الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بورسعيد بين التطور والتدهور




بقلم: مصطفي زغلول

أنشئت بورسعيد عام 1859 مع بداية حفر قناة السويس وهى تعد من يومها الأول لأن تكون مدينة عالمية نظرا لموقعها المتميز والذى لا تمتلكه مدن كثيرة على مستوى العالم إلى أن جاء موعد حفل افتتاح قناة السويس عام 1869 والذى دعا إليه الخديو إسماعيل أباطرة وملوك العالم وزوجاتهم، وقد كان حفلا اسطوريا حتى أن الأمبراطورة أوجينى أخبرت الامبراطور نابليون الثالث بأن الاحتفال كان فخما وأنها لم تر مثله فى حياتها بعدها وضعت مدينة بورسعيد على الخريطة العالمية، واجتذبت العديد من الجاليات الأجنبية خاصة من التجار والمرشدين العاملين بشركة قناة السويس وكانت التركيبة المجتمعية للمدينة «عرب - إفرنج» حيث كان يعيش الأجانب فى حى الشرق وبورفؤاد ويعيش المصريون فى حى العرب والمناخ، واستمر هذا الوضع حتى عام 1956 حيث تأميم جمال عبدالناصر لقناة السويس وما تبعه من عدوان ثلاثى استطاع فدائيو بورسعيد من مواجهة جيوش ثلاث دول «بريطانيا وفرنسا وإسرائيل» وقتها قال عنها عبدالناصر «بورسعيد دفعت ضريبة الدم»، وجاءت نكسة 1967 وهاجر أهلها وتركوا منازلهم وشتتوا فى أرجاء البلاد وحارب شبابها على الجبهة ضد العدو الصهيونى حتى نصر أكتوبر المجيد 1973، ثم عاد أهلها فى العام التالى ليبدأوا تعمير مدينتهم التى دمرتها الحروب، أراد الزعيم الراحل أنور السادات أن يكمل ما بدأه الخديو سعيد وابنه إسماعيل بجعل بورسعيد مدينة حرة عالمية، وليعوض أهلها عن الأهوال التى رأوها أثناء الحروب وليرد لهم جميلا فى رقبته حينما خبأوه بين أعينهم وقت أن كان هاربا، أصدر قرارا بجعلها منطقة حرة تجارية عام 76 ثم أصدر القانون رقم 12 لسنة 77 بنظام المنطقة الحرة، كان يظن الرجل أن المدينة الحرة التى ميزها عن سائر مدن مصر والتى وضعها فى موضع كبرى المدن التجارية العالمية ومع فترة الانفتاح الاقتصادى التى بدأها إنها ستجتذب الشركات العالمية ورءوس أموال المستثمرين وستقام عليها المشروعات الاقتصادية العملاقة، وستكون حلقة وصل بين التجارة العالمية نظرا لموقعها الجغرافى الذى يربط بين الشرق والغرب والشمال والجنوب فهى تتوسط قارات العالم القديم، كان يظن أنها ستصبح كهونج كونج أو تايوان وقتها، لم يكن يعرف أن دبى ستسبقها بعشرات السنوات الضوئية، ولم يكن يعرف أنها ستجتذب المشبوهين والمسجلين كما أظهر الفنان عادل إمام فى فيلمه «المشبوه»، كل ذلك كان بسبب حقد وكره النظام الأسبق على المدينة وفشل أبناء المدينة فى الحفاظ على النعمة التى أنعم الله بها عليهم، وغياب الرؤية عن جميع المحافظين الذين تولوا إلا المرحوم اللواء فخر الدين خالد، فقد تولى المحافظة ثلاث سنوات فى منتصف التسعينيات ولكنه كان صاحب رؤية مستقبلية للمدينة فخطط تقريبا لجميع المشروعات الموجود حاليا، يجب أن يعلم المسئولون أن مصر عامة وبورسعيد خاصة تحتاج لأصحاب الرؤى المستقبلية ولا تحتاج لمسكنات وقتية لمشكلاتها.