الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

علماء الأزهر يرفضون برامج «السخرية» ويطالبون بوقفها




كتبت - ناهد سعد


تحولت البرامج السياسية الساخرة فى العالم العربى إلى فضاء جديد لمناقشة قضايا الرأى العام بشكل مختلف. وأمام اهتمام الجمهور العربى بها صارت تشكل قوة ضغط، الا انه مؤخرًا ظهرت برامج تعتمد اعتمادًا كليًا على السخرية من الاوضاع السياسية والاجتماعية التى نمر بها فى الوقت الراهن ولكى تكسب تلك البرامج أكبر أرضية جماهيرية بين المشاهدين اعتمدت على استخدام الايحاءات الجنسية والافراط فيها، بل كادت تذكر بشكل صريح.. الامر الذى دعانا للبحث فى مدى اتفاق تلك النوعية من البرامج مع عقيدتنا وملاءمتها لمجتمعنا الاسلامى وشريعتنا.


ففى البداية ترفض د. آمنة نصير استاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الازهر تلك النوعية من البرامج قائلة: إنها ظاهرة جديدة ارتبط ظهورها بمرحلة الربيع العربى، والتى لا يستبعد ان تكون صناعة غربية لزيادة تفتيت المجتمع وهدم أركانه ومبادئه التى من اهمها الاحتشام.


وأضافت: إن هامش الحرية اتسع فى بعض الدول العربية بعد تلك الموجة من الثورات سمح بظهور مثل هذه البرامج. بعضها ينتقد الساسة «باحتشام» وبعضها يتعرض لسياسيين ولناقدين بشكل جارح ليس فيه من الفكاهة والترفيه فى شىء بل انه يعتمد على الالفاظ الخارجة لعمل دعاية كاذبة لنفسه.. ويخلخل الاسس الاسرية، بحيث يكون الاب جالسًا مع أبنائه وبناته ويسمع تلك الالفاظ والايحاءات ويضحكون عليها كأنها شىء عادى مما يكسر خجل الأولاد من أبويهم ويغرس فيهم بشكل غير مباشر قيمًا جديدة بدعوى الحرية فى التعبير ان يتم استخدام تلك الالفاظ فى الحياة اليومية وهذا هوالخطر الشديد او كما يقولون (السم فى العسل).. وعلى العكس نجد ان مقدم ذلك البرنامج يكتسب شعبية كبيرة من خلاله، ليس فى مصر فقط وإنما فى العالم العربي، خاصة عندما يبرع فى السخرية من الرموز المصرية وقياداته الحقيقية وهو الامر غير المقبول ويعتبر سلاح هدم للمجتمع والجيل الجديد من الشباب.


كذلك يرفض د. سعد الدين الهلالى رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الازهر تلك النوعية من البرامج موضحًا ان هناك فرقا بين الانتقاد والسخرية الحاقدة الهدامة مضيفًا: إنه يجب أن يركز الإعلام على الأخطاء السياسية وليست السخرية من الأشخاص، مؤكدًا أنه يجب التحقيق مع أى إعلامى لان ذلك يمثل إهانة للدولة خاصة أن الحلقات تتضمن ألفاظًا خارجة وإيحاءات جنسية لا تتلاءم مع مجتمعنا وأضاف أن مصر تحتاج إلى وزير إعلام قوى وميثاق الشرف الإعلامى ينظم قواعد البث ونوعية البرامج المقدمة ومضمونها بحيث لا تكون أداة لانحراف أبنائنا بدلًا من توجيههم..


وقال الهلالى السخرية بشكل عام مرفوضة فى الاسلام فنهى الله تعالى المؤمنين عن السخرية من الآخرين مهما كانت صفاتهم وأوضاعهم، فلعل من يسخر منه وينظر إليه نظرة احتقار واستخفاف خير واحب إلى الله من الساخر الذى يعتقد بنفسه الكمال لقوله تعالى (يا ايها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خير منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خير منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابذوا بالالقاب بئس لاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون).


وفى نفس السياق قال د. جمال النجار الاستاذ بكلية الاعلام جامعة الازهر: إن النقد الاعلامى له وظائف متعددة واهداف وفلسفة وجميع القنوات سواء كانت ارضية أو فضائية له فلسفة ورؤية فى كل ما تقدمه على شاشاتها كما أن النقد الإعلامى هو ضمير الشعوب وصوتها وحتى يؤدى الاعلام النقدى وظائفه لابد ان يعلم الناس من خلال ضمير اعلامى حقيقية الاحداث من خلال تثقيف وتنوير والترويج الراقى وليس المسف وتقديم خدمات تعليمية وليس التعليم بمفهومه الواسع وتقديم مهارات وثقافات وتعديل الاتجاهات إلى اتجاهات صحيحة تبرز حقائق ينطلق منها النقد كما لابد أن يكون النقد حياديًا وموضوعيًا وأنا ضد السخرية بمعناها ودلالتها التى نعلمها جميعا ولكن مع النقد الذى له دلالة ومحتوى تثقيفى ولكن السخرية المبنية على أسس التجريح واستخدام الالفاظ البذيئة والايحاءات الجنسية شىء نرفضه ومجال النقد مفتوح لكل ما يصدر عن وزراء مصر.. ولكن لا دون التجريح  أو استخدام الالفاظ الجنسية لزيادة نسبة المشاهدة خاصة فى وسط المراهقين والشباب.. لأن تلك البرامج تذاع فى التليفزيون الذى يشاهده جميع الاسرة بما فيها النشء صغار السن لذلك فذلك النمط مرفوض تماما.


بينما يوضح د. أحمد كريمة ان السخرية بتلك البرامج هى من صناعة ابليس وان مادة السخرية لا تنبعث إلا من نفس ملوثة بجراثيم التكبر، فهى تعمل على إيذاء من حولها بدافع الشعور بالفوقية المتغلغلة فى أعماقها المريضة. لقد استهان إبليس بآدم وسخر منه قائلا «أنا خير منه» فباء بالخسارة والخذلان، ولو أنه أمعن النظر فى صفات آدم لأدرك أنه يمتاز عليه بصفات كثيرة، أوجدها الله تعالى فيه ليكون مخلوقًا متوازن الصفات والاستعدادات، لذلك فإن سخرية الإنسان من أخيه الإنسان معول فعال يسعى حثيثًا فى تهديم العلاقات الإنسانية، وتمزيق الاخوة الإيمانية شر ممزق، كذلك رفض الدين الحديث التلميح بالألفاظ القبيحة التى تخدش الحياء بين انسان واخر فما بالك ببرنامج كهذا يدخل جميع البيوت ويشاهده الاطفال وصغار السن، فيكون هنا على ولى الامر وزر ان يجعل ابناءه وأهل بيته يشاهدون تلك الالفاظ وهنا تكمن مسئوليته واشتراكه فى تلك الجريمة.. كذلك دور الدولة التى سمحت فى الاساس بأن تتم إذاعة ذلك البرنامج الخارج عن عاداتنا وتقاليدنا وديننا الاسلامى بدعوى الحرية فهى تتحمل جزءًا كبيرًا من وزر اذاعته للبرنامج.