الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أمنية الدمرداش تفتح بابا على مصر فى «الزمن الجميل»




كتبت-سوزى شكرى


 قد يكون معتاداً ان يستعيد فنان ذاكرته ومخزونه البصرى عن مصر زمان، أو ما نطلق عليه حالة الحنين إلى الماضى «نوستالجيا»، ويعبر الفنان عن تلك الفترة الثرية تشكيلياً وفنياً ويستخدم كل أدواته وتقنياته، لأنه عاش سنوات من عمره فى مصر الزمن الجميل بكل ما فيها من قيم واصالة وابداعات وتقاليد وعلاقات اجتماعية، ولكن غير المعتاد أن نجد فنانا يعبر عن مصر الزمن الجميل، وهو لم يعش هذه الفترة، وهنا قد يكون استعادة الزمن الجميل كرد فعل لحالة تعطش للزمن وصف «بالجميل»، وبحثاً عن الواقع المفقود ورفضاً لحالة الانفصال الاجتماعى، فهل يستطيع الفنان يستعيد مصر الزمن الجميل تشكيلياً ويسرد حكايات، ويصف جمالياته، هذا ما قدمته الفنانة التشكيلية الشابة أمنية الدمرداش ومعرضها الجديد «مصر الزمن الجميل» المقام بقاعة الفن بالزمالك.
ولأن العمل الفنى ليس بالضرورة  أن يكون تعبير أكاديمى ولكنه معادل تشكيلى برؤية فنان من هذا جاءت اللوحات التصويرية الزيتية للفنانة هى فنانة شابة تملك طاقه إنسانية ومسحة مرح وتفاؤل وانطلاقة وجرأة تشكيلية، هذه الجرأة قد تستغرق من الفنانين سنوات كثيرة حتى يبتعد عن الثوابت والمعايير، هذه الجرأة جعلتها تخوض تجربة فنية حداثية وهى التحرر من كل القواعد الفنية النمطية إلا قاعدة واحدة التزمت بها وهو الاتزان البصرى فى توزيع الالوان، ورغم عدم التزامها بوجود درجات متعددة للون الواحد، فإن استخدمها الالوان الصريحة الأصفر والأحمر والأزرق بتنوعيات بدت وكأنها درجات كثيرة، اللون مسيطر على الاحساس العام للوحات، ويبدو انها مارست قدراً كبيراً من السيطرة على الألوان وأخرجت من الالوان قوتها وطاقتها وشدتها للوصول لحالة تعبيرية جاءت بها من خلال شحنة انفعالية فى التعبير بالفرشاة بضربات غليظة وعريضة وعفوية وسريعة وارتجالية تكيدا لفلسفتها.
من حيث الموضوعات اختارت الدمرداش بعض الصفات المميزة للزمن الجميل منها ارتداء الطربوش الاحمر الذى كان يعطى هيبة للرجال الزمن الجميل، جلسات القهاوى وشكل كراسى المقاهى، تلاحم البيوت المصرية وتماسكها كبناء معمارى».
هذا التلاحم البصرى من اهم ميزات لوحاتها وتعبيراً عن استعاده لروح الزمن الجميل وخاصة فى العلاقات الاجتماعية الاسرية وحاله الصداقة التى نفتقدها اليوم، كما اختارت عنصر «الباب» الذى وضعته فى بعض اللوحات وكأنه باب مرور والعودة إلى الزمن الجميل، وهنا اصبح الباب عنصرا رمزياً لمضمون فلسفى، لان الزمن لا يعود ولا يوجد باب مرور للعودة، وهذا هو الفن ان يستعيد بالخيال ولا يعيد الواقع.
من الجانب التشكيلى لم تفصل الفنانة فى التكوينات بين عناصر الموضوع والخلفية لاستكمال مضمون الترابط ، قدمت الفنانة البيوت المصرية متجاورة فى ترابط محكم بمعالجة هندسية وبتوزيع منتظم يوحى بالبعد الثالث للمشهد المكانى، مما اعطى إيحاء بالايقاعات الشكلية للبيوت، تكوينات اختزاليه مركبة بسيطة ولكنا عميقة تتداخل باسلوب تجريدى أكثر منه تعبيرى، كما استخدمت التقنيات الملمسية الخشنة، باتجاهات عديدة وبشكل أقرب إلى عجائن لونية ملمسية الخشونة فى الاسلوب الفنى أضافت إيحاء بتأثر وجود الماضى الجميل، وانه ترك اثر عميق فى نفوس من عاش الزمن الجميل ومن لم يعشه.
الدمرداش حاصلة على بكالوريس الفنون بالجامعة الامريكية درست الفن بأكاديمية الفنون الايطالية، واثقلت موهبتها بعده دورات فى التقنيات المعاصرة، وبحسب قولها: استوحيت الموضوع من مجموعة من الصور العائلية العتيقة من اوائل الى وسط القرن العشرين، وتحكى الصور ذكريات الماضى عبر أجيال متعاقبة.