الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إيران وباكستان والتشعبات داخل المجتمع الأفغانى




كتب - إسلام عبدالكريم


لايمكن فصل ملف «الجوار» عن الأحداث التى تشهدها الساحة الأفغانية، وعند الحديث عن دول الجوار لا يمكن التحدث غير عن دولتين رئيسيتين، وكليتهما يمتلك الرادع النووى، وهما إيران وباكستان، مع الوضع فى الحسبان الموقف الدولى لكل منهما وأسلحة الردع التقليدية التى تمتلكها، فمثلا برغم كون «باكستان» دولة تمتلك السلاح النووى، إلا أنها تتعرض لانتهاكات جوية بين الحين والآخر من القوات الأمريكية، وهو ما لا يحدث مع الجارة الثانية إيران.
بادئ ذى بدء، يجدر الحديث عن العلاقات الإيرانية الأفغانية، فقد اتسمت تلك العلاقات صعودًا وتدهورًا وفقا للأحداث العالمية.
تعود العلاقات الإيرانية الأفغانية، بحكم الجوار والمصالح المشتركة، إلى فترات طويلة ماضية، والفصل الأهم بها كان مع بدء الاحتلال السوفييتى لأفغانستان، حيث كانت إيران طرفًا أساسيًا فى دعم الجهاد الأفغانى ضد القوات السوفييتية، واستمر ذلك الدعم حتى تم انسحاب تلك القوات فى فبراير عام 1989، غير أن استبعاد حلفاء إيران من ترتيبات الحكم فى أفغانستان أدى إلى غضب طهران.
ولم تكن العلاقات بين إيران وطالبان ذات طبيعة ودية وإنما كانت ذات طبيعة عدائية منذ البداية، حتى إن الأمر كاد يصل إلى حد نشوب حرب بينهما فى عام1998، يشار إلى قيام طالبان فى عام 1997 بإغلاق السفارة الإيرانية وطرد العاملين منها متهمة إيران بالتدخل فى الشئون الداخلية الأفغانية.
ومن جانبها ترى إيران أن «طالبان» خصم أيديولوجى أقام نظاما قويا أساء للإسلام، ولم تكن راضية عن تعصب طالبان وقمعهم. واعتبرته نظامًا غير ودى مما زاد من مخاوفها.
أما بعد11 سبتمبر أخذت العلاقات الإيرانية الأفغانية صورة جديدة، الأمر الذى تمثل فى عدة أمور منها عدم اتخاذ موقف سلبى تجاه الحملة الأمريكية على الإرهاب فى أفغانستان، فطهران من ناحية ترغب فى التخلص من نظام طالبان، ومن ناحية أخرى فإنها تخشى من استمرار الوجود العسكرى الأمريكى سواء فى أفغانستان أو الدول المجاورة لها فى الشمال، ويحذر العديد من الباحثين من تنامى النفوذ الإيرانى فى أفغانستان، ويرون أن إيران لديها هدفان، الأول يكمن فى خلق الحواجز أمام الدول الغربية، والثانى يسعى لبناء أسس لنفوذها من خلال إنشاء جامعات ومعاهد دينية ومحطات إعلامية موالية لها لنشر المذهب الشيعي.
ويتهم العديد من السياسيين الأفغان إيران بدعم المتمردين فى أفغانستان بهدف تقويض استقرار البلاد، خاصة قبيل جولة الانتخابات الحالية. حيث أكد مسئول أفغانى وجود أدلة حول حصول المتمردين على أسلحة من إيران وقيام القوات الأمنية باعتقال بعضهم عند الحدود.
وينظر صانعو القرار الإيرانى تجاه أفغانستان بأنها منطقة نفوذ اقتصادى لنشر نفوذها من ناحية ولجعل أفغانستان معبر برى لنقل البضائع الإيرانية لبقية مناطق آسيا الوسطى من ناحية أخرى.
ويحاول الإيرانييون جاهدين نشر المذهب الشيعى فى أنحاء العالم الإسلامي، وفى أفغانستان بالأخص، كونها على مقربة منها وتتركز بها قوات أمريكية وغربية، لبسط نفوذها وهيمنتها الإقليمية.
على الجانب الشرقى لأفغانستان، تحدها باكستان، تلك الدولة التى يربط بينهما العديد من العوامل، لعل أبرزها القبائل وبالأخص «البيشتو» كما أن هناك علاقات تجارية كبيرة وهناك تداخل عميق وواسع بين البلدين عرقيا ومذهبيا وجغرافيا وتاريخيا أيضا، لكن هناك عوامل أكبر للخلاف، فأفغانستان على مدى التاريخ كانت ترى نفسها ضامنة للوجود الإسلامى فى جنوب ووسط آسيا لكونها ساعدت فى نشره فى الماضي.
وتمثل باكستان معبرا لأكثر من 80% من الدعم اللوجيستى للقوات الغربية فى أفغانستان، وهو ما أثر سلبا على علاقتها مع الجارة المحتلة، وهو الأمر الذى عزز حركة «طالبان». وشهد العلاقات بين البلدين توترا ملحوظا، وذلك بعد عدة هجمات شنتها القوات الباكستانية ضد عناصر مسلحة على الحدود بينهما.
والتوجه الباكستانى تجاه أفغانستان خلال تلك المرحلة محكوما بالتواجد الأمريكي، إذا تخشى باكستان من التورط بشكل أو بآخر فى صدامات مع قوات الناتو والقوات الأمريكية المتواجدة فى الأراضى الأفغانية، خاصة أن أجواءها الجوية منتهكة بين الحين والآخر جراء استهداف عناصر لطالبان.
الموقف الباكستانى يختلف عن الإيرانى داخل أفغانستان، إذ أن باكستان متورطة فى الأمر بشكل أو بآخر نظر للقبائل المنتشرة على الحدود، ونظر للتعاون الاقتصادى بين البلدين، لتنافسهما الاقليمي، وتاريخهما المشترك، أما إيران فهى تسعى جاهدة لخلق وضع يلائم مصلحتها فى بسط نفوذها على الأقليم.