الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

جاذبية سرى تقدم «الأمل دائما» فى معرضها الجديد




كتبت- سوزى شكرى

«الأمل دائما» عنوان معرض جديد للفنانة التشكيلية جاذبية سرى «89 عاماً»، مقام بقاعة الفن بالزمالك، ويستمر حتى 28 إبريل.
جاذبية سرى واحدة من أبرز فنانات الجيل الثانى، بدأت حياتها الفنية منذ أربعينيات القرن الماضى، وزاملت كبار الرواد مثل: عبد الهادى الجزار وكامل التلمسانى وغيرهما، ومن تلميذة فاشلة فى مادة الرسم بالمدرسة، أصبحت فنانة مبدعة لا يمر عام إلا وتقيم معرضا، فلم تتوقف يوماً عن البحث والتجديد والتجريب بكل الاساليب الفنية والتشكيلية، إن قدرتها على الاستمرار فى الإبداع الفنى ليس لها مثيل فى الحركة الفنية المصرية المعاصرة، فهى مبدعة بدون توقف.


الأعمال المعروضة فى معرضها الجديد تحتشد فيها نماذج عديدة من البشر، ومنحها الأطفال بطولة لوحاتها التصويرية يعكس عشقها للحياة، فهم مخزن ذكرياتها ومشوارها التشكيلى، وهم أيضا عناصرها الانسانية، وتتناثر الوجوة والملامح والأشكال الهندسية، وتتقارب الشخصيات وتختلط ببيوتها المتراصة التى أصبحت سمة تشابة بين عيون بشرية بين نافذة البيت، كلاهما نوافذ مفتوحة على الحياة، وتستطر العفوية التشكيلية الانفعالية فضاء اللوحة من أعلى والبعض الآخر من اسفل، وتترك الفضاء والمساحات ليقوم المتلقى باستكمالها بشكل ذهنى بحسب معرفتة بالعناصر بصريا، وخطوط فرشتتها عريضية قوية لا ستوقفها بل تترك انفعالتها تخرج على مسطح اللوحة بدون قيود فكرية.


 تمتلك روح التمرد على المستوى الفنى وحياتيا، تمردت على التقاليد الفنية النمطية وحررت افكارها وموضوعاتها من سلطة المعاير والثوابت فى توزيع الالوان والايقاعات والملمس لايشغلها توزيع الاضاءات.


تقدم فى لوحاتها الجديدة الضوء من خلال اللون، وتدرجت ألوانها ما بين الباردة والحارة المبهجة، الأحمر والأزرق حيث الحرية والانطلاق والأمل دائما، والخط يحتوى الشكل، والفرشاة تجرى بعفوية لا حدود لها، تستدرجنا للدخول فى عالمها المزدحم بالناس والبيوت.


ورغم ممارستها لكل المدارس الفنية والصياغات التشكيلية التى قدمتها على مدى 73 معرضاً، إلإ انها اختارت لمراحلها الاخيرة ان يكون اسلوبها الفنى التجريد اللامحدود شديد الحداثة المشحون بانفعالات وضربات فرشاة معلنة اعتراضها على واقع مؤلم، استطالة فى الاشكال والعناصر بتعبيرية، اختزالت التفاصيل حافظاً على المضمون، والجماليات فى عناصر لوحاتها ليس صفات شكلية بل فلسفية ووجدانية وتأملية، ملامس السطح خشنة تتبع الاتجاة الراسى فى تكويناتها مما أدى إلى تقوية عامل التشويق والجاذبية، والاشكال الهندسية التركيبية المفتوحة للإيحاء بالعمق فى تخطيطات بنائية، هذه البنائية كانت حل لأكثر القضايا الجمالية تعقيدا بلمساتها التجريدية الرقيقة، لوحاتها مملوءة بالحرارة والنضج، وكما منح عشقها للحياة أبعاد خيالية وشحنة عاطفية.


قال عنها الفنان الدكتور مصطفى الرزاز: جاذبية سرى فنانة تمجد «الكانفاس»، انها ايقونة فن التصوير المصرى الحديث والمعاصر بانجازات مشوارها الطويل الرائع وجسارتها الابداعية وعمق وحدة مشاعرها التى تدفقت فى طاقة تعبيرية تلازمت مع نزعة تجريبية متجددة وزجزاجية فبينما تشق مضمار التجريد فى التقنيات ومجموعات الالوان الفريدة ومنهج معالجة السطوح بالعجائن وضربات الفرشاة وجرات السكاكين واحفروياتها على العجائن السمكية، وفى سبيها للتحول من موضوع تعبيرى الى آخر، ومن صياغة تكوينية الى اخرى واستغرابها فى معالجة قضية الانسان فى بيئة جائزة من العشوائية والضوضاء، محشوراً فى كتل المعمار، او فى انطلاقة فى الصحراء والبحر والنهر، فهى تكتنز فى اعمالها طاقة درامية بالغة القوة والوضوح تعكس ملامحها ذاتها وتعبيرات وجهها وايقاعات صوتها، تقدم جاذبية سرى فى هذا المعرض حالة اختزالية «مينيماليه»، تعالج بها موضوعاتها الاثيرة، الانسان ومسكنة فى نزعة نوستالجية من الحنين الى تراثها الذاتى ودأبها على استدعاء ملامحه من آن لآخر، حيث تظهر فى لوحاتها تلك الوجوه محسبوسة فى النوافذ شاخصة، والبيوت على الشاطئ تلك البيوت « المتانسنة تطل على المشاهد من لوحاتها بكتلها الصندوقية وعقودها وقبابها ونوافذها الرمزية ونجد المستحمات فى بحر متلاطم الامواج ومشاهد السوق والقرية، والتقاسيم المتعامدة فى توزاناتها وتداخلاتها اللونية، تصهرها فى لغة تصويرية نابضة بالحيوية والانشراح، وهى تختزل العناصر إلى «اكود» تحافظ على حيوية ضربات الفرشاة العريضة وجسارتها بالعجائن السميكة او المخففة، صربات عصبية تشهد على ثورتها وقرارها الواثق، وبينما تمجد الفنانة مسطح الكانفاس وتفسح له وجوداً يتنفس فى لوحاتها وحميمية فهى تحشد تلك المجموعات اللونية المدهشة فى تدخلات وتراكمات ورقاع مساحية وشرائط وخطوط تجديد بصورة بالغة الخصوصية والقوة والشاعرية».


كما خصص الناقد «ايمية آزار» حيث كتب فصلا عن فنها فى كتابة التصوير الحديث فى مصر الصادر بالفرنسية فى القاهرة عام 1961 وصدرت ترجمتة العربية عام 2007 كما احتلت فصلا فى كتاب الدكتور نعيم عطية «العين العاشقة» الصادر عن الهايئة العامة للكتاب عام 1976. وكتبت عنها موسوعة التصوير طبعة «روبير» عام 1976 فى باريس، وموسوعة لاروس للتصوير عام 1979. وقاموس السيرة الذاتية الدولية المطبوع فى كامبردج بانجلترا عام 1982 بالإضافة إلى العديد من المقالات والدراسات فى الصحف العربية والأجنبية وقد انتج التليفزيون المصرى فيلما تسجيليا عن فنها فى سلسلة نساء ناجحات عام 1982 وانتج المركز القومى للأفلام التسجيلية فيلما عنه مدته 20 دقيقة عام 1992 بالاضافة إلى أربعة برامج تسجيلية عن حياتها وفنها، وقد أصدرت هيئة الاستعلامات فى مصر عام 1984 كتابا عن فنها يضم 40 لوحة بالألوان فى سلسلة وصف مصر المعاصرة من خلال الفنون التشكيلية بقلم فاروق بسيونى كما أصدرت الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1998 كتابا عنها بالإنجليزية، تحت عنوان شهوة الأولوان، ويضم 130 صورة ملونة و50 صورة غير ملونة لأعمالها، ويضم كتابات عن فنها بقلم: ايمية عازار وكارمينى سينسكالكو وفرانسواز مونين وصوفى الجويلى وبدر الدين أبو غازى وحسين بيكار ولويس عوض وكامل زهيرى ومختار العطا وصبحى الشارونى ونعيم عطية وأحمد سليم فاروق بسيونى وأمل جيد وغيرهم.


كما وصفها الناقد الفنى كارمينى سينسيكالكو: وتعتبر جاذبية سرى معلماً من معالم البانوراما المصرية للفن النسائى لأنها تعكس فى تكويناتها المملوءة بالحركة والألوان والانطلاقة الحيوية العصبية التى تتسم بها شخصيتها وإنه لا يكون فناً نسائياً بالمعنى الذى صار من المألوف اضفائة على هذا التعريف إن هذا خطأ نظرا لأن التعبير الفنى يجب أن يحكم عليه بمعيار القيمة الذى يتخطى الجنس ولا يضعه فى حسبانه حيث إن فنها لا علاقة له بتلك الخصائص التى تتصف بها النساء الفنانات.


 وقد كتبت الناقدة الأمريكية جيسيكا وينجر فصلاً خاصاً فى كتابها عن الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة «تكهنات خلاقة» الصادر عن جامعة ستانفورد عام 2006، وقالت: جاذبية من أشهر الفنانين المصريين على مدى الزمن إنها معروفة بين الفنانين المصريين بأنها تدفع باستمرار بالأبعاد التشكيلية لعملها، وهى أيضاً بين القليل الذين يوثقون تطورهم الفنى فى كل خطوة من أعمالهم «وليس فقط فكرها»، وبالنظر إلى لوحات جاذبية نستطيع أن نرى أيضاً الطرق التى ربطتها بقوة مع الأشكال والأساليب الفنية المختلفة من حول العالم، مناقضة بذلك الفكرة بأن المصريين المحدثين قد قلدوا الأوروبيين فحسب.