الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

يوسف القعيد: أرفض مقولة «الصحافة مقبرة الأدباء»




كتبت – كريمان صالح


أقامت الجامعة الأمريكية بالقاهرة بالتعاون مع مؤسسة بايارد دودج، ولجنة كتاب القصة بالمجلس الأعلى للثقافة ندوة بعنوان «الأدب والصحافة» والجمع بين العملين الصحفى والأدبي، شارك بها الروائى يوسف القعيد، والكاتبة هالة البدرى رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، والشاعرة عزة بدر، والروائيان هيدرا جرجس وسمر نور، وأدار الندوة الدكتور حسين حمودة.
تدور الندوة حول كيف يمكن للأدب والصحافة الأندماج دون أن يتغول جانب على الآخر، وكيف يمكن أن يتميز الأديب فى الصحافة أوتنتصر الصحافة على الأديب، وهذا عن طريق التجارب الشخصية للكتاب والروائيين بتأمل أجيال مختلفة من الأدباء بدايتا من 1993 إلى وقتنا هذا، فى معالجة الإشكالية بين الأدب والصحافة، الواقع والخيال وهل يتعارض كلا من الآخر.
بدأ يوسف القعيد متأسفا على مكانة مصر الصحفية، بحصولها على المركز الثانى بقائمة عدم حرية الصحافة والحفاظ على حقوق الصحافيين وأرواحهم، بالتقرير الصادر فى الذكرى الـ13 لليوم العالمى لحرية الصحافة، مشيرا إلى أن ازدواجية الأدب والصحافة إشكالية قديمة، فلا يمكن أن تجد أديب لم يشترك فى الصحافة قبل أوبعد وأثناء كتابته، أما بالنسبة للمقولة الشهيرة بأن الصحافة مقبرة الأدباء لا أتفق معها فمن خلال تجربتى الشخصية الصحافة أفادتنى كثيرا فى مجال الأدب ومازلت أستفيد، كما أن الصحافة أشم بها رائحة الواقع الذى يفتقدها كتابات كثيرة من الأدب، فمع أول تجربة لى كتحقيق صحفى عن السيول التى دمرت قرية كرداسة الواقعة فى الجيزه تكلمت فيه عن مصر والشتاء ألا أنى فوجئت بنشره كعمود صحفى مع بعض الصور فى البداية لم أفهم هذا الأغتيال الواضح، ولكن بعد قرأته وجد أن هناك فرق كبير بين الكتابة الأدبية والكتابة الصحفية فى التركيز وقداسة الكلمة.
وقد علمتنى الصحافة التخلص من العاطفية والكلمات التراثية العتيقة، وأصبحت كلماتى شديدة التحديد، كما أرى أن العمل الصحفى هو الوظيفة المناسبة تماما للأديب، لأنها تعطيه الفرصة والوقت للاحتكاك بالعوالم والظروف والبيئة المختلفة فى بلده وخارجها، فبعملى الصحفى لم أعد اكتب من خيالى بل من الواقع.
وهناك تجربة اثنين من الأدباء الأول أحسان عبد القدوس والثانى فتحى غانم، والاثنين ينتميان لمؤسسة «روزاليوسف» ولكن لكل منهما طريق مختلف فى الدمج بين الصحافة والأدب، فالصحافة أفادت فتحى غانم فى الدمج بين الأسلوبين وأيضا الفصل بين حياته كأديب وكصحفى وأوضح ذلك بروايتين «الرجل الذى فقد ظله» و»زينب والعرش»، أما إحسان عبد القدوس فكان يكتب رواياته كما يكتب مقالاته، ولم ينج فى إيجاد الفاصل الحقيقى بين الكتابة الصحفية والكتابة الأدبية. وتحدثت هالة البدرى عن تجربتها مؤكدة أنه يمكن للأديب أن يتوازن تماما فى عمله مع الصحافة، ولكن بشرط ألا يكون فى منصب بالصحافة، فقد وفرت لى الصحافة الحرية فى الانطلاق والبحث ومنحتنى خبرة ووفرت لى فرصة السفر والتفاصيل والمعلومات، وهو ما تكامل مع اهتمامى كأديبة بالبيئة والشخصية ودواخلها.
كما تختلف تمام نظرة ووصف الأديب للصحفى الذى عاش التجربة، أردت توضيح ما يعيشه الصحفى من ظروف وصعوبات خصوصا المرأه الصحفية وسط أجواء ملتهبة وطرح فكرة الأدماج بين المرأه الصحفية والزوجه والأم خصوصا إذا كانت ترتبط بطفل رضيع وجمعت كل ذلك من خلال شخصية فى كتابى الأخير.
وتحدثت البدرى عن لقائها بصلاح حافظ وفتحى غانم وتعلمها منهما، ثم انتقالها لمجلة «الإذاعة والتليفزيون» حيث كان الأديب الراحل خيرى شلبى ينبهها دائما إلى الحد الفاصل بين الأديب والصحفي، وينبهها إلى عدم الانسياق وراء الخبر السريع، وأنها يجب أن تهتم أكثر بالبحث العميق وراء الخبر لأنه يمثل رصيدا من الخبرة يساعد فى المجال الأدبى أيضا.
ومن جانبها قالت عزة بدر أن الكلمة الجميلة هى مدخل للكلمة الصحفية، ورسم الأشخاص والوصف واللعب بالكلمات لتوصيل المعلومات فى المقالات، كما توجهت فى الدكتوراه بدراسات 30 مجلة من 1953- 1983 لتكوين بنوراما للمجلات الفكرية والأدبية، واستوقفنى تعبير للدكتور على شلبى يقول: «يرتبط الأدب العربى وتطوره بالصحافة من خلال مجلات الأدبية على وجه الخصوص وتعرف على التكوين الحقيقى الأولى والبسيط لجملة الأطوار الأدبية الذى يتألف منها الأدب العربى المعاصر فى  أطوار تشكله ونموه اسبوعا بعد اسبوع وشهرا بعد شهر،  والمجلات الأدبية والمأتن عليها كما يمكن تتبع الأدب واشكاله وما ارتبط بروح العصر تفاعلا  مع الادب العالمى وكاشفا على المواهب الادبية  الجديده « على شلش\ فى كتاب التطور فى مجلات  الادب فى مصر ودورها فى الادب الحديث.
ومن جانبه قال هيدار جرجس: تعلمت الكثير من الصحافة لغويا، بالإضافة إلى ما اكتسبته من خبرة كالاحتكاك المباشر بقضايا المجتمع والتأثر به للكتابة الواقعية. وأوضح: أن العلاقة بين الأدب والصحافة ملتبسة جدا، فالصحافة ظلمت بالربط بينها وبين الأدب، فالصحافة وقتية متغيرة مرتبطة بآراء متعلقة بجوانب سياسية واجتماعية ودينية، بينما يبقى الأدب المكتوب والمطبوع مستمر ودائم باعتباره «فكر مطلق». ولا تجد سمر نور أن الصحافة تتعارض مع الأدب أبدا، فكلاهما يكمل الآخر، الخامة واحدة وهى الكلمة، قائلة: من خلال تجربتى الشخصية ساعدتنى الصحافة كثيرا بمعرفة المصادر والاختلاط بالشارع أكثر، فكل ما أقابله فى الشارع هو مادة خام يمكن تصويرها فى مجال الأدب أو الصحافة.
وتؤكد نور أن كل من الأدب والصحافة يمثل مدخلا للآخر، ولكن بالاحتفاظ بالمعاير والفواصل بين العملين.