الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أفغانستان.. بلاد الأفيون والليثيوم




كتب -  السيد الشورى


تعد أفغانستان واحدة من أفقر دول العالم من الناحية الاقتصادية ورغم ذلك فهى تحتل  المرتبة  الاولى  فى العالم فى انتاج  الأفيون ، حيث تم فى العام الماضى فقط تخصيص حوالى 209 آلاف هكتار لإنتاج مختلف أنواع الأفيون. وبذلك فإن نسبة 90% من الأفيون فى العالم مصدره من أفغانستان وفى تقرير  لمكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة «يو إن أو دى سي» افاد ان  اعتماد أفغانستان على الأفيون تراجع عن العام الماضى لكنه لا يزال يبلغ 10% من الناتج المحلى الإجمالي.
وتقدر قيمة صادرات منتجات الأفيون من البلاد بنحو 9.1 مليار دولار وتعد أفغانستان أكبر منتج للأفيون فى العالم مع قدوم نحو 90% من مواد الأفيون فى العالم من تلك الدولة التى تمزقها الحرب على الرغم من برامج الإبادة لتلك التجارة  والتمويلات الدولية لجذب المزارعين لزراعة محاصيل نقدية أخرى.
وبالنسبة للمزارعين الأفغان فإن زراعة الأفيون والأموال التى تدرها مغرية جدا، حيث يبلغ سعر الكيلوجرام حوالى 150 دولاراً. وهو الأمر الذى أدى إلى فشل عدة استراتيجيات لمحاربة هذه الآفة، من بينها تدعيم المزارعين للاستغناء عن زراعة الأفيون وتعويض ذلك بزراعة القطن وبعض المحاصيل الأخرى.
وأكد تقرير صادر عن  الأمم المتحدة أن حوالى نصف الخشاش الذى تمت زراعته فى أفغانستان خلال العام الماضى كان فى ولاية «هلمند» جنوب البلاد. وهى منطقة تخضع لسيطرة طالبان. وتحاول الحكومة المحلية هناك، تدمير حقول الأفيون لكن دون جدوى وذلك بسبب الاستفادة الكبيرة لحركة  طالبان والقاعدة من زراعة وتجارة المخدرات، حيث يجب على المزارعين دفع إتاوات لهم نظير حماية محاصيلهم وهو المال الذى يستعمله التنظيم فى تمرده ضد الحكومة المركزية فى كابول.
 ولم يعد الأمر قاصرًا  فقط على الإنتاج والتصدير بل يشمل أيضاً الاستهلاك الداخلى على نطاق واسع. وحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن حوالى مليون ونصف المليون شخص أفغانى مدمنون للمخدرات، من بينهم 300 ألف طفل.
وعلى صعيد الثروات المعدنية تعد أفغانستان من الدول غير المصنفة ضمن الدول التى تملك أى ثروات طبيعية رغم أن أراضيها تضم وفرة من الموارد غير المستغلة منها النفط والغاز وخامات النحاس والذهب والحديد ومعادن أخرى، إضافة إلى الأحجار الكريمة.
وذكرت  تقارير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية  فى وقت سابق إن علماء جيولوجيين وممثلى وزارة الدفاع الأمريكية اكتشفوا مكامن للثروات المعدنية فى أفغانستان تقدر قيمتها الأولية بتريليون دولار. وقالت الصحيفة إن هذا الاكتشاف الذى يشمل رواسب الحديد والنحاس والكوبالت والذهب والليثيوم سيغير بشكل جذرى الاقتصاد الأفغانى وحالةَ الحروب التى تعيشها البلاد. ونقلت الصحيفة عن دوائر سياسية فى الولايات المتحدة أن أفغانستان قد تتحول إلى مركز رئيسى لانتاج هذه الخامات فى العالم.
وفى أعقاب ذلك أعدت أفغانستان خرائط تظهرالعديد من  الرواسب للعناصر الأرضية النادرة التى يمكن أن تعزز الأمل فى أن يحقق هذا البلد الذى مزقته الحرب السلام والازدهار.
وتشير تقديرات الوكالات الأمريكية إلى أن قيمة رواسب أفغانستان المعدنية تصل إلى حدود التريليون دولار، بل وصفت مذكرة سرية فى البنتاجون أفغانستان بـ«النسخة السعودية من حيث وفرة الليثيوم» صحيح أن الليثيوم لا يُعتبر عنصراً أرضياً نادراً من الناحية العملية، لكنه يحقق عدداً من الأهداف نفسها.
إن غنى أفغانستان بالمعادن ليس معلومة جديدة بالضرورة، إذ رصد السوفيات رواسب معدنية فى أفغانستان خلال حقبة الاحتلال التى دامت عشر سنوات، لكن الخبر الجديد يتعلق بدقة المعلومات المرتبطة بالمعادن وحجمها. استعملت فى أفغانستان تقنيات تعرف باسم «بيانات طيفية واسعة النطاق» (تكنولوجيا عالية الدقة تستعملها الطائرات التى تسمح للخبراء العسكريين والجيولوجيين الأميركيين باختراق أفغانستان ورسم صورة عن ثروتها المعدنية الهائلة) و تكشف تلك الخرائط أن أفغانستان قد «تصبح رائدة عالمية فى قطاع المعادن».
 وثمة مجموعة أخرى من العوامل المتوافرة اليوم وهى لم تكن موجودة خلال الحقبة السوفياتية يرتفع الطلب على العناصر الأرضية النادرة وقد تتمكن ثروة أفغانستان المعدنية من المساهمة فى إعادة التماسك إلى البلد بعد عقود من الحرب. لكن توافر ثروة معدنية لا يعنى بكل بساطة أن أفغانستان ستحرص على استغلالها سريعاً، وتبقى التحديات كثيرة.