الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

من علامات القيامة




بقلم: الأب هانى باخوم

«لماذا تبحثن عن الحى بين الأموات؟ إنه ليس ههنا، بل قام» (لو 24: 5 ـ 6).
هكذا قال الملاك للنّسوة اللواتى جئن يبحثن عن المسيح فى القبر. واليوم بنفس الكلمات نعلن هذا الخبر السار. نعم المسيح قام من بين الأموات. قام من أجل خلاصنا. قام كعربون لقيامتنا. القيامة ليست حدثًا ننتظره فى اليوم الأخير فقط. إنها واقع نستطيع أن نتلمسه اليوم فى حياتنا، فى عائلاتنا وفى مجتمعنا. كيف؟ كيف لنا أن نختبر القيامة؟
1. علامة للقيامة هى مغفرة الخطايا:
«اله أبائنا أقام يسوع.... ليمنح شعبه التوبة وغفران الخطايا» (اع 5: 30-31)
ليست صدفة إننا نحتفل بعيد الرحمة الإلهية والمغفرة فى أحد توما، الأحد الأول بعد القيامة (يو 20: 19- 31). فيسوع القائم عند ظهوره للتلاميذ ينفخ بروحه فيهم ويقول: «خذوا الروح القدس. من غفرتم لهم خطاياهم تغفر لهم، ومن أمسكتم عليهم الغفران يمسك عليهم» (يو 20: 22- 23). نفس الفعل الذى فعله الله الأب عندما خلق الإنسان: «وجبل الرب الإله الإنسان تراباً من الأرض ونفخ فى أنفِه نسمة حياة، فصار الإنسان نفساً حيَّة» (تك 2: 7). نفخة الله هى التى جعلت من هذا التراب إنسانا. وهنا المسيح مع تلاميذه، يخلقهم من جديد كى يصبحوا شركاء للقيامة، أبناء الله.
هذه المغفرة ثمرة سر الاعتراف المقدس على أيدى من نالوا سر الكهنوت. يحصل عليها التائب كى تُمحى له خطيئته، ولكى تجعله قادرا أن يغفر هو أيضا لمن يسيء اليه، فلا يرد الشر بالشر، اى تجعل من الإنسان مسيحًا آخر.
وكم نحن فى احتياج اليوم الى هذا الروح، روح المغفرة، مع ذاتنا، مع الآخر فى مجتمعنا. نحن نرى من حولنا كثيرًا من صور الضغينة والانتقام بل كثيرًا من صور الشر والظلم ونتساءل كيف لنا ان نبنى سويا؟ كيف لنا ان نعمل سويا؟
أعزائى فلنقبل روح الرب القائم، فلنقبل هذه المغفرة، والتى تجعلنا قادرين بنعمته ان نغفر لمن يخطىء إلينا، بل أن نمد أيدينا من جديد تجاهه كى نبنى سويا عالمنا، صفته الحب والسلام.  
2- علامة للقيامة هى محبة الإخوة:
«نحن نعرف أننا انتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب الإخوة» (1يو3.14-16). نعم فعلامة أخرى للقيامة هى إننا نحب الإخوة. ومن هم الإخوة؟ مثل السامرى الصالح يعلمنا أن الإخوة هم كل من يحتاجون إلينا، هم الضعفاء، المهمشون، الخطاة.  
من حولنا نجد عنفًا و كراهية، لكن اليوم يأتى المسيح بقيامته كى يمنح، لكل من يؤمن به، طبيعة جديدة، طبيعة الآب، يمنحنا ان نحب، ان نكرس أنفسنا للآخرين. فمن هنا نعلم إننا قمنا معه، إن كنا نحب الإخوة.
عيد القيامة ليس فقط ذكرى أو طقسًا نحتفل به اليوم. انه دعوة لنا جميعا ان نستقبل هذا الإله القائم، الحى. أن نفتح له قلوبنا وعقولنا بل وكل كياننا ونقبل ان يغيرنا ويمنحنا قلبه وفكره بل وكيانه ايضا. فنختبر ما يقوله القديس بولس «ليس أنا الذى أحيا، بل المسيح الذى يحيا فى».
قيامة المسيح هى إمكانية كى نقبل كيان الله، ومن هو الله؟ الله محبة. فلنقبل هذا الكيان، هذا الحب وهو وحده قادر ان ينزع من قلوبنا ومن حياتنا وعائلاتنا بل ومجتمعنا ايضا كل صور الشر ويزرع بذور الشركة، يزرع الحب فينا، فنراه ونرى معه قيامة المسيح.