الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

طريق الآلام يبدأ بأحد الشعانين وينتهى بالجمعة الحزينة




يحتفل الأقباط فى العالم كله بأسبوع الآلام والذى هو أقدس أيام السنة بالنسبة، وأكثرها روحانية فهو مملوء بالذكريات المقدسة فى أخطر مرحلة من مراحل الخلاص.
وقد اختارت الكنيسة لهذا الأسبوع قراءات معينة من العهدين القديم والجديد، كلها مشاعر وأحاسيس مؤثرة للغاية توضح علاقة الله بالبشر. كما اختارت له مجموعة من الألحان العميقة، ومن التأملات والتفاسير الروحية.
ويبدأ الأسبوع بصلاة أحد الشعانين وكلمة شعانين تأتى من الكلمة العبرانية «هو شيعة نان» والتى تعنى يارب خلص. ومنها تشتق الكلمة اليونانية «اوصنا» وهى الكلمة التى استخدمت فى الإنجيل من قبل الرسل والمبشرين، وهى أيضا الكلمة التى استخدمها أهالي أورشاليم عند استقبال المسيح فى ذلك اليوم.
وأحد الشعانين هو الأحد السابع من الصوم الكبير والأخير قبل عيد الفصح أو القيامة ويسمى الأسبوع الذى يبدأ باسبوع الآلام، وهو يوم ذكرى دخول  المسيح إلى مدينة أورشاليم، ويسمى هذا اليوم أيضا بأحد الزعف أو الزيتونة لأن اليهود استقبلوا بالزعف والزيتون المزين وفارشاً ثيابه وأغصان الأشجار والنخيل تحته لذلك يعاد استخدام الزعف والزينة فى أغلب الكنائس للاحتفال بهذا اليوم.
وترمز أغصان النخيل أو السعف إلى النصر أى أنهم استقبلوا يسوع المسيح كمنتصر ويقول الراحل البابا شنودة الثالث عن هذا الاسبوع «يسمونه أسبوع الآلام، أو البصخة، أو الأسبوع المقدس.
ففى اللغة الإنجليزية يقولون عنه The Holy Week «الأسبوع المقدس
ويضيف انه كان هذا الأسبوع مكرساً كله للعبادة، يتفرغ فيه الناس من جميع أعمالهم، ويجتمعون فى الكنائس طوال الوقت للصلاة والتأمل.
وكانوا يأخذون عطلة من أعمالهم، ليتفرغوا للرب ولتلك الذكريات المقدسة. ولا يعملون عملاً على الإطلاق سوى المواظبة على الكنيسة والسهر فيها للصلاة، والأستماع إلى الألحان العميقة والقراءات المقدسة وكان الملوك والأباطرة المسيحيون يمنحون عطلة فى هذا الأسبوع ويمنحون جميع الموظفين فى الدولة عطلة ليتفرغوا للعبادة فى الكنيسة خلال أسبوع الآلام.
وقيل إن الأمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير كان يطلق الأسرى والمساجين فى هذا الأسبوع المقدس ليشتركوا مع باقى المؤمنين فى العبادة، لأجل روحياتهم وتكوين علاقة لهم مع الله. ولعل ذلك يكون تهذيباً لهم وإصلاحاً.
وكان السادة أيضاً يمنحون عبيدهم عطلة للعبادة وهكذا حتى فى أعمق أيام الرق، لم تسمح الكنيسة بأن تكون روحيات السادة مبنية على حرمان العبيد. بل الكل للرب، يعبدونه معاً ويتمتعون معاً بعمق هذا الأسبوع وتأثيره وقوانين الرسل- فى أيام الرق- كانت تحتم أن يأخذ العبيد أسبوع عطلة فى البصخة المقدسة، وأسبوعاً آخر بمناسبة القيامة.
وكانت مظاهر الحزن واضحة تماماً فى الكنيسة.
أعمدة الكنيسة ملفوفة بالسواد. الأيقونات أيضاً مجللة بالسواد. وكذلك المانجليا، وبعض جدران الكنيسة الألحان حزينة، والقراءات عن الآلام وأحداث هذا الأسبوع، المؤمنون جميعاً بعيدون عن كل مظاهر الفرح. السيدات تحرم عليهن الزينة خلال هذا الأسبوع. فلا يلبسن الحلى، ولا يتجملن، ولا يظهر شىء من ذلك فى ملابسهن الحفلات طبعاً كلها ملغاة. الكنيسة كلها فى حزن، وفى شركة الآم المسيح وتعيش فى نسك شديد.
بعض النساك كانوا يطوون الأسبوع كله، أو يطوون ثلاثة أيام ويأكلون أكلة واحدة، ثم يطوون الثلاثة أيام الباقية. وكثير من المؤمنين كانوا لا يأكلون شيئاً من الخميس مساءا حتى قداس العيد. وغالبيتهم كانوا لا يأكلون فى أسبوع الآلام سوى الخبز والملح فقط وإن لم يستطيعوا، فالخبز والدقة، والآن لا يأكلون شيئاً حلو المذاق من الطعام الصيامى كالحلوى والمربى والعسل مثلاً، لأنه لا يليق بهم أن يأكلوا شيئاً حلواً وهم يتذكرون آلام المسيح، ولايأكلون طعاما مطبوخاً، بسبب النسك من جهة، ولكى لا يشغلهم إعداد الطعام عن العبادة من جهة أخرى.
وفى اسبوع الآلام غالبية الأسرار كانت تعطل ما عدا سرى الاعتراف والكهنوت لا يمارس المعمودية ولا الميرون فى أسبوع الآلام، وما كان يرفع بخور ولا تقام قداسات، إلا يوم خميس العهد وسبت النور، وطبعاً من الاستحالة ممارسة سر الزواج، أما سر مسحة المرضى، فكانت تقام صلواته فى جمعة ختام الصوم، قبل أسبوع الآلام. كذلك لم تكن تقام صلوات تجنيز فى هذا الأسبوع. ومن ينتقل فيه لا يرفع عليه بخور، بل يدخل جثمانه إلى الكنيسة ويحضر صلوات البصخة، ويقرأ عليه التحليل مع صلاة خاصة.
وصلوات الأجبية كانت تعطل فى أسبوع الآلام.
ويستعاض عنها بتسبحة البصخة. وذلك لأن صلوات الأجبية تقدم مناسبات متعددة، والكنيسة تتفرغ لآلام المسيح فقط كما تنتقى الكنيسة التى تناسب هذا الأسبوع.
البصخة
كلمة بصخة معناها فصح ومأخوذة من قصة خروج بنى اسرائيل من مصر فى قصة الفصح الأول والصوم فيه فى أعلى درجات النسك أكثر من أى صوم آخر، والعبادة فيه على مستوى أعمق، حيث يجتمع الاقباط معاً فى الكنيسة طوال الأسبوع يرفعون الصلوات بروح واحدة، ويستمعون إلى قراءات منتخبة من العهدين القديم والجديد، مع ألحان لها تأثير خاص، وطقس كنسى ينفرد به هذا الأسبوع المقدس والمشاعر الروحية فى هذا الأسبوع، لها عمقها الخاص.
الناس يكونون فيه أكثر حرصاً وتدقيقاً وجدية، وأكثر تفرغاً لله. طبعاً التفرغ الكامل هو الوضع الأساسى. فإن لم يتوافر، يتفرغ الإنسان على قدر إمكانه، ويعطى الوقت لله.
ترتيب ما يقال فى أسبوع الآلام :-
فرضت قوانين الرسل على كل مسيحى قراءة العهدين القديم والجديد فى أسبوع الآلام وعلى هذا النظام سارت الكنيسة منذ عهدها الأول حتى زمن الأنبا غبريال الثانى السابع والسبعين من باباوات الإسكندرية عام 1258 م رأى صعوبة ذلك على أفراد الشعب، فجمع عددا كبيراً من آباء الكنيسة وعلمائها، ووضع نظاماً لقراءات هذا الأسبوع عبارة عن فصول النبوات والأناجيل المتضمنة آلام المسيح . وجعل لكل ساعة قراءات معينة ورتبها طبقاً لسير الحوادث فى الأسبوع الأخير وجمع كل ذلك فى الكتاب المعروف باسم «الدلال» أو«كتاب البصخة».
وسارت الكنيسة على هذا الترتيب إلى أيام الأنبا بطرس أسقف البهنسا الذى رأى أن بعض الساعات فى كتاب البصخة رتبت بها قراءات أكثر من غيرها، فتلافى ذلك بأن جعل الساعات متوازية فى القراءات، ورتب لكل يوم عظتين كما هو مدون فى كتاب البصخة المستعمل الآن.
وتوضع السطور السوداء على المنجليا وتوشح الكنيسة كلها بالأغطية السوداء إشارة إلى حزن الكنيسة كمشاركة للمسيح فى آلامه، وتكون الصلوات فى الخورس الثانى خارج الإسكينى وذلك اشارة الى آلام المسيح على جبل الأقرانيون خارج أورشاليم، واشارة الى ذبيحة الخطية فى العهد القديم والتى كانت تحرق خارج المحلة لئلا تنجسها «خر 14:29، لا 11،12».
تم تقسيم اليوم إلى خمس سواعى نهارية وخمس ليلية.
الخمس النهارية تحتوى على «باكر – ثالثة – سادسة- تاسعة – حادية عشرة».
الخمس الليلية تحتوى على «أولى – ثالثة – سادسة – تاسعة – حادية عشرة»
«أما فى يوم الجمعة العظيمة فتصلى الكنيسة صلاة سادسة وهى صلاة الساعة الثانية عشرة».
وترتيب كل ساعة من سواعى البصخة هو كالآتى:-
النبوات
وتقرأ قبطياً وتفسر عربياً وتقرأ النبوات قبل الإنجيل إشارة إلى أن العهد القديم كان توطئة للجديد وإظهار لنبوات الأنبياء عن السيد المسيح.
العظة
وهى تكون فى السواعى النهارية فقط وتكون لقديسين عظماء فى الكنيسة مثل «البابا اثناسيوس الرسولى والأنبا شنودة رئيس المتوحدين».. ويكون لها لحن رائع يسمى لحن مقدمة وختام العظة وهو لحن «اوكاتى كاسيس».
تسبحة «لك القوة والمجد.. ثوك تا تى جوم..» وهى تسبحة تقال 12 مرة فى كل ساعة من سواعى البصخة وهى تقال بدل مزامير الساعة وتختم هذه التسبحة كل مرة بالصلاة الربانية.
المزمور: يرتل المزمور باللحن الأدريبى وهى طريقة حزينة مناسبة لحالة الحزن التى تعيشها الكنيسة.
الإنجيل: قبطياً ثم يفسر عربياً ويلحن بلحن الحزن.
الطرح: وبعد الإنجيل يقرأ الطرح وهو يتضمن معنى الإنجيل الذى قرئ، مع الحث على العمل بما جاء فيه وله لحن مقدمة الطرح وختام الطرح وطريقته تتغير حسب المناسبة وفى أسبوع الآلام يقال بلحن الحزن.
الطلبة : ثم تقال الطلبة وفيها تلتمس الكنيسة رحمة الله لشعبه وبركته لجميع مخلوقاته وقبوله لصلواتنا وتكون بغير مطانيات فى أثناء السواعى الليلية لأنه وقت فطر.
لحن ابؤورو وكيرياليسون: ونهاية الطلبة يرتل الشعب لحن ابؤورو بطريقة الحزن وتستخدم طريقة الأنتيفونا فى المرابعة وقبل كل ربع تقال كيرياليسون.
البركة: وأخيراً يتلو الكاهن البركة المستعملة فى جمعة الآلام ثم يختمها بالصلاة الربانية ويصرف الشعب بسلام.
وتضاء 3 شموع أثناء خدمة صلاة البصخة.
ذلك رمزا لكلمة «نور» سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى»، وفى كل صلاة من البصخة تقرأ نبؤات ومزمور وأنجيل فكل شمعة ترمز لقراءة من هذه القراءات الثلاثة.
لا تقام القداسات الإلهية أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء فى أيام أسبوع البصخة.
ذلك لأن خروف الفصح كان يشترى فى اليوم العاشر ويبقى تحت الحفظ الى اليوم الرابع عشر «خر 12: 36»، حيث إن الخروف يذبح فى اليوم المذكور بين العشاءين.
لا تقال فقرة «باسوتير إن اغاثوس» اى «مخلصى الصالح» إلا فى الساعة الحادية عشرة من يوم ثلاثاء البصخة.
لأن التشاور لصلب المسيح بدأ من ليلة الأربعاء لذلك قررت الكنيسة أن يصوم أبناؤها أيام الأربعاء طوال السنة عدا أيام الخماسين لنتذكر أن فى مثل هذا اليوم ذهب الاسخريوطى الى رؤساء الكهنة للتشاور معهم فى تسليم سيده.
تمنع قبلة يهوذا ابتداء من ليلة الأربعاء إلى الانتهاء من خدمة قداس سبت الفرح وذلك للتذكرة «قبلة الخيانة» التى جعلها يهوذا المسلم علامة لتسليم المسيح «أبقبلة تسلم ابن الإنسان» «لو 22: 48».

 




نص حكم صلب المسيح

صورة الحكم الذى أصدره بيلاطس على يسوع الناصرى بالموت صلبا:
فى السنة السابعة عشرة من حكم الإمبراطور طيباريوس الموافق لليوم الخامس والعشرين من شهر آذار، بمدينة أورشاليم المقدسة فى عهد الحبرين حنان وقيافا، حكم بيلاطس والى ولاية الجليل الجالس للقضاء فى دار ندوة مجمع البروتوريين، على يسوع الناصرى بالموت صلبا، بناء على الشهادات الكثيرة البينة المقدمة من الشعب المثبتة أن يسوع الناصرى:
1- مضل يسوق الناس إلى الضلال.
2- أنه يغرى الناس على الشغب والهياج.
3- أنه عدو الناموس.
4- أنه يدعو نفسه ابن اللـه.
5- أنه يدعو نفسه ملك إسرائيل.
6- أنه دخل الهيكل ومعه جمع غفير من الناس حاملين سعف النخل.
فلهذا يأمر بيلاطس البنطى كونيتيوس كرينليوس قائد المئة الأولى أن يأتى بيسوع إلى المحل المعد لقتله، وعليه أيضا أن يمنع كل من يتصدى لتنفيذ هذا الحكم فقيرا كان أم غنيا.