الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الوسطية والاعتدال (2-2)




بقلم: عزت ياسين

ذكرنا فيما سبق وسطية الإسلام فى الاعتقاد والتفكير والمشاعر والجمع بين متطلبات الروح ومتطلبات الجسد
وكذلك الإسلام وسط حتى فى مكانه، وما تزال هذه التى غمر أرضها الإسلام إلى هذه اللحظة هى الأمة التى تتوسط أقطار الأرض بين شرق وغرب وجنوب وشمال ولا تزال بموقعها هذا تعطى ما عندها لأهل الأرض قاطبة وعن طريقها تعبر ثمار الطبيعة وثمار الروح من هنا إلى هناك وتتحكم فى هذه الحركة مادياً ومعنوياً على السواء.
الوسطية منهج وسط ربانى وضعه الله عز وجل لهذه الأمة حتى تسير عليه وتتبعه، لتكون قدوة صالحة للعالم من حولها يهتدى أهل البسيطة جميعا بهديها ويأخذون بآرائها التى فيما إسعاد البشرية فى الحال والمآل.
ما أحوج أمتنا اليوم إلى وسطية شرعيتها وبالأخص فى جانب الفكر الذى غالى فيه كثيرون حتى تعجب أشد العجب من أناس فهموا أن الإسلام هو كل شديد قوى وهو فى ذلك الفكر المتشدد إما مستنداً لآيات قرآنية يؤلها تأويلاً خاطئاً أو أحاديث نبوية يفهمها بفهمهم جانبه فيه الصواب، لذا نجد هذا الفريق متسرعا فى الأحكام متشدداً فى الأفكار بعيداً كل البعد عن الإسلام ومنهجه فى الوسطية والاعتدال.
وعلى الجانب الآخر نجد فريقاً تساهل فى الأمور حتى أبعد الإسلام عن واقع الحياة، وظن أن الإسلام فى قلبه فقط ولكن من الناحية التعاملية لا يطلب منه الإسلام شيئا فهو كما يقول المثل العامى «ربك رب قلوب» وهذا المثل صحيح من جانب خاطئ من جانب آخر.
والله ربنا نعم رب القلوب لكن الجوارح واللسان والحركات والسكنات هو العنوان على ما فى القلب من خير أو شر، والإسلام دين المعاملة الحسنة ولما تكفل ربنا بسعادة البشرية فى الحال والمآل اشترط الإيمان ومعه العمل الصالح قال ربنا «من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون».
إذا هذه الأطياف أو هذا الفريق وذاك يحتاج إلى ضبط فكره، واتقان علمه، ودقة فهمه للكتاب والسنة، فالمسلم الذى يحافظ على فهمه ويضبط مشاعره ويحكم عقله كما أمره الإسلام، ويعرف أبعاد الطريق مآلات الأمور ويلم بالمصالح والمفاسد ومقاصد الشريعة الغراء يكون هو النموذج الأمثل للوسطية والاعتدال وهذا ما نجده فى علماء ومشايخ الأزهر الشريف الذين اتسموا بالبعد عن الأفكار المنحرفة والمشاعر الجارفة والعقل المتشدد فنسأل الله أن تكون على دربهم وأن نسير على منهجهم.