الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

هجرة جماهيرية.. للدوريات العالمية




أحمد محمد جلبى

 

وجدت الجماهير الرياضية المصرية فى الفترة الأخيرة ضالتها وتعلقت بالدوريات الكروية العالمية.. وأشبعت من خلالها رغباتها فى البحث عن المتعة والتنقيب عن الجماليات والفنيات التى أفقدتها بشدة فيما يمارسه أبناؤنا من لعبة شبيهة بكرة القدم العالمية غير أنها تبتعد بمسافات قمرية عما يمارسه الأوروبيون ولم يعد غريبا أن نجد فئة يتنافسون هذا كتالونى يشجع البارسا وذاك مدريدى يدعم الريال الملكى وثالث انتقل إلى الكرة الإنجليزى وراء الفرعون المصرى محمد صلاح الذى احترف بتشيلسى، والرابع يساند ليفربول والخامس والسادس إما يعشقون فريقا بعينه كالمان يونايتد الذى يعانى بشدة هذا الموسم.. وكذلك الحال مع محبى الكرة الألمانية الذين يشجعون البايرن الذى يضم بين صفوفه نخبة من موهوبى لاعبى العالم بينهم الفرنسى والهولندى والبرازيلى بالإضافة إلى الركائز الأساسية الألمانية وأيضا نفس المنوال للكرة الإيطالية.
وإما يلتفون حول بعض المدربين من لهم كاريزما خاصة كمورينيو البرتغالى الذى أبهر العالم بمخايله الخاص التى يكتنفها بعض الغموض ويكسوها بعض الهياج والمجون.. أو جوارديولا الإسبانى الذى جذب أنظار العالم بذكائه ودهائه.. وحتى من هم أقل منهم جاذبية وشهرة أمثال أنشيلوتى الإيطالى الذى استلم الريال خلفا لمورينيو أو تاتامارتبييو الارجنتينى الذى احتل مقعد جوارديولا مؤقتا مع البارسا والذى لن يثبت فيه بسبب سوء النتائج وضعف العروض وخروج برشلونة من المولد البطولى بدون حتى قشر الحمص أو الأرجنتينى سيمونى الذى ارتقى سلم النجومية والشهرة بين المدربين العالميين وأبهر المجتمع الكروى العالمى بصعوده بأتليتيكو مدريد الى نهائى أوروبا على حساب أندية عريقة وعملاقة كالبارسا وتشيلسى.
هكذا أصبحت حال الجماهير الرياضية الكروية المصرية والتى هرعت إلى الكافيهات واكتظت حتى فى القهاوى التى تعرض وتبث المباريات العالمية مقابل مبالغ مالية قد ترهق العائلات المتوسطة والفقيرة، لا نملك إلا أن ندعو الله كى يستفيق المسئولون من حالة الغيبوبة التى يعيشونها لأن التغيرات والتحولات التى نراها ونتابعها فى ساحتنا المحلية فى كثير من المجالات تدعو للاستغراب، وأن ما يحدث فى الساحة الرياضية بشكل خاص يدفع الى الدهشة والعجب، فالأمور باتت لاتخضع للعقل والمنطق والنواميس الطبيعية بل دخلت فى دوائر الاختلال واللاعقلانية، فالأمثلة مختلفة وعديدة ومتنوعة فالعالم حولنا يخطط بشكل علمى مدروس لإقامة المنافسات الرياضية للحض على الروح الرياضية والأخلاق التنافسية والسعى لإفراز عناصر بطولية تفيد منتخباتها الوطنية لترفع من شأنها وقامتها فى المحافل الدولية، أما نحن فالتخطيط غائب، ولانسعى إليه بل العشوائية هى أهم سماتنا، مثلا كل بلاد العالم تبنى الأستادات وتقيم الملاعب لتذخر بالحياة والحراك والنشاط، أما نحن فى مصرنا الحبيبة النقيض تماما فتسود هذه الأماكن حالة من الكمون والسكون والركون وكأننا نهدر أموالنا هباء لينعق فيها البوم وتسكنها الغربان، ومثل أخير فى كل بلاد العالم جماهير الأندية تذهب لتشجع وتساند وتؤازر وتستمتع والدوريات الأوروبية التى تتابعها جماهيرنا لخير برهان، أما نحن نتهجم ونتلفظ بألفاظ نابية ومجرحة.
هذه هى الحقيقة المؤلمة التى تناولتها لو أننى تناولت هذا الكلام فى أى بلد فى العالم لاتهمونى بالجنون، لكنها والله هى حالتنا ومصيبتنا وخيبتنا أحاول أن أصفها وأعبر عنها لعل وعسى أن تجد صدى لدى المسئولين وأنا لمنتظرون !