الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«المجلس» بيت المثقفين بكل انتماءاتهم.. و«الحظيرة» انتهت بغير رجعة




حوار – محمد خضير

«روز اليوسف» واجهت الدكتور سعيد توفيق أستاذ الفلسفة المعاصرة بكلية الآداب جامعة القاهرة، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة بالعديد من الاسئلة والاتهامات التى يطلقها البعض على اداء المجلس ومدى ما توصل اليه المجلس من تطور او نشاط ثقافى حقيقى على ارض الواقع.. وهل مازال مفهوم «حظيرة المثقفين» الذى يطلقه بعض المثقفين على بعض هيئات وقطاعات وزارة الثقافة؟ وهل يتم تشكيل اللجان حسب هوى شخصى وكل مقرر لجنة يجلب اصحابه دون النظر إلى إطار الابداع؟ وماذا عن ما يتردد ان جوائز الدولة تقدم حسب العلاقات الشخصية والاتصالات؟ والعديد من الاسئلة والاجابات فى الحوار التالى.


■ يرى البعض ان المجلس مازال لا يقدم الدور الحقيقى المطلوب منه فما تعليقك؟
- هؤلاء البعض هناك فئة من الناس ينطبق عليهم وصف طه حسين «لا يعملون ولا يريدون للآخرين ان يعملوا» وهؤلاء موجودون فى كل زمان ومكان وبشكل خاص فى المجتمع المصرى وفى اللحظة الراهنة وبصفة خاصة فى واقعنا المصرى، وفى اللحظة الراهنة التى ظهر فيها طفح وهذا الطفح الاخلاقى والثقافى وهو ميراث طويل يخرج عفنا حيث تجد أناسا تخصصوا فى الهجوم على كل من يبدع او ينتج، فى مقابل هؤلاء ارى كباراً من المثقفين يحيون المجلس على نشاطه الملحوظ والدءوب منذ فترة طويلة،فلا يوجد يوم يخلو من فاعلية حقيقية وانشطة فى المجلس ليس فقط فى القاهرة فقط بل امتد نشاطنا للمحافظات والاقاليم، وهو توجه جديد يتخذه المجلس اخرها توجهت الى حلايب وشلاتين فالمجلس يقوم بدور كبير ويدعم الفرق الشبابية والمسرحية ونقف بجانب الابداع ويقوم بدور على مستوى جوائز الدولة.
■ لكن كيف ترى الاتهامات والاعتراضات التى يقدمها البعض على اداء ودور المجلس؟
- مجمل الاتهامات والاعتراضات علينا تأتى من الفاشلين ومن اناس غير متحققين،حيث تجد احدا لا يكتب شعرا وفاشلا نجد انه يهاجم المجلس وامين عام المجلس شخصيا واخر لم يلتحق بلجان المجلس تجده يهاجم المجلس ليل نهار ويشن حملات على المجلس، فهؤلاء نعرفهم لانهم تربوا على هذا نتيجة طريقة الهجوم التى تأتى من فشل او عجز، لان المجتهد والمبدع تجده متفرغا لإبداعه ولا وقت لديه للهجوم بدون سبب.
 

■ لكن هناك اتهاماً بأنه يتم تشكيل لجان المجلس حسب هوى شخصى لكل مقرر لجنة يجلب اصحابه دون النظر الى إطار الابداع فما تعليقك؟
- إذا سألت مقررى اللجان هل الامين العام يتدخل فى الاختيارات الخاصة بأعضاء اللجان خاصة اننى وضعت ضوابط ومعايير للاختيار ولكن لا اتدخل فى الاختيار، ولكن وجدت ان احد الصحفيين يهاجم ويقول لا ضوابط ولا معايير فى الاختيار، وعندما تحدث معى قلت له لا يصح ان تقول انه لا ضوابط بل يمكن القول ان الضوابط غير موضوعية او يراها غير دقيقة، ولكن بطبيعة الحال لا تضمن ان تطبق معايير 100% وخاصة انك تكون فى حالة بحث عن آليات هنا وهناك واطر هذه الضوابط التى اتبعت فى تشكيل لجان المجلس بحيث تضم السيرة الذاتية الادبية او العلمية للشخص، وكذلك تمثيل الاجيال من الرواد والوسط والشباب، والثالث هو التمثيل الجغرافى بقدر الامكان حسب ظروف كل شخص وبقدر الامكان راعينا تطبيق هذه المعايير ولكن قد يتخلل بعض اللجان اختيار غير موفق او اخلال ببعض هذه المعايير ولكن لا يمكن ان يكون احد عضواً الى ما نهاية فى هذه اللجان.
 

■ من أهم الانتقادات التى توجه إلى المجلس، هى عدم تطبيق توصياته التى تخرج بها مؤتمراته؟
 - نسعى فى الوقت الحالى لأن تكون لجان المجلس بمثابة بيوت خبرة، ومؤسسات استشارية، تتفاعل مع قضايا الواقع والوطن، وقد اقترحت على الأعضاء أن يضعوا خطط عمل من أجل ذلك، لأنهم أساتذة يعملون بجدّية، على عكس من يروّجون الشائعات ولا يبدعون، ويريدون للآخرين أن ينشغلوا بها.

 ■ ولكن ألا ان ترى المنتقدين معهم بعض الحق، لأنّ عددًا من اللجان مُشكّل من عواجيز المثقفين؟
- لا بدّ من وجود العواجيز، وقد اقترحت على المقرّرين ثلاثة معايير لاختيار أعضاء اللجان، تتمثل فى: الكفاءة، تمثيل الأجيال، والتمثيل الجغرافى قدر الإمكان، ولا أعلم لماذا نستبعد كبار السن؟ هل نحن فى مباراة عضلية تتطلب اعتزال من تعدّى سن الأربعين؟ بالعكس.. فالخبرة مطلوبة، واستبعاد الكبار أمر معوجّ يفتقر إلى المنطق، ولا يكمن وراءه إلا الغرضية أو الجهل بطبيعة المجلس، أو مجرد «الشوشرة» المجانية، وهو أمر لا يصدر إلا عن الصغار كما قلت.

■ ولماذا لا يتم الدفع بشباب ومواهب جديدة لشباب وجيل جديد من المبدعين بلجان المجلس؟
- عضوية لجان المجلس ليست مغنما وانما هى عمل تطوعى وان مكافأة اجتماع اللجان هى 78 جنيها واللجنة تجتمع مرة فى الشهر وهى شيء هزيل جدا ولا يليق بالأعضاء وهناك بعض الكبار من الاعضاء يكتبون تنازلا عن المكافأة ولا يأخذون أى مكافأة عن أى جهد يقومون به ولكن الصغار تجدهم حريصين على عضوية المجلس لمجرد ان يكتب فى بطاقة تحقيق شخصيته انه عضو بالمجلس الأعلى للثقافة، ورغم ذلك نضم جيلا من الشباب وطبقنا هذا المعيار بشكل دقيق وموضوعى، وخاصة انك تجد اصرارا للمفلسين على التلذذ بالتعريض بالآخرين وتشويههم لأنه مفلس وهؤلاء لم يقدموا لك فكرة ولا اقتراحا ولو دعوته للمشاركة يتقاعس ويقبل المشاركات العربية لكى يقتانون من هذه الموائد.

■ ولكن البعض يرى ان اللجان ليس لها فاعلية او نشاط ملموس ولا يتفاعل معها أحد؟
- ليس صحيحا لان هناك انشطة عديدة قمنا بها فهناك لجنة خرجت وعمل نشاط بأسوان واخرى بالإسماعيلية ولجنه بمطروح ومناطق اخرى مثل الوادى الجديد،وكذلك لجنة ترأستها مؤخرا توجهنا لمدينتى حلايب وشلاتين بالبحر الاحمر واهدينا المدينتين مكتبتين، وقدمنا من خلال قرأه للواقع التعرف على المطالب الثقافية لإمكانيه خلق حالة من التنمية المستدامة فى المنطقة بحيث يشارك مركز ثقافة الطفل والحرف التراثية والفنون الشعبية ويفعل النشاط الثقافى بها اليس هذا نشاط ملموس؟

■ وماذا عن ما يتردد ان جوائز الدولة تقدم حسب العلاقات الشخصية والاتصالات ومازالت فى عهدها القديم؟
- أنا أظن اننى منذ أن توليت امانه المجلس وان الجوائز التى كانت مادة خصبة للقيل والقال وللانتقادات لم يحدث هذا خلال هذين العامين، وانها كانت مرضية الى حد كبير جدا،وخاصة اننى وضعت ولجنة مختصة من كبار المثقفين والمفكرين قمنا بعمل أول لائحة لجوائز المجلس لأنه لم تكن هناك لائحة للمجلس من قبل، وهذا ما جعل الجوائز الى حد ما تذهب الى مستحقيها، وبالتالى ان وجدت واحدا هنا او هناك ممن يرددون هذا الكلام والانتقاد فهم ينطبق عليهم وصف المفلسين، لأنه شخص قد يكون تقدم لجائزة ولم يحصل عليها فيهاجمنا، واذكر مثل لواحده من هؤلاء تشكوا باعتبارها اديبة ومن عدم حصولها على الجائزة ثم تكتب بخط يدها -واحتفظ بورقها- حيث تكتب ولا يوجد سطر واحد سليم من حيث النحو او الصياغة اللغوية والاملائية فى شكواها، ولو طلبت من طالب فى الاعدادية سيكتبه بشكل افضل وهؤلاء وهم من يهاجمون الجوائز حينما لا يحصلون عليها.

■ وماذا عن لائحة جوائز الدولة واطر اللائحة الجديدة؟
- الفكرة الاساسية هى ان يحكم الانتاج هم المتخصصين حيث قمنا بالتوسع فى لجان الفحص لكى يكون هناك 3 فى التخصص النوعى المرشح فيه الشخص لكى لا يحدث ما كان يحدث من قبل بان يتولى المجلس منفردا بالتصويت على المتقدمين ولكن يتم التقييم فى تخصص للعرض على لجنة موسعة ونضمن اليه فى الموضوعية فى الاختيار وترشيح  ضعف العدد المقرر لكل جائزة ويكون التصويت فى هذه الحالة على مستحقيه فى الحصول على الجائزة.

■ وماذا عن المسابقات التى يقدمها المجلس وشكوى العديد من المتقدمين لها؟
- بالنسبة للجوائز الأخرى بخلاف جوائز الدولة هناك جوائز تمنح فى بعض اللجان مثل القصة والفلسفة لها جوائز ينظر فيها المتخصصون فى اللجان المعنية وهناك مسابقات تابعة للمجلس تنشر ابداعات المواهب الادبية هناك لجان متخصصة تقيم الاعمال ولا اتدخل فى طبيعة عمل هذه اللجان ربما نعيد النظر فى اللجان بحيث يكون بها دماء جديدة ولكن لا اتدخل فى عمل اللجان نفسه.

■ يرى البعض ان لجنة الشعر التى يرأسها حجازى لا توجد فاعلية لها وهو ما يكرس مفهوم ان الشعراء لا يتغيرون فى مصر بالرغم من وجود شعراء افضل منهم بكثير؟
- هذا نتيجة الخطأ الاعلانى الموجود لان هناك اعداء لحجازى يطلقون شائعات ويصدقها البعض، خاصة ان لجنة الشعر لا يترأسها الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى وانما رئيسها هو الناقد المعروف الدكتور محمد عبدالمطلب -شفاه الله وعافاه- لأنه كان يقوم بدوره كمقرر للجنة الى ان مرض فى اللجنة الأخيرة.

■ وماذا قدمت خلال توليك رئاسة المجلس من قرارات حاسمه تجاه تطوير اداء بالمجلس تحدد مصيره؟
- قدمت اول لائحة للجوائز وقدمت مشروعا لإعادة هيكلة المجلس بتعديل قرار انشائه وهو مشروع انتهينا مه ولكمه يحتاج موافقة السيد رئيس الجمهورية لان قرار انشاء المجلس صدر بقرار جمهورى وبالتالى تعديله يكون بقرار جمهورى وهذا شيء يتعلق بالمجلس كبنية وهيكل يتم من خلالها تغيير فى المفهوم والسياسة وهذا بواسطة اعضاء المجلس الأعلى للثقافة والمثقفين والمفكرين الى ان تمت صياغته ورفعه لوزير الثقافة بدوره لتصعيده لصدور قرار جمهورى به من السيد رئيس الجمهورية، وكذلك نشرع فى انشاء صندوق لرعاية المثقفين وهذا مشروع بداته وتوقف ثم اعيد استكماله الان لكى يأخذ شكله النهائى ثم الآن اسعى لإعادة هيكلة الرقابة على المصنفات الفنية وهذه امور مهمه فضلا عن اننى فعلت دور مهمه اللجان بشكل ملحوظ الآن وليست مجرد ندوات تقام فى المجلس بل انشطة موجودة على الارض.

■ «حظيرة المثقفين» وصف يطلقه البعض على بعض هيئات وقطاعات وزارة الثقافة فكيف ترى مدى تطابق هذا المصطلح الآن؟
- هذا المصطلح كان رائجا فى عهد الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الاسبق بمعنى مفهوم بأن هناك مجموعة معينة تتعامل مع الوزارة للانتفاع منها فى حين ان هناك مثقفين مهمشين واغلبهم من القمم الكبيرة ترفض هذا المنطق من التعامل فكانت تحجم عن المشاركة، ولكن على الاقل انا ازعم ان المجلس الأعلى للثقافة لا توجد لدينا مثل هذا المصطلح على الاطلاق، بل المجلس ليس لديه مواقف وهذا بيت للمثقفين بكل انتماءاتهم، وربما احساس المثقفين بهذا الشعور هو الذى جعل ان البعض من من كان لا يتعاملوا مع وزارة الثقافة على الاطلاق بدأوا يأتون الى المجلس ويشاركون فى فاعلياته، وهذا شيء نعتز به.

■ كيف تقيم اداء النخبة من المثقفين والمفكرين فى مصر؟
- أرى ان دور النخب عموما فى مصر لم تتطلع بدورها على الحقيقة، وخاصة على المستوى السياسى فى ظل بعد الاحزاب عن الشارع وتمارس نفس النهج القديم وكان الشارع سابقا عليها وهذا ما حدث فى 30 يونيو كان يسبق الشارع النخب السياسية، وبالتالى النخب السياسية لم تكمن تتطلع بدورها، اما بالنسبة لنخب المثقفين فكان دورهم من الرموز الحقيقية وقادة ثورة المثقفين التى كانت فى طليعة الثورة المصرية فى 30 يونيو لرفض حكم اخونة وزارة الثقافة الذى سرعان ما تحول الى رفض نظام  حكم الاخوان نفسه.

■ سبق وان قدمت استقالت اعتراضا على ما قام به الوزير الاخوانى علاء عبدالعزيز فماذا قدمت بعد ان عدت لرئاسة المجلس من المساهمة فى القضاء على اخونه الثقافة؟
- بالطبع تقدمت مرتين باستقالتى فى الاولى رفضها وفى المرة الثانية قدمتها مقبولة ومسببه وغادرت مكتبى، اما الاخوان فهم موجودين للأسف الشديد فى كل اجهزة الدولة، وهم لهم نهج واحد اذا كان بعضهم يمارس العنف فى الشارع فان من يشغلون وظائف يسعون من خلالها لإفشال المؤسسات ولذلك يجب ابعادهم ليس عزلهم وانما لا يتحكموا فى مناصب قيادية او ماليه او ما شابه ذلك، وانا اجتهدت  بقدر الامكان فى التخلص من البعض ولكن لازال هناك بعض اخر يجب التخلص منه بمعنى لا يطلع بدور يهدد المؤسسة لان هذا هدف متخف ومستتر،وبالتالى يجب على الدولة كما اعلنت الحرب على الارهاب ان تضع هذه المسألة بالاعتبار وتأخذها مأخذ الجد.

■ هل اصبح الفساد ثقافة سائدة فى الوسط الثقافى نفسه والمجتمع ككل؟
- لا استطيع ان اقول هناك فساد سائد بل الذى حدث هو ان بعد ثورتين الاولى تم امتطاها وركبها الاخوان حتى وصلوا للحكم، ولكن الشباب القائمون تطلع أى السلطة والاحزاب مارست دورا شبيها، وبالتالى حالة الفوضى التى عمت ادت الى حدوث هذا الطفح والفساد المكرس عبر زمن طويل هو الذى طفح واصبح مرئيا، واصبح بعض من يحسبون انفسهم على الابداع ان ينتقدوا هذا وذاك بحجة انه ليس هناك رقيب، وان الكل يتحدث وتجد المفكر الاستراتيجى واصبح لكل اعلامى مفكر ومحلل ويلقى عليه آراءه وأفكاره وهكذا وينتقم هذا من هذا وهذه هى حالة من الفوضى التى أظهرت الفساد الذى كان كامن، ولذلك واقول ان الثورة المصرية لم تتحقق حتى الآن ولكن لكى تتحقق لابد ان يحدث تغيير حقيقى فى بنية التفكير نفسها وفى منظومة القيم نفسها وعلاقة مؤسسات الدولة بالشعب وفى السعى نحو تحقيق مبادئ الثورة على الارض الى ان يحدث ذلك نقول ان الثورة لم تتحقق بعد.