أبى طالب، وحفيدة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء، بضعة سيدنا محمد بن عبدالله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهى صاحبة المشهد المعروف بالقاهرة والموجود فى الجنوب الشرقى عند جبل المقطم، جنوب غربى القلعة، والمنطقة تعرف تاريخيًّا بدرب السباع (بين منطقة القطائع والعسكر) التى كانت تعرف بكوم الجارح، وهى التى أجمع المؤرخون، على دفنها بمقامها الشريف ومسجدها العامر فى مصر، وقد اهتمت الدولة المصرية بتوسعة المسجد، بالمنطقة المجاورة وقامت بتطويرها، وتظهر فى مواجهة المسجد فى مكان مرتفع مبرة العارف بالله تعالى الشيخ محمد متولى الشعراوى التى أطعم فيها رضى الله عنه فقراء المسلمين الطعام وقدم لهم الصدقات وأموال الزكاة التى كانت توزع ابتغاء مرضاة الله، كما قدم فيها العلم واهتمت بجميع طوائف الشعب المصرى أغنياء وفقراء بسطاء وعلماء، وحافظ على ذلك ابنه عبدالرحيم ومن بعده الشيخ سامى والشيخ أحمد وأحباب الشيخ ومريدوه وجميع أفراد الأسرة، وقد تزين الميدان والشوارع المحيطة بالأنوار والخيام التى وزعت الطعام وقامت فيها مجالس الذكر وقراءة القرآن والابتهالات الدينية والأناشيد الشعبية بالاضافة إلى الاحتفال الرسمى لوزارة الأوقاف بالمسجد والذى تحدث فيه إمام المسجد الشيخ محمد القاضى والكثير من العلماء وأقيمت أمسية دينية نقلتها وسائل الاعلام.
واسم نفيسة من النفاسة ورفعة الشأن والشرف، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يحب الأسماء الجميلة، ويغير بعض أسماء الصحابة بما هو أجمل وأكمل.
ولمسجد نفيسة العلم مكانة فى قلوب المصريين فما دخل أحد إلى مقامها إلا واستشعر روحانيات عجيبة يرجعها البعض إلى أنها رضى الله عنها حفرت قبرها حال حياتها بيديها الشريفتين وختمها القرآن الكريم فيه فأصبح روضة من رياض الجنة .
وقد ولدت رضى الله عنها بمكة فى النصف الأول من ربيع الأول سنة مائة وخمس وأربعين من الهجرة، وقضت صباها بـ (المدينة)، ملازمة القبر النبوى فى أغلب الأوقات؛ إذ كان والدها أميرًا على المدينة للخليفة المنصور، وقد أدركت طائفة من نساء الصحابة والتابعين وتلقَّت عنهن، وحجت ثلاثين حَجَّة أكثرها وهى تمشى على أقدامها، وكانت تحفظ القرآن الكريم وتفسره وتفقه به الرجال والنساء، صوَّامة قوَّامة، سخية غاية السخاء، ولها كرامات لا تحصى كعمتها (زينب بنت على) رضى الله عنها.
وتزوجت فى العشر الأوائل من رجب سنة 161هـ من أحد بنى عمومتها، السيد إسحاق المؤتمن (شقيق السيدة عائشة المدفونة فى مصر)، وهو ابن السيد جعفر الصادق بن السيد محمد الباقر بن السيد على زين العابدين بن مولانا الإمام الحسين رضى الله عنهم جميعًا، ورزقت منه بـ (القاسم، وأم كلثوم).
ولمَّا ترك الإمام الحسن الأنور والد السيدة نفيسة ولاية المدينة، خلفه عليها زوجها إسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق واليًا للعباسيين؛ فهى بنت أمير وزوجة أمير من أهل بيت رسول الله «ص».
وفى العشر الأواخر من رمضان سنة (193 هجرية) نزلت مصر مع زوجها وأبيها وابنها وابنتها لزيارة أهل البيت المقيمين فى مصر ، بعد أن زارت بيت المقدس وقبر الخليل، واستقبلها أهل مصر عند العريش أعظم الاستقبال، حتى إذا دخلت مصر أنزلها السيد (جمال الدين عبد الله الجصاص) كبير تجار مصر فى داره الفاخرة، ثم انتقلت إلى دار (أم هانئ) بجهة المراغة المشهورة الآن بالقرافة، فأقامت وتعبدت وشفى الله على يديها ومن ماء وضوئها فتاة مُقعَدة ابنة رجل يهودى يقال له أبو السرايا أيوب بن صابر اليهودى؛ فأسلم هو وأهلها ومن كان معهم.
وحاول أبو السرايا نقل السيدة نفيسة إلى داره فى درب الكروبيين، فلقيت هذه القصة رفضا كبيرا ولاقت دوياً هائلًا من أهل مصر، فلازموا دارها ليلا ونهارا بالمئات يلتمسون البركات، ويسألونها الدعوات.
وعندما نوى زوجها العودة بها إلى الحجاز، استمسك أهل مصر بوجودها بينهم، ورأت جدها المصطفى صلى الله عليه وسلم فى المنام يأمرها بالإقامة فى مصر، فوهبها (عبدالله بن السرى بن الحكم) والى مصر دارَه الكبرى بدرب السباع، وهى الدار التى كانت لأبى جعفر خالد بن هارون السلمى من قبل، وحدد لزيارتها يومى السبت والأربعاء من كل أسبوع؛ مراعاة لصحتها، وتمكينًا لها من عبادتها، وكانت تخدمها (زينب بنت أخيها يحيى المتوج)، حتى انتقلت إلى الرفيق الأعلى وكاتمة سرها السيدة جوهر الشهيرة بجوهرة ولها مقام قريب من المسجد .