الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

حاتم شافعى يستلهم «معطف» نجيب محفوظ




كتبت - سوزى شكرى


عندما يكون الموضوع الفنى أقرب إلى الطرح الفلسفى بالتأكيد يتطلب هذا الطرح أسلوب فنيا مغايرا للفنون التشكيلية التقليدية والنمطية مثل موضوع «الحياه والموت» وكيف للحياه أن تنهى فى لحظة ولا يستطيع أحد أن يوقف القدر، فنجد أن الفنان التشكيلى الدكتور حاتم الشافعى قد استلهم معرضه الفنى المقام حاليا فى مركز سعد زغلول الثقافى من الفيلم الروائى القصير «المعطف» للكاتب نجيب محفوظ من اخراج حسين كمال الذى قدم عام 1964، الفيلم يحكى قصة معطف الموت وأن كل من يرتديه ميت لامحال، وأن لكل انسان له معطف شاء أم لم يشأ .
نفذ «الشافعى» العمل باستخدام احد فنون المعاصرة وهو فن «التجهيز فى الفراغ» installation حيث قام بتنظيم عناصر العمل الفنى داخل حيز محدود من الفراغ، وهذا الفراغ بحد ذاته يمثل عملا فنياً مع ترك مساحه لمشاركة الجمهور وجدانيا وحسيا بالعرض.
 حين تدخل قاعه العرض تجد نفسك أحد شهود حادثه قدرية، يجذبك صوت القطار القادم بسرعه، يشعرك بحاله من الخوف من اصوات تحذيريه متتابعه لاجراس «سيمافور المحطه» توحى بالخطر مؤكد، وعلى جدران القاعة علق الفنان الآلاف من اللقطات الفوتوغرافية الإنسانية القاسية المؤلمه، منها لقطات جرائم قتل من تدبير البشر، ومنها لقطات الموت بتدبير القدر، وفى وسط القاعه قضبان خشبيه متجهة إلى نهاية القاعة، هى تمثيل شكلى لقضبان القطار، مع زياده عدد أجراس الإنذار السريعة تسمع صرخه القطار وصرخه بشر، وفجأه تجد امامك أشلاء انسان على الأرض، وحوله مجموعة اشكال مختزلة بعضها انصاف دوائر، ثم فى نهاية القاعه علق المعطف الأسود الذى كان السبب فى وقوع الحدث، فقد تمكن الفنان من توظيف عناصر العمل من خلال المكان والفراغ والضوء والإضاءه الدرامية الخافته والوسائط التعبيرية مع الموسيقى .
عن المعرض وقصة الفيلم قال الفنان حاتم شافعى : «المعطف» عن فيلم روائى قصير للاديب العالمى نجيب محفوظ، استخدمت فيه فن التجهيز فى الفراغ، تناولت من خلال هذا العمل فكرة الحياة والموت من خلال قضبان قطار، يمثل رحلة الحياة التى يمر بها الانسان يركب هذا القطار معتقدا أنها رغبته الحقيقية، لكنه فى الحقيقة يركب هذا القطار عنوة لأنه مجبر على ركوب ذلك القطار ليتجه به صوب موته دون ارادته مرتديا معطف الموت، كما كان قواد الحروب يستبيحون لأنفسهم أن يجلبوا الشباب الطاهر فى عربات القطار حتى يصلوا بهم إلى ساحات الحرب والموت، وكانت المعاطف التى يرتدونها هى نفسها اكفانهم ونعوشهم وحتى ذلك البائع الفقير الذى أراد أن يحصل على أحد تلك المعاطف كان نصيبه الموت، بمجرد ارتدائه قضبان قطار اتى فى الطريقه وأشلاء بشرية على القضبان، ودوائر وظلال سودا وبيضاء، ومعطف معلق ينتظر الميت القادم والاف الصور على جانبى القضبان تسجل المأساة الإنسانيه على طول تاريخ القرن الماضى وما مر من القرن الحالى ويغلف كل هذا صوت القطار، وسيمافور المحطة ليتحقق فى هذا العمل البعد الرابع بشكل حقيقي، هذا العمل هو تسجيل لرحله موت كان يفترض ان تكون رحلة حياة.