الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإعدام عقوبة شرعية لمواجهة التحرش الجنسى المؤدى للاغتصاب




كتبت - ناهد سعد

طالب عدد من  العلماء والفقهاء بضرورة تطبيق عقوبات على كل من تحرش بفتاة او سيدة جنسياً على أرض الواقع وتصل الى الاعدام، خاصة فى ظل الظروف التى تمر بها مصر حاليا وما تشهده من حالة فوضى.
 وحذر علماء الدين من خطورة تراجع القيم وغياب منظومة الأخلاق عن الشارع المصرى بسبب تلك الافلام السينمائية المحتوية على مشاهد جنسية فاضحة وصريحة، وأكدوا ضرورة غرس الأخلاق والقيم النبيلة فى المجتمع ليتحقق الأمان والاستقرار وتعود عجلة الإنتاج، وطالبوا وسائل الإعلام بضرورة تكثيف جرعة البرامج الدينية التى تصحح المفاهيم لدى الشباب.

كما طالبوا بأن تقوم الدولة بسن القوانين التى تردع كل من يرتكب هذا الفعل الذى يتحول فى كثير من الاحيان من تحرش لفظى الى أغتصاب جماعى وهتك عرض.
فى البداية تقول  د. سعاد صالح استاذ الفقه بجامعة الازهر: إنه نظراً لتزايد الظاهرة بشكل كبير فى الشارع المصرى مؤخراً فلا بد من عقاب رادع وتنفيذه بشكل فورى بعيداً عن المماطلات.
 أضافت: إن الإسلام بدأ بفرض العقوبات المشددة لمنع الزنى والتحرشات الجنسية، فمن اللافت للنظر أن سورة النور فى حربها على الفاحشة لم تبدأ ببيان فضل العفاف وذكر محاسنه والتنفير من ضده، بل ولم تخوف الزانى بعقاب الآخرة، و لكن بدأت ببيان عقوبات الزناة و قال الله فى عقوبة الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا فقوله تعالى ( ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة فى الذين أمنوا فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا).
من جانبها قالت د. آمنة نصير استاذ العقيدة بجامعة الازهر: إن الله جعله حد الحرابة لمعاقبة كل من سولت له نفسه سفك الدماء وسلب الأموال وهتك الأعراض وإهلاك الحرث والنسل، و التحرش بالنساء يتضمّن إفسادًا فى الأرض، بحسبانه متضمنًا قطع الطريق على المتحرَّش بها، أو إلجائها إلى الطريق الضيقة بغية النيل منها أو سماعها ما تكره، أو إجبارها على الرضوخ له بطريقة أو أخرى، وقد يتضمن إخافتها أو إرعابها لتحقيق مقصوده، وذلك يكوِّن جريمة حرابة متكاملة الأركان، ولذا فإنه يرد فى حق المتحرشين بالنساء.
واضافت: لعل البعض يتهم الإسلام بأنه يحمل المرأة أكثر من الرجل فى قضايا الزنى والتحرش الجنسى بحجة أن المرأة هى التى دفعته بزينتها وتبرجها إلى فعل التحرش، فأقول كلا وألف كلا، لأن المرأة إن خالفت ربها بإظهار زينتها وتبرجها، فلا ينبغى أبدا للرجل أن يطلق بصره فيصيب من هذه وتلك حتى تتمكن الشهوة من قلبه فتدفعه إما إلى الزنى وإما إلى التحرش الجنسى، وأوضحت انه من المعلوم من القرآن أن الله عاقب الزانية والزانى بنفس العقاب وقد حمى الله الرجال من النساء بغض البصر، فلو كان الإغراء هو أساس وقوع الزنى فقط لخفف الله العقوبة على الزانى ولشدد العقوبة على الزانية، ولكن لأن الإسلام تعامل مع هذه الحالات قبل ارتكاب الجريمة من خلال تهذيب النفس لمقاومة الإغراء مهما كان حجمه، فإذا كانت النفس قد استجابت للتهذيب الدينى، فليس هناك إغراء يؤثر فيها، فالنفس قد تغرى الفرد بالنظر إلى الكاسيات العاريات إلا أن قوة الإرادة التى ربّتها الشريعة الإسلامية فى نفس المؤمن تدفعه إلى غض البصر، فإذا خالف ونظر كان مخالفا للشريعة قبل أن يؤثر فيه الإغراء، و لذا يتساوى مع الزانية فى العقوبة على الرغم من تقديم الزانية على الزانى فى الترتيب اللفظى الذى ربما أراد منه القرآن حث المجتمع على ملاحظة دور الإغراء فى ارتكاب مثل تلك المخالفات الشرعية.
وعن معنى غض البصر وكيفية تطبيقه على أرض الواقع قال محمود عاشور وكيل الازهر السابق «غض البصر» البصر الحقيقى لا يعنى أن تصرف بصرك.. بل ان تصرف قلبك فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور.
وأضافت: إن الواجب على المسلم إذا وقع نظره على ما حرم الله أن يصرف بصره، ولا يتبع النظرة، لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لعلى: (يا على لا تتبع النظرة النظرة، فإن الأولى لك وليست لك الآخرة) فغض البصر يعنى كفه ومنعه من الاسترسال فى التأمل والنظر.
 وعن الفرق بين التحرش وهتك العرض قال عاشور ان التحرش يكون  بالكلمات أو بالملامسة أو بالإشارة ، سواء كان الفعل علانية أو سراً اما الاغتصاب وهتك العرض فهو مواقعة الأنثى من الفاعل ودون رغبتها، وتشترط صحة المواقعة بحدوث إيلاج حتى ولو لمرة واحدة وحتى دون كامل عضو الرجل ، على أن تكون المرأة مسلوبة الإرادة ودون رغبتها نتيجة إجبار مادى أو معنوى أو غياب وعى أو إصابة بمرض عقلى والاغتصاب وهتك العرض جناية عقوبتها تصل للإعدام.
فيما يرى د. أحمد إبراهيم الأستاذ بجامعة الأزهر ان الاعتداء الجنسى على السيدات بأنه قتل مركب، ويحمل فى طياته قتلا معنويا ونفسيا للمستقبل والعيشة السوية، علما بأن أغلبهن يقعن ضحايا، نظرا لظروف عملهن الليلية وأكد على ضرورة التطبيق السريع للعقوبات الرادعة التى يجب ان تصل الى الاعدام وفقاً لحالة التحرش واصفا إياه بالرد الأمثل على كل من يستبيحون الشارع للاعتداء على الأموال والأعراض، لردع الفساد والتجرؤ على حرمات المجتمع.
ولفت إلى أن غياب الأمن فى الفترة الأخيرة بسبب الأحداث التى شهدتها البلاد فى أعقاب ثورة 25 يناير كان بمثابة فرصة ذهبية للفاسدة أخلاقهم الذين لا يعرفون شيئا عن مفهوم الرجولة والكرامة الإنسانية.. مضيفاً:الاعتداء على المرأة من الجرائم الكبرى فى الإسلام مثله مثل «الحرابة»  وهى قطع وإخافة الطريق وترويع الآمنين فيه، لذا كان لا بد من وجود عقوبات رادعة ومخيفة، استنادا إلى قول الله عز وجل: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض).
كما يرى الدكتور حامد أبوطالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وعميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر  أن التحرش الجنسى نوع من الفوضى التى تزعج المجتمع لأنها تمثل خللا فى القيم والعادات التى عاشت عليها المجتمعات المسلمة، فحالة الفوضى فى الشارع تشجع بعض الشباب على ترديد الألفاظ الخارجة وقد يمد يده، ويتطور التحرش من ألفاظ إلى أفعال تؤدى فى كثير من الأحيان إلى جرائم هتك العرض فى الشوارع والميادين.
اضاف إن الإسلام حرم  كل هذه الأفعال لأن تكرار النظر وتدقيقه كلها رسائل لها معان واضحة لدى مرسلها ومستقبلها، وإن كان مستقبلها لا يستطيع أن يثبتها ولا يعاقب عليها القانون، ولكن الله سبحانه وتعالى الذى يعلم السر وأخفى حرم ذلك ووضع له الجزاء فقال تعالى: «ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى» كما أن الله عز وجل يأمر المؤمنين بغض البصر وعدم إطلاق العنان له ليجول فى محاسن من أمامه.
وشدد على أن الإسلام بهذا يحرم ويجرم كل فعل يفعله المسلم بغير حق ويؤذى به آخر حتى لو كان مجرد نظرة، وقد حذر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من إطلاق العنان للبصر يصول ويجول فى النظر إلى ما حرم الله وجعل ذلك فى حكم الزنى وسببا له ومقدمة من مقدماته، أضاف:إن الشريعة الإسلامية  وضعت عقوبات للتحرش بأنواعه الثلاثة سواء كان بالنظر أو القول أو الفعل وجعل التعزير عقوبة التحرش، والتعزير هو تأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود، وهو يختلف بحسب اختلاف الذنب واختلاف المذنب، والأمر فى ذلك مرجعه إلى ولى الأمر فهو الذى يقدر العقوبة وفقًا لحجم الجريمة ومكانة المذنب لأن مشكلة التحرش الجنسى تقلق المجتمع فهو غالبًا يؤدى لوقوع جرائم مثل الاغتصاب أو الزنى أو هتك العرض أو القتل، ولذلك ينبغى الاجتهاد لمقاومة ومكافحة تلك الظاهرة من خلال تقوية الوازع الدينى وبيان الحكم الشرعى للتحرش وهذا دور علماء الدين ووسائل الإعلام المختلفة أيضا ضرورة النص على هذه الجريمة فى قوانين العقوبات واعتبارها من الجرائم المخلة بالشرف، وكذلك ضرورة مقاومة التعرى والأفلام الماجنة وكل ما يؤدى إلى الانحلال وإثارة الغرائز ومراقبة الأماكن العامة التى يكثر بها التحرش.
وعن اذا ما تحول التحرش من مجرد كلمات ولمسات عابرة الى هتك عرض مسبباً لها فض غشاء بكارتها بأى وسيلة «كالاصبع مثلاً» قال: إزالة بكارة الفتاة بالإصبع تعد عليها وجناية فى حقها، وفعل ذلك عمداً من غير الزوج ممنوع شرعاً، لما فيه من الاطلاع على العورة ومسها، فضلاً عن كونه جناية ويوجب على الفاعل تعويض الفض الذى لحق بهذه الفتاة بسبب إزالة بكارتها، وإن كان هذا الفعل صادراً عمداً من امرأة بكر فيجب القصاص عملاً بقوله تعالى: «والجروح قصاص» ويكون ذاك اما بالزواج وإما بالاعدام.
و يتفق معه فى الرأى د . سالم عبد الجليل مضيفاً: إن التحرش يؤدى الى عدم تمكن النساء من مزاولة أعمالهن أو الخروج لحوائجهن، وكل هذه الأمور التى يفضى إليها التحرش محرمة بنصوص شرعية قطعية الدلالة، منها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة، فزنى العين النظر وزنى الأذنان الاستماع، وزنى اللسان الكلام، وزنى اليد البطش، وزنى القدم الخطى، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه»، فكل هذه الأدلة وغيرها تدل على حرمة التحرش بالأنثى، يضاف إلى هذا أن الشريعة سدت كل ذريعة إلى الوقوع فى الفاحشة، ووضعت من الأحكام ما تسد به هذه الذريعة، والتحرش بالأنثى يفضى إلى الوقوع فى الفاحشة إفضاء قريبا، وإذا كان الزنى من الكبائر، فكل وسيلة تفضى إليه تكون كذلك كالتحرش، لأن للوسائل حكم غاياتها.