السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأحداث السياسية..«بركان» فى وجه السعادة الأسرية




تحقيق – مروة فتحى


التركيز على الاوضاع السياسية والامنية فى البلد بل فى العالم كله أمر مدمر للأعصاب .. رائحة الدم أصبحت تفوح فى كل نشرات الأخبار سواء فى محيطنا الإقليمى أو الدولى.. ومما لا شك فيه أن هذه الأخبار لها انعكاس وتأثير على الحياة الأسرية والزوجية «روزاليوسف» فى التحقيق التالى حاولت الكشف عما يحدث فى داخل البيوت بسبب الأحداث المتشابكة ومدى تأثير الوقائع من حولنا على حياتنا الأسرية.
داليا أكرم «مدرسة» تشكو من جفاء مشاعر زوجها، وهى إن سألته عن مصير مشاعره الرقيقة تجاهها رد قائلا: «إحنا فى آيه ولا فى آيه؟» فهو دائما يربط بين ما يحدث من أحداث محلية بحياته العائلية، ويرى أن من واجبه أن يحمل هموم بلده والمصير الذى ستؤل إليه وما يفعله الإخوان يوميا فى حق هذا الشعب الغلبان.
وهى كما تشكو من أنهما لو زارا الأهل والاقارب، تتحول الجلسة إلى ساحة نقاش سياسي، ليس هذا فقط، بل إنها لو تجرأت وجلست إلى جانبه أثناء مشاهدته الأخبار التليفزيونية وفتحت فمها بالحديث، يعطيها «ودنا من طين والأخرى من عجين».
أما حسين محمود «محاسب» فيشكو من نشرات الأخبار بوجه عام والبرامج الإخبارية والحوارية خاصة والتى تجبره على التشاؤم ويشعر أن المستقبل مظلم، ويقول: رغم أن الشعب المصرى نجح فى إسقاط حكم الإخوان فى 30 يونيو الماضى ورغم أن خارطة الطريق تمشى بخطى ثابتة إلا أن هناك حالة من الترقب والحذر الشديدين تسيطر على الجميع مما قد يفعله الجماعة الإرهابية وقت الانتخابات الرئاسية بسبب شعورهم بالغيظ الشديد من ترشح السيسى ويضيف: «أكثر ما يشغلنى عند سماع أخبار الانفجارات والتى يروح ضحيتها الكثير من رجال الشرطة والجيش  هو قلقى على أولادى لأننا نفتقد الأمان ونحلم باستعادته عندما يكون لدينا رئيس قوى وحازم».
وتقول زوجته هند المعداوى «ربة منزل» إنها عندما تريد أن تطلب شيئا من زوجها تفعل ذلك قبل أن يشاهد التليفزيون وتضيف أنها كرهت الجرائد والتليفزيون والراديو لأنها مصادر للاكتئاب والتشاؤم، فكل الأخبار ملوثة بدماء الأبرياء أو مليئة بالكوارث الطبيعية.
وعندما تذهب آية محمد «19 عاما – آداب عين شمس» إلى الجامعة يحدث شجار بينها وبين والدتها فى المنزل وتلعن اليوم الذى دخلت فيه الجامعة بسبب أحداث الشغب التى تشهدها الجامعات يوميا بسبب طلاب الإخوان والتى تؤدى إلى حدوث حالة من الذعر لابنتها وأصدقائها وقد تجعلهن يصيبن بالإغماء جراء ذلك، تقول آية: الدراسة هذا الترم قصيرة للغاية والدكاترة يدخلون فى محاضرات سريعة فى محاولة للانتهاء من المنهج المقرر بعد إلغاء العديد من الدروس ولذلك أحاول عدم تفويت أى محاضرة إلا أن ما يحدث فى الجامعة جعل والدتى تخاف كثيرا من ذهابى الكلية لكنى لا اسمع كلامها مرددة شعار «العمر واحد والرب واحد».
وتقول منار عبد العليم «ربة منزل» أنها أصبحت تتمتع بنوع من المناعة من كثرة الأخبار السيئة « ففى البداية كنت أتألم عند استشهاد طفل أو مواطن برىء، وحاليا أسمع هذه الأخبار دون أن ألتفت إليها كثيرا».
ويشكو علاء حسام «طالب» من إصرار والده على مشاهدة قناة النيل للأخبار والجزيرة طوال الوقت ضاربا عرض الحائط برغبته فى مشاهدة فيلم أو أغنية وليس هذا فقط بل لا يسلم من توبيخ أبيه له إذ يظل يناديه لمتابعة ما يحدث فى البلد، ولكنه لا يحب ذلك.. ورغم ما قد يعتقده البعض من أن البرامج الإخبارية والحوارية بعيدة كل البعد عن العلاقات الأسرية، إلا أن ذلك ليس صحيحا، وهو ما يؤكده الدكتور كمال المنوفى – أستاذ السياسة وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابق الذى يقول إن وجود علاقة بين العلاقات الأسرية والأوضاع السياسية  أمر لا يدعو إلى الدهشة والاستغراب، لكنها ظاهرة طبيعية خاصة إذا كان كلا الزوجين متابعين للحياة الساسية، ولأن الزوجين يمثلان صمام الأمان للأسرة ككل، لكن الخوف يكمن فى أن يشعر أحدهما مثلا بالخوف الزائد على الأولاد، وتوقع السيناريو الأسوأ فيقهره الإحباط والتوتر، وتنشب خلافات داخل الأسرة تسبب الشعور الدائم بالنفور واليأس والتشاؤم.
ويأتى تأثير السياسة على الحياة الزوجية أيضا كما يقول الدكتور كمال المنوفى عندما يكون أحد الزوجين مهتما وشغوفا بمتابعة الشئون السياسية والآخر غير مهتم على الإطلاق أو ليست لديه نفس الدرجة من الاهتمام فيشعر الطرف المهتم بالضيق والضجر من الآخر، وقد يصطدم به أحيان.
ويضيف: لقد شكا لى البعض من أن أزواجهن أو زوجاتهم لا يبادلونهم الرأى عندما يتحدثون فى السياسة أو يدلون بآراء سطحية، وكأن الموضوع لا قيمة له مما يضطرهم للبحث عن شخص آخر يتفهم طبيعة الأوضاع السياسية التى نعيشها ومدى خطورتها على الأمة بأكملها.
وتشير دكتورة منى الفرنوانى – أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس – إلى أن السياسة تؤثر على الزوجية والأسرية بأكثر من شكل واتجاه وتقول: «فى مصر نفشل غالبا فى الفصل بين الرأى وصاحبه بل ويعتبر الفرد رأيه جزءا منه كإنسان فعندما يحدث اختلاف بين زوجين مثلا حول ترشيح مرشح رئاسى ويختلف الاثنان فى وجهات النظر، فسرعان ما يتحول الأمر إلى مشكلة ناتجة عن التوتر والضيق، لأن الاختلاف فى الرأى ينظر له على أساس أختلاف فى العلاقة نفسها». الأمر الثانى الذى تؤثر فيه السياسة على الحياة الزوجية كما تقول دكتورة منى الفرنوانى هو أن الاتجاهات والنظم السياسية تنعكس بالضرورة على السياسات الاقتصادية، والاقتصاد يؤثر بالطبع على الحياة والأسرة من حيث الإنفاق حتى مصروف الأولاد، فالأسرة وحدة وكيان اقتصادى يتشابك مع بقية العوامل الأخرى سواء السياسية أو الاجتماعية أو النفسية، فبالتأكيد أنه فى ظل تزايد الاحتياجات المادية وغلاء الأسعار يشعر الفرد باليأس والإحباط وعدم القدرة على الوفاء بالتزاماته نحو بيته وأسرته وهو ما يصبه بالاكتئاب وضيق الأفق الذى يترتب عليه زيادة المشكلات الأسرية، واختلاف وجهات النظر، وقضاء أوقات طويلة خارج المنزل بحثا عن لقمة العيش وانتهاء بالأرق والتعب.
أضف إلى كل ما سبق إذا كان أحد الأبناء أو الزوج نفسه مثلا منضما لجماعة سياسية معينة ويخرج فى مظاهرات، ويتعرض للاعتقال أو يؤمن بأفكار حزب معارض أو محظور فلك أن تتخيل حجم التوتر الذى يحدث فى الأسرة!
كل العوامل السابقة وغيرها تؤكد نتيجة واحدة وهى أن الأوضاع السياسية تحرم الأزواج والزوجات من حياتهم الطبيعية وتؤثر عليهم بشكل قاطع.