الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

انتخابات العراق.. مستقبل مجهول لدولة مقسمة




كتب -خالد عبدالخالق

تستعد العراق لإجراء أول انتخابات نيابية يوم 30 ابريل الجارى، بعد الانسحاب الأمريكى من العراق عام 2011،وقد شهدت العراق أربعة استحقاقات انتخابية منذ الاحتلال الأمريكى للعراق عام 2005 وحتى الآن، إذ تمت أول عملية انتخاب فى العراق فى 30 يناير 2005 لانتخاب أعضاء الجمعية الوطنية الانتقالية.
والاستحقاق الانتخابى الثانى كان التصويت على الدستور العراقي، وقد جرت عملية الاستفتاء فى 15 أكتوبر 2005.
فى حين كان الاستحقاق الثالث فى 15 ديسمبر 2005، لانتخاب الجمعية الوطنية التى انبثقت عنها الحكومة العراقية الانتقالية.


أما الاستحقاق الانتخابى الرابع فكانت الانتخابات النيابية عام 2010 والتى كانت انتخابات مثيرة للجدل ومحل خلافات وعلى الرغم من حصول القائمة العراقية بقيادة إياد علاوى على 91 مقعداً واحتلالها للمركز الأول إلا أنه لم يستطع تشكيل الحكومة والتى ظلت معلقة تشكيلها لمدة تقارب 8 شهور، إلا انه نتيجة لحدوث مواءمات سياسية استطاع نورى المالكى الفائز بالمركز الثانى فى الانتخابات والحاصل على 89 مقعد ان يشكل الحكومة.
وفى أواخر هذا الشهر سوف يتوجه الناخب العراقى الى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء المجلس النيابى من بين 9032 مرشح للانتخاب، موزعين من الناحية النوعية بين 6425 مرشحًا للرجال، فيما بلغ عدد النساء المرشحات 2607 مرشحة أما من الناحية العرقية والمذهبية فالمرشحون عبروا عن مختلف الوان المذاهب والعرقيات التى يموج بها العراق.
يتنافسون على 328 مقعدًا فى مجلس النواب العراقى منها 8 مقاعد للمكونات التى يتشكل منها الشعب العراقى وهى 5 مقاعد للمكون المسيحي، وثلاثة مقاعد توزع للمكونات الشبكى والأيزيدى والصابئى.
وعلى الرغم من العدد الكبير للقوائم الانتخابية وللمرشحين الذين سيخوضون المنافسة الانتخابية،إذ أصبح عدد القوائم التى ستخوض الانتخابات 107 قوائم تتوزع بواقع 36 ائتلافا سياسيا و71 كيانا سياسيا،إلا أن المؤشرات تذهب إلى أن المنافسة الحقيقية ستنحصر بين قوائم متعارف عليها تاريخيا مع وجود تمثيل جديد ولكن فى شكل محدود على الساحة البرلمانية العراقية.
وتكمن أهمية تلك الانتخابات فى عدد من الأمور وهى :
1) أنها تعد أول انتخابات تشريعية منذ انسحاب القوات الأمريكية أواخر 2011،كما أنها ستحدد مسار حكم ربما يختلف عن السنوات السابقة أما نحو تغيير حقيقى فى العملية السياسية أو ترسيخ عملية بنيت على أسس طائفية تحكمها مكونات العراق الرئيسية.
2) تتزامن مع تصاعد معدلات العنف إلى أعلى مستوياتها منذ الصراع الذى اجتاح العراق بين عامى 2006 و2008»
3) تأتى تلك الانتخابات بعد تصاعد حدة المواجهات بين الحكومة العراقية وعشائر محافظة الانبار والتى من المرجح أن يتكرر نفس السيناريو فى محافظات ومناطق أخرى بالعراق فى ظل استمرار حالة الاحتقان الطائفى بين السنة والشيعة، فى الوقت الذى اعتبر فيه نواب من الأنبار الحكومة العراقية أن تلك الأزمة مفتعلة من جانب حكومة الملكى فى هذا التوقيت بالذات لإحراج المرشحين فيها من المعارضين لسياستها وإضعافهم فى الانتخابات البرلمانية وهو ما انعكس بالفعل على خريطة التحالفات .
4) تصاعد حدة التوترات والصراعات والتغييرات الإقليمية فى المنطقة، ولا يمكن أن يكون العراق بمعزل عنها، إذ انه إما طرفاً فيها بصورة مباشر أو فاعلاً فيها بصورة غير مباشرة، ولعل ما يكسب تلك الانتخابات أهمية أنها ستحدد طبيعة توجهات السياسية الخارجية للعراق وبالتحديد مع جيرانه العرب، إذ تصاعدت حدة الخلافات بين الرياض وبغداد جراء التصريحات العدائية التى يطلقها نورى المالكى رئيس وزراء العراق اتجاه السعودية ومزاعمه أنها تقف وراء الجماعات المعارضة له فى العراق.إضافة إلى التباين فى كلا الموقفين بشأن الأزمة السورية.
كل تلك المحددات من شأنها أن تلقى بتبعاتها على عملية الانتخابات ونمط التحالفات، فكانت السمة السائدة فى تلك الانتخابات هو انفراط التحالفات الرئيسية فى العراق خاصةً التحالفات التى انبثقت عن انتخابات 2010، وأشير هنا إلى أبرز القوى السياسية التى ستتنافس فى هذه الانتخابات وهى: «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نورى المالكى والذى سينافس بقوة فى منطقة نفوذ تمتد على محافظات الجنوب والوسط خاصة كربلاء وبابل وبغداد، ويشارك ائتلاف دولة القانون ضمن تحالف مع منظمة بدر.
أما ثانى الكتل السياسية المؤثرة فى الانتخابات العراقية فهى «القائمة العراقية» التى كان يتزعمها إياد علاوى وقد انقسمت هى الأخرى إلى قوائم انتخابية عديدة أبرزها «قائمة متحدون للإصلاح» بزعامة رئيس البرلمان أسامة النجيفى أما التحالف الثالث الأبرز فى تلك الانتخابات والذى ظل متماسكا بعيدا عن الانقسامات التى حدثت فى الكتلتين الكبيرتين السابقتين فهو تحالف «الكتل الكردستانية» فقد ظل على حالة متماسكا عن غيره من القوى السياسية العراقية، محافظاً على أهداف و روابط قومية تحكم مشروعه السياسى،إلا أن هذا التحالف سيخوض هذه الانتخابات بقوائم منفصلة.
ويتضح مما سبق أنه لا تغيير فى الكتل السياسية العراقية التى ستشارك فى المنافسة على مقاعد البرلمان بل هى انتخابات جديدة فى صورة كتل قديمة اخفقت فى تحقيق الحد الأدنى لأمن المواطن العراقى بل عملت على ترسيخ الطائفية بين مكونات الشعب العربي