الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الروحانيات .. بين الدين والعلم




د. زين عبد الهادى

يبدو أن القدر يدفعنى دفعاً للكتابة فى ثلاث قضايا أو مايعرف بالروحانيات، وماوراء النفس، والظواهر ماوراء الطبيعية، أولاً لأن هذه القضايا مهمة لعدد كبير من الناس الذين يملكون بعض القدرات غير الطبيعية التى لايستطيعون تفسيرها، وثانيا لأن الكثير من الناس يريدون الخروج من دائرة النقاش السياسى العارمة التى تجتاح العالم العربى منذ أربع سنوات، وثالثا للتخفيف من حدة التوتر العصبى الذى نعيشه جميعاً، ورابعاً وهو سبب شخصى أننى أكتب رواية الآن عن هذه المضامين، وهو ما يشجعنى بحكم المعلومات التى حصلت عليها على الاستمرار طويلاً فى الكتابة فى هذه المجالات.
حسناً دعونى أتحدث عن فن الروحانيات لأن المسألة عكس العلم وعكس الدين تماماً، إذ يقول المتخصصون فى الروحانيات أنهم لايلجأون للعلم أو الدين من أجل معرفة الله وإنما يسلكون طريقهم الخاص، واستعانتهم بالعلم أو الدين هى استعانة محدودة للغاية، وأن هدفهم الإجابة على ثلاثة اسئلة هى:
 من أين جاء الجنس البشرى؟
 ماذا نفعل كبشر على الكرة الأرضية؟
 السؤال الثالث والأخير هو إلى أين نحن ذاهبون؟
إن فن «الروحانيات» هدفه الكشف عن تلك الرحلة الأسطورية لهؤلاء الذين جاءوا من الخارج وسكنوا الداخل، ويقول الروحانيون: إن الروحانية هى فلسفة ذات خصائص دينية وعلمية، لأنها تقوم على الملاحظة للحقائق الروحانية، ويتحمل من يستخدمونها العواقب الروحية، وهى تضم 5 من المسلمات، مثل وجود الله، وخلود الروح، وتناسخ الأرواح، وإمكانية سريان الأرواح واتصالها، وتعدد العوالم المسكونة بالأرواح.
ويؤمن الروحانيون بأن كل عملهم يأتى عن طريق رصدهم للظواهر المادية الناتجة عن التعامل مع الأرواح، ويطرح الروحانيون كثيرا من الأفكار التى يمكننا أن نختلف ونتفق معها، ولا أريد الخوض فى عقيدتهم الروحانية، إلا أن لهم كثيرا من المريدين فى أنحاء العالم، وهم يؤمنون بمسألة تحضير الروح، حيث يعتبرون أن الكائن الحى لايفنى وإنما هو روح يمكن تحضيرها بسهولة والاتصال بها. كما يعتقدون بأن معظم معاناة البشر وآلامهم أتت من أفعال سيئة حدثت من قبل وأن سيادة الخير هى التى ستمحو هذه الآثام.
الوصول إلى الله سبحانه وتعالى يتم عبر العبادة واتباع الأوامر والنواهى التى وردت فى الكتب السماوية فى العقائد الدينية الثلاث، والعلم أيضا يهدف الوصول إلى الكمال الأعلى فى الإنسان وفى الطبيعة وقد يكشف ذلك عن الوصول إلى الله سبحانه وتعالى، أما أصحاب العقائد الروحانية فإنهم يعتقدون اعتقاداً جازماً فى وجود الله ويحاولون عبر مايقومون به من الاتصال بالأرواح الأخرى لتدلهم على الطريق، والحقيقة اننا سنجد ترديداً لهذه القضايا لدى ابن رشد على سبيل المثال الفيلسوف الإسلامى الذى عاش فى القرن الثانى عشر الميلادى فى قرطبة حيث يقول: « الروح منقسمة إلى قسمين اثنين: القسم الأول شخصى يتعلق بالشخص والقسم الثانى فيه من الإلهية ما فيه. وبما أن الروح الشخصية قابلة للفناء، فإن كل الناس على مستوى واحد يتقاسمون هذه الروح وروح إلهية مشابهة»!.
يقول الحديث الشريف «كل ميسر لما خلق له»، أما مسألة تحضير الأرواح فإنها من أهم المسائل التى يهتم فيها المؤمنون بالروحانية، ويأخذونها على محمل الجد، ولكنهم يحذرون من الاستخدام الخاطئ لهذه المسألة، وإلا فإن العقاب سيحل على من يقوم بذلك، وفى العدد المقبل سوف أعطى هذه المسألة مزيدا من التفاصيل.