الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هل حقاً أفاق السيد المسيح من إغماء؟!




بقلم - رفعت فكرى سعيد

 

فى كتابه «المسيح فى الهند» زعم ميرزا غلام أحمد أنّ المسيح لم يمت على الصّليب بل أغمى عليه ودفن ثمّ هرب إلى الهند وهناك عاش إلى أن مات موتةً طبيعيّة ودفن فى كشمير وقبره معروف فى سرنجار، وتبنى القاديانيون أتباع مرزا غلام أحمد هذه النظرية لكى يتجنبوا حقيقة قيامة المسيح من الموت وقد نادى بهذه النظرية الداعية الإسلامى أحمد ديدات -وقد تُرجمت معظم كتاباته التى تهاجم المسيحية إلى اللغة العربية وهى موجودة فى المكتبات وعلى أرصفة الشوارع- فقال «إن تلاميذ المسيح أنزلوه عن الصليب وهو حى، ولما وضعوه فى القبر دهنوه بمرهم خاص ولذلك لم يأت اليوم الثالث حتى كان قد أفاق، فخرج من القبر وانطلق شرقاً حتى وصل إلى الهند وهناك عاش حتى بلغ العاشرة بعد المائة وعند موته دُفن فى بلدة كشمير بالهند والدليل على أنه لم يمت إن المسيح كان قد شبه وجوده فى القبر بوجود يونان فى بطن الحوت وبما أن يونان لم يمت بل دخل بطن الحوت حياً وخرج منه حياً يكون المسيح قد دخل القبر حياً وخرج منه حياً أيضاً».


وللرد على هذه النظرية نقول إنه من المؤكد تاريخياً وبشهادة نصوص الكتاب المقدس أن السيد المسيح مات قبل أن يدفن ولذلك فالقول بأنه على أثر دهن جسمه بمرهم خاص أفاق واتجه إلى الشرق هو محض افتراء، كما أن القبر الموجود بالهند الذى يقال إن المسيح دُفن فيه ثبت بالدليل القاطع أنه بُنى بعد المسيح بمئات السنين لشخص يهودى يدعى آساف وقد أشار الأستاذ عباس محمود العقاد إلى هذه الحقيقة فى كتابه عبقرية المسيح.


أما من جهة تشبيه وجود المسيح فى القبر بوجود يونان فى بطن الحوت فنقول: إن الرمز لا يكون مثل المرموز إليه فى كل الوجوه، فمثلاً عندما نقول أن الرجل مثل الأسد بالطبع فنحن لا نقصد المشابهة التامة بين الرجل والأسد، فنحن مثلاً لا نقصد أن نقول إن الرجل له أربعة أرجل مثل الأسد!! ونحن أيضاً لا نقصد أن نقول إن الرجل له ذيل كالأسد!! كل ما يحمله تشبيه الرجل بالأسد إن الرجل يتمثل بالأسد فى شجاعته، وعندما نأتى إلى قول السيد المسيح «كما كان يونان فى بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان فى قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال» ندرك أن المسيح لا يقصد أبداً ما توصل إليه ديدات فالمسيح هنا لا يتحدث عن المشابهة التامة ولا عن التماثل التام ولا سيما وأن هناك فروقاً كثيرة بين يونان والمسيح منها:


1-الذى آوى يونان كان حوتاً، بينما الذى آوى المسيح كان قبراً.


2-يونان دخل بطن الحوت وهو بكامل صحته بينما السيد المسيح دخل القبر بعد أن أُنهك من الضرب واللطم والجَلدات والصلب.
3- كان الغرض من إلقاء يونان فى البحر هو نجاة الملاحين من الرياح التى كانت تعصف بسفينتهم أما الغرض الظاهرى من صلب المسيح فهو إسكات صوته الذى كان يوبخ به رجال الدين ويُظهر عيوبهم.


ومن هنا لا تجوز المقارنة بين الرمز والمرموز إليه من كافة النواحى، بل إن هناك ناحية واحدة رئيسية وهذه الناحية الرئيسية المشتركة بين يونان والمسيح هى أن كليهما اختفى اختفاءً كاملاً عن العالم ثلاثة أيام وثلاث ليال، كان يونان موجوداً حياً فى بطن الحوت أما السيد المسيح فكان ميتاً فى بطن الأرض كإنسان، وذلك لأن نصوص الإنجيل المقدس تؤكد موته على الصليب فوجه الشبه هنا بين يونان والمسيح هو فى المدة وليس فى الحالة كما زعم ديدات وغيره من القاديانيين.


ولو كان يونان مات مثل المسيح لما كان قد قام من الموت لأنه كان مجرد إنسان عادى، أما السيد المسيح فكان من المحتم أن يقوم بعد موته لأنه لم يكن إنساناً عادياً، لقد كان فى جوهره رئيس الحياة.